نقد.. المعارض العنيد

عاش معظم سنوات رئاسته لحزبه متخفيا عن أنظار الأمن

TT

يعتبر محمد إبراهيم نقد، زعيم الحزب الشيوعي السوداني، الذي رشحه الحزب المعارض للمنافسة على منصب رئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة، واحدا من القيادات المخضرمة في الحزب، وقد ظل سكرتيرا عاما للحزب منذ أكثر من 40 عاما، أمضى أغلب هذه السنوات متخفيا عن أنظار الحكومات العسكرية التي مرت على السودان.

ونقد، الذي يبلغ من العمر 73 عاما، اختفى خلال حكم الفريق إبراهيم عبود العسكري 1958 - 1964، ثم اختفى في عهد حكم جعفر نميري، العهد المعروف بالعهد «المايوي» من 1969 - 1985، واختفى عن أنظار جهاز أمن الرئيس عمر البشير في العام 1994 إلى أن ظهر في العام 2005 في ملابسات حسبها الحزب الشيوعي من صالحه فيما رأى جهاز الأمن أن ظهور نقد انتصار له.

وينتمي نقد إلى أسرة تمتهن الزراعة في منطقة «القطينة» جنوب الخرطوم، ويقول مقربون منه إنه كتب الكثير من الأفكار «التجديدية» للحزب الشيوعي، مشروعات النقد الذاتي للحزب خلال سنوات تخفيه عن النظم العسكرية في البلاد، ويحكي الشارع السوداني على طريقة «الأساطير» قصصا حول ظهور نقد واختفائه، فيما يقول نقد إنه خلال سنوات الاختفاء كان يمارس حياته بشكل عادي، يقرأ ويكتب ويتجول في الشوارع.

ويروي نقد أن «التخفي ليس نزهة، ولا مغامرة، ولا مزاج، فهو قرار سياسي، لأنه نتاج لواقع سياسي، ففي الحكم «النوفمبري» (1958 – 1964)، أي عهد الفريق إبراهيم عبود، كان وضع السودان مختلفا، وعندما أعلن النظام «النوفمبري» حل الأحزاب وظهر النشاط السياسي، وكنا وقتها شبابا، وكانت العاصمة محدودة العدد والسكان، حيث كان تعدادها ما بين 150 و300 ألف نسمة، وكانت الأمور أسهل وخالية من المطاردات أو المحاذير بنوعيها. أما في العهد «المايوي»، أي عهد اللواء جعفر نميري، فقد أنشئ جهاز الأمن والأجهزة السياسية كالاتحاد الاشتراكي ومنظمات أخرى، وكنا معروفين، اسما وملامح، ولذلك كانت درجة الحذر أكبر وأساليب التخفي أوسع للحيلولة دون الوصول أو التعرف على الاتجاه، أما في العهد الإنقاذي 30 يونيو (حزيران) 1989 - 2005، فقد بدأ بالاعتقالات الجماعية، ووضع القيادات السياسية في سجن «كوبر»، ودفع إلى هجرة واسعة للكفاءات والخبرات إلى خارج الحدود، والنظام كله يستند إلى قاعدة أمنية، ولذلك كانت الحركة أضيق وأصعب لأن إمكانيات الرقابة والملاحقة الأمنية فيه أكبر».

أعاد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي الذي انعقد العام الماضي انتخاب نقد من جديد سكرتيرا للحزب، كما أعاد من يعرفون بالحرس القديم في الحزب إلى كابينة قيادة الحزب وهم من المخضرمين في الحزب الشيوعي.

نقد يؤيد اتفاق السلام السوداني بين الشمال والجنوب، ويأخذ عليه أنه اتفاق ثنائي بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وينادي بشدة بوحدة السودان، ولا يستبعد احتمال حدوث الانفصال من خلال الاستفتاء لتقرير مصير الجنوبيين.

بدأ نقد الدراسة الجامعية في السودان في الخمسينات من القرن الماضي، ولم يتسن له إكمالها في السودان، حيث غادره إلى يوغسلافيا حيث درس فيها الفلسفة، قبل أن يعود إلى الخرطوم قياديا في الحزب الشيوعي، ومعارضا لدودا للأنظمة العسكرية. يقول مقربون منه إنه يهوى قراءة التاريخ، ورياضة المشي، غير متزوج، ويقول مقربون منه إنه متزوج من السياسة، ويرون أن حالات عدم الاستقرار التي تعرض لها لأكثر من 40 عاما كانت سببا كافيا لإثنائه عن الزواج.