باريس تخفف من حدة خلافها مع واشنطن حول المساعدات إلى هايتي

الاتحاد الأوروبي يبحث تنسيق مساعداته ومشروع مؤتمر إعادة الإعمار

TT

سعت فرنسا إلى التخفيف من الاحتقان بينها وبين الولايات المتحدة بشأن تنظيم المساعدات المرسلة إلى هايتي. وكان الخلاف بين الجانبين قد ظهر بعد تصريحات شكا فيها ألان جويانديه، وزير الدولة الفرنسي لشؤون التعاون الدولي، من منع القوات الأميركية التي تولت الإشراف على مطار العاصمة بورت أوبرنس، أكثر من مرة، طائرة فرنسية تحمل مستشفى ميدانيا من الهبوط. وقال جويانديه، الموجود في هايتي، إنه «قدم احتجاجا رسميا» عبر السفارة الأميركية في بورت أوبرنس وإن الدبلوماسية الفرنسية ستقوم بالشيء نفسه مع السفارة الأميركية لدى فرنسا. وأكد جويانديه أن وزير الخارجية برنار كوشنير «دعم» مبادرته.

غير أن الخارجية الفرنسية، عبر الناطق باسمها برنار فاليرو، عجلت في التخفيف من وقع هذه التصريحات وذلك بنفي وجود احتجاج رسمي وبتأكيد أن «التنسيق» الفرنسي - الأميركي للمساعدات «يتم على أفضل حال ممكن ضمن الظروف الصعبة والنتائج الكارثية التي تسبب فيها الزلزال». وذهب الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان أبعد من ذلك بتأكيده أن تسلم القوات الأميركية مسؤولية إدارة المطار وتنسيق المساعدات «أمر إيجابي». وأشار غيان إلى أن الوقت الراهن «ليس الزمن المناسب للتعبير عن التنافس» بين البلدين.

وحرصت الخارجية الفرنسية على التأكيد أنه لا تنسيق يتم بين الوزيرين برنار كوشنير وهيلاري كلينتون. وأمس، تحادث الوزيران مجددا هاتفيا لتقييم الوضع والبحث في الإجراءات الإضافية، وفق ما قالته الخارجية الفرنسية.

غير أن النفي الرسمي لا يخفي نوعا من «الحساسية» الفرنسية إزاء واشنطن التي أعلن رئيسها باراك أوباما في كلمة له في البيت الأبيض أول من أمس أن الولايات المتحدة تقوم بـ«أكبر عمليات الإغاثة في تاريخ» أميركا. ويبدو الشعور السائد في باريس أن واشنطن، بوسائلها الكبيرة وقربها الجغرافي، أرادت عمليا «مصادرة» الإغاثة في هايتي بينما تعتبر باريس أنها كانت «الأسرع» في التعبئة والبدء في إرسال المساعدات.

لكن واشنطن من جانبها لم تكن سعيدة، وفق تقارير أميركية، بمسارعة الرئيس ساركوزي إلى طرح فكرة عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار هايتي بينما يرى الجانب الأميركي أن التركيز يجب أن ينصب على توفير المساعدات وإيصالها إلى السكان والاهتمام بالجرحى والسيطرة على الفوضى. وكان ساركوزي وأوباما تحادثا هاتفيا واتفقا على تنسيق المساعدات. وأعرب الرئيس الفرنسي عن عزمه زيارة هايتي «في الأسابيع القادمة».

ويبدو أن الرئيس ساركوزي سارع إلى سحب البساط نحوه فلم ينسق مع أحد في موضوع فكرة المؤتمر الدولي بما في ذلك شركاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي. فقد أعلنت كاترين أشتون، منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد أنها علمت بالمبادرة الفرنسية «من الصحافة». وينتظر أن ينظر وزراء التنمية في الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم اليوم في بروكسل، بحضور أشتون، في كيفية تنسيق المساعدات الأوروبية والأرجح في موضوع المؤتمر. غير أن كوشنير استبق المؤتمر وأعلن أول من أمس عن أن المؤتمر الموعود «ربما يعقد في مارس (آذار)» القادم من غير تحديد المكان ولا الجهات التي ستدعى. وكانت أوساط الإليزيه أعلنت أن اتصالات تجري بين باريس وواشنطن وكندا والبرازيل للتحضير للمؤتمر.

في سياق مواز، أعلنت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد أنها ستحث الدول والهيئات الأعضاء في نادي باريس على إلغاء ما تبقى من الديون العامة المستحقة على هايتي كمبادرة لمساعدة هذا البلد وتخفيف الأعباء المالية عن كاهله باعتباره الأكثر فقرا في منطقة بحر الكاريبي وأميركا اللاتينية. من جانبها، قالت أشتون التي تستعد لزيارة الولايات المتحدة خلال أيام، إنها ستقوم بزيارة إلى هايتي ولكن في الوقت المناسب، وعندما سيكون في يدها شيء تستطيع أن تقدمه. وقالت أشتون إن الاتحاد الأوروبي سيعمل خلال الاجتماع الوزاري على دراسة خطط متوسطة وبعيدة المدى لمساعدة هايتي، «ونحن مستعدون للقيام بهذا الدور». وأشارت إلى أنها تباشر وبالتعاون مع الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي كل الخطوات، التي تجري حاليا ومستقبلا من جانب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمساعدة هايتي. ويتوجه المفوض الأوروبي لشؤون التنمية والمساعدات الإنسانية كارل دي غوشت بعد ظهر اليوم إلى العاصمة بورت أوبرنس، للوقوف على آثار الزلزال ومدى حاجة السكان للمساعدة.

في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، أمس، إن بلاده مستعدة لإلغاء دين هايتي في إطار جهودها الموسعة لمساعدة هذا البلد الذي دمره الزلزال. وتبلغ قيمة ديون هايتي لإيطاليا نحو 40 مليون يورو (57 مليون دولار).

وأضاف فراتيني أن إيطاليا تعهدت بالفعل بتقديم خمسة ملايين يورو في شكل مساعدة مباشرة كإجراء إغاثة أولي. وقال إن إلغاء دين هايتي سيكون خطوة أخرى تجاه مساعدة هايتي في إعادة الإعمار.