انتشال 3 أحياء.. ومكالمة من تحت الأنقاض إلى ميامي أنجت صاحبتها

بان كي مون يصل هايتي ويحدد 3 أولويات للبلد المنكوب

فرق الإنقاذ تسعف امرأة أميركية عثر عليها حية تحت الأنقاض مع شخصين آخرين أمس بعد خمسة أيام على الزلزال في هايتي (رويترز)
TT

فيما تمكنت فرق الإنقاذ من انتشال ثلاثة أحياء من تحت الأنقاض في عاصمة هايتي، أمس، بعد خمسة أيام على الزلزال المدمر، وصل الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس، إلى بورت أوبرنس، وحدد ثلاث أولويات لمهمته.

وقبيل وصوله، تحدث بان كي مون لصحافيين عن ثلاث أولويات حددها في: إنقاذ أكبر عدد من الناس، والإسراع في تقديم المساعدة الإنسانية من مياه وغذاء وأدوية ضرورية، وتنسيق المساعدات الخارجية. وكان مقررا أن يلتقي بان كي مون الرئيس الهايتي، رينيه برافال، ليبحث معه في حاجات البلاد لمواجهة الكارثة التي حلت بها، ثم يزور مقر الأمم المتحدة الذي دمره الزلزال، مما أدى إلى مقتل 40 شخصا كانوا بداخله، إضافة إلى اعتبار 330 آخرين في عداد المفقودين.

وقبيل مغادرة نيويورك أمس وصف بان كي مون الزلزال بأنه «أخطر أزمة إنسانية منذ عقود». وقال للصحافيين الذين رافقوه «أغادر إلى هايتي بقلب حزين لأعرب عن تضامن الأمم المتحدة ودعمها الكامل للشعب الهايتي». وأكد الأمين العام أيضا أنه «كان يستعد للأسوأ» تعليقا على الثمن الباهظ الذي دفعه موظفو الأمم المتحدة جراء الزلزال، وتجلى خصوصا في الدمار الكامل الذي لحق بالمقر العام لبعثة المنظمة الدولية في هايتي.

ورغم بدء عدة دول إرسال المساعدات، فإن أعدادا كبيرة من الناجين والمتضررين لا يزالون بانتظار وصول الحاجيات الأساسية مثل الطعام والماء والدواء. فبعد خمسة أيام من الزلزال المدمر، لا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن ناجين أحياء تحت الأنقاض، فيما ينتظر مئات الآلاف من السكان، بيأس، المساعدات. لكن الصعوبات التي تواجه عمليات النقل والإمداد حالت دون وصول مواد إغاثة كبيرة للضحايا الذين يقيم كثير منهم في مخيمات مؤقتة في الشوارع، التي تناثر فيها الحطام والجثث المتحللة.

وفي ظل غياب واسع النطاق للسلطة انقض اللصوص على المخازن المنهارة في الشارع التجاري الرئيسي بمدينة بورت أوبرنس ونهبوا محتوياتها. واندلع قتال بين مجموعات اللصوص التي تحمل المدى والمطارق والحجارة. وخرج كثير من الهايتيين من المدينة راجلين يحملون حقائب السفر على رؤوسهم، أو تكدسوا في سيارات بالريف بحثا عن الطعام والمأوى وللفرار من توابع الزلزال والعنف في العاصمة. واحتشد عدد كبير آخر منهم في المطار أملا في ركوب الطائرات التي تقلع مكتظة بالركاب.

وفي شوارع العاصمة، حيث تطلق دوريات قليلة للشرطة النار في الهواء وقنابل الغاز المسيل للدموع بين الحين والآخر لمحاولة تفريق اللصوص، بدت عمليات توزيع المعونات عشوائية ومتسمة بالفوضى. وفي وسط المدينة، يمكن رؤية الشبان يحملون مسدسات.

وبعد خمسة أيام من الزلزال الذي بلغت قوته 7 درجات لا يزال السكان يشعرون بالتوابع كل بضع ساعات مما يصيب الناجين بالرعب ويجعل الأنقاض تتساقط من المباني. وتزايد الإحساس بالحاجة لتكثيف جهود الإنقاذ بعدما جرى انتشال ثلاثة أحياء أمس من تحت أنقاض سوبرماركت في بورت أوبرنس، واثنين آخرين أول من أمس.

فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جوزيف فرنانديز العضو في فريق إنقاذ أميركي قوله أمس إن «ثلاثة من الأحياء انتشلوا فجر اليوم (أمس) من تحت أنقاض سوبرماركت (كاريبيان ماركت)». والثلاثة مصابون بجروح طفيفة نسبيا، وهم: طفلة في السابعة ورجل في الرابعة والثلاثين وامرأة في الخمسين. وواصل رجال الإنقاذ الأتراك والأميركيون مساعيهم لانتشال رجل آخر كان لا يزال على قيد الحياة من تحت أنقاض السوبر ماركت. وبعث أيضا شخص محتجز تحت أنقاض فندق مونتانا إشارات تدل على أنه لا يزال حيا وتوجه عناصر الفريق الأميركي إلى مكانه لمحاولة الاتصال به.

وأول من أمس، عملت فرق الإنقاذ الأميركية طوال الليل لإخراج الناجين من متجر منهار حيث يحتمل أن يكون ما يصل إلى 100 شخص محاصرين داخله. وكان أعضاء الفريق على وشك التخلي عن العملية عندما تم إبلاغهم أن موظفة خزينة بالمتجر تمكنت من الاتصال بشخص في ميامي لتبلغه أنها ما زالت على قيد الحياة بالداخل.

ويضاف إلى هؤلاء 70 آخرون تم انتشالهم منذ وقوع الزلزال، من تحت أنقاض بورت أوبرنس، حيث تعمل نحو 43 فرقة إنقاذ دولية تضم 1739 عنصرا و161 كلبا. وقالت متحدثة باسم مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية، التابع للأمم المتحدة، إليزابيث بيرز، أمس «ما زال هناك أمل (في العثور على ناجين). الأحوال الجوية جيدة جدا. وهو أمر استثنائي والحمد لله».

وقال وزير الداخلية في هايتي أنطوني باين - إيمي إنه جرى جمع نحو 50 ألف جثة، وإن العدد النهائي للقتلى سيتراوح على الأرجح بين 100 ألف و200 ألف. والحكومة الهايتية الضعيفة ليست في موقف يمكنها من التعامل من الأزمة بمفردها. فالزلزال دمر القصر الرئاسي وقطع خطوط الاتصالات والطاقة. ويعيش الرئيس، رينيه بريفال، ويعمل من مقر الشرطة القضائية.

وطمأنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون شعب هايتي إلى أن الولايات المتحدة ستعمل مع حكومته لضمان أن تخرج البلاد «بشكل أقوى وأفضل» بعد الكارثة. وأرسلت عشرات الدول طائرات على متنها فرق إنقاذ وأطباء وخيام وغذاء ودواء وغير ذلك من الإمدادات لكنها واجهت اختناقات في مطار بورت أوبرنس الصغير. وقال الصليب الأحمر الأميركي إن مستشفيات ميدانية سعة كل منها 50 سريرا وأجهزة تنقية مياه وصلت على متن قافلة من الشاحنات مما يمكنها من بدء توزيع المياه والإسعافات الأولية في بورت أوبرنس.

وتولى الجيش الأميركي تسيير حركة المرور الجوي في بورت أوبرنس التي تعطلت بسبب الأضرار التي لحقت ببرج المطار بدعم من حاملة الطائرات «كارل فينسون» التي تعمل بالطاقة النووية والتي وصلت إلى هايتي يوم الجمعة. وتنقل طائرات الهليكوبتر التابعة لسلاح البحرية الماء والغذاء إلى الشاطئ، وتنقل كذلك المصابين إلى مستشفى ميداني قرب المطار.