أوكرانيا تنتخب رئيسها بعد خيبة آمالها في «الثورة البرتقالية»

توقع دورة ثانية.. ويانوكوفيتش الأوفر حظا يرفع شعار التغيير

عجوز أوكرانية تدلي بصوتها، بمساعدة موظفة انتخابية، في قرية تابعة لمنطقة دنيبروبيتروفسك الواقعة جنوب شرقي كييف أمس (إ.ب.أ)
TT

اقترع الناخبون الأوكرانيون، أمس، على مستقبل بلادهم بعد 5 سنوات من حكم رفاق «الثورة البرتقالية»، التي اعتبرها البعض مخيبة للآمال التي عقدوها عليها، فقد شهدت البلاد، أمس، خامسة انتخابات رئاسية منذ إعلان استقلالها عن الاتحاد السوفياتي عام 1991.

وعلى الرغم من كثرة عدد المرشحين في انتخابات أمس (18 متسابقا)، فإن المنافسة الحقيقية احتدمت بين فيكتور يانوكوفيتش، القريب من موسكو والذي يتقدم استطلاعات الرأي، ورئيسة الوزراء يوليا تيموشنكو، إحدى وجوه الثورة البرتقالية والتي تعد أقرب إلى أوروبا، على الرغم من نيتها تبني سياسة المهادنة مع روسيا، مع تراجع مواقع «وجه» الثورة البرتقالية، الرئيس المنتهية ولايته فيكتور يوشينكو، لكن أيا من هؤلاء لم يبدُ قادرا، حسب الاستطلاعات الأولية، على الفوز من الدورة الأولى، ما يمهد لدورة انتخابية ثانية في 7 فبراير (شباط) المقبل، وتوقع استطلاع للرأي، قام به معهد علم الاجتماع الدولي في كييف في بداية الشهر الحالي، فوز يانوكوفيتش بـ39% من الأصوات في الدورة الأولى، مقابل 23% لتيموشنكو.

وقد شهدت انتخابات، أمس، عددا من الوقائع، التي كان منها ما طال علاقات أوكرانيا مع جورجيا المجاورة، التي ارتبط بها يوشينكو بعلاقات صداقة وثيقة، بلغت حد دعمها عسكريا في حربها ضد روسيا في صيف عام 2008، الأمر الذي ساهم، إلى حد كبير، في تدهور شعبيته ومواقعه بعد فشل سياساته الخارجية والداخلية، ولا سيما فيما يتعلق منها بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأشارت المصادر الرسمية إلى اعتقال 3 من الصحافيين الجورجيين، ممن توافدوا على أوكرانيا لتغطية هذه الانتخابات، إلى جانب منع المراقبين الدوليين الجورجيين من القيام بعملهم في مقاطعة دونيتسك، معقل يانوكوفيتش المرشح الأوفر حظا في الفوز في هذه الانتخابات.

وقال يانوكوفيتش للصحافيين، بعد الإدلاء بصوته في مركز اقتراع بالعاصمة كييف، إن الشعب الأوكراني يريد التغيير من أجل الإصلاح، مؤكدا عدم جواز تدخل جورجيا في شؤون أوكرانيا الداخلية، أما تيموشنكو فقد شدت الرحال مع أفراد أسرتها وعدد كبير من فريقها الانتخابي إلى مدينة دنيبروبيتروفسك موطنها، الذي قالت إنه شهد سنوات صباها وبدء مسيرتها، وقالت تيموشنكو إن أوكرانيا تحدد مستقبلها، بينما اكتفى زميلها ورفيقها السابق يوشينكو بالإجابة على سؤال افتراضي حول برنامجه، في حال انتخابه رئيسا لفترة ولاية ثانية، بقوله إنه سيُنتخب من دون أي «إذا»، وعلق يوشينكو على وقائع احتجاز الصحافيين الجورجيين، الذين قال البعض إنهم تعرضوا للضرب من جانب أنصار يانوكوفيتش، إنه يأسف على محاولات توريط «الشعب الجورجي الحبيب»، وهو ما كان الجهاز الصحافي لتيموشنكو قد أشار إليه، مطالبا الأجهزة الأمنية لأوكرانيا بالقيام بواجبها من أجل حماية الصحافيين وفرض الأمن والاستقرار خلال العملية الانتخابية.

وقد سارعت الأجهزة الأمنية بالإفراج عن الصحافيين الجورجيين الـ3، مؤكدة أنهم يملكون حق التواجد داخل مراكز الاقتراع في إطار مهمتهم الصحافية.

أما يانوكوفيتش فقد أشار بهذا الصدد إلى أنه يدين محاولات التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لأوكرانيا، وأنه سيطلب من الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي استدعاء مراقبيه الجورجيين الذين لا أحد في بلاده يحتاج إليهم، وطالب يانوكوفيتش منافسه يوشينكو بالقيام بواجبه الدستوري، الذي يحتم عليه الدفاع عن حقوق الناخبين الأوكرانيين، وكان الجهاز الصحافي ليانوكوفيتش قد كشف عن وصول نحو 100 من الجورجيين إلى لوغانسك في شرقي أوكرانيا قادمين من دونيتسك.

وتجري هذه الانتخابات وسط تلاشي حماسة الأوكرانيين تجاه احتجاجات عام 2004، التي أوصلت يوشينكو إلى الرئاسة، وذلك بعد أن تحول المعسكر «البرتقالي» إلى التشاحن والصراع على السلطة، وفيما يظهر مدى خيبة الأمل التي يشعر بها الكثيرون، قالت ايرينا سيرجييفا (56 عاما) في أثناء الإدلاء بصوتها في كييف: «كنت أدلي بصوتي دائما، لذلك جئت اليوم وأدليت بصوتي مرة أخرى، لكني أشك في أن أي رئيس جديد يمكنه أن يغير شيئا».

ويقول محللون، إن من الضروري بالنسبة لأوكرانيا، التي تعتمد بشدة على روسيا في الحصول على أغلب احتياجاتها من الطاقة، أن تنتهج طريقا حصيفا في علاقاتها مع موسكو بعد العداء بين البلدين خلال عهد يوشينكو، وسيكون على المرشح الفائز أيضا أن يصلح اقتصادا متداعيا، وأن يسيطر على الأحوال المالية المنهارة للدولة التي تلقت دعما من برنامج مساعدات من صندوق النقد الدولي بقيمة 16.4 مليار دولار.

وسعى كل من يانوكوفيتش وتيموشنكو إلى تحقيق توازن في تصريحاتهما بخصوص روسيا، والحاجة إلى دمج البلاد مع باقي أوروبا، لكن تيموشنكو ذهبت لمدى أبعد بهدفها الطموح لضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي خلال 5 سنوات، وأثار يوشينكو غضب موسكو بآرائه المناهضة للروس، وقال إن كلا من يانوكوفيتش وتيموشنكو جزء من تحالف مؤيد للكرملين يمثل تهديدا على أوكرانيا.