مرشح حزب الترابي للرئاسة السودانية: تسليم البشير إلى لاهاي ليس من أولوياتنا

دينق نيال أول جنوبي يترشح لرئاسة السودان في مقابلة مع «الشرق الأوسط»: لا أخاف إذا انفصل الجنوب

TT

رفض مرشح المؤتمر الشعبي المعارض للانتخابات الرئاسية في السودان عبد الله دينق نيال، وهو جنوبي مسلم، وصف ترشيحه بأنه محاولة من حزبه الذي يرأسه الدكتور حسن الترابي، للتكفير عما قامت به الحركة الإسلامية خلال فترة الحرب الأهلية مع الحركة الشعبية بما يعرف بالجهاد، وقال إن الحركة كانت تقاتل الحكومة بالسلاح وليس بالورود والأزهار، وأضاف أن اتفاقية السلام فتحت صفحة جديدة في العلاقة بين الشمال والجنوب.

وقال نيال الذي شغل منصب وزير الأوقاف والشؤون الدينية سابقا، في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الترشيحات التي أطلقتها أحزاب ما يعرف بـ«تحالف جوبا» وهي مجموعة من أحزاب المعارضة بينها حزب المؤتمر الشعبي، كانت ترشيحات متفقا عليها وأن اجتماعات قاداتها ستحدد ما إذا كانت الأحزاب ستخوض الانتخابات أم ستقاطعها في وقت لاحق. وقال إن حزبه معني بقضية دارفور وفي مقدمتها تحقيق العدالة، لكنه تحفظ في الخوض في ما إذا كان حزبه سيضع في برنامجه تسليم الرئيس السوداني عمر البشير إلى لاهاي التي تطالب بالقبض عليه، في حالة فوزه بالانتخابات. وقال إن «الأهم لديهم وقف نزيف الدم وإنهاء معاناة أهل دارفور دون الخوض في إفرازات المشكلة».

* ما المعايير التي تمت لترشيحكم من قبل حزبكم المؤتمر الشعبي لانتخابات رئاسة الجمهورية؟

- حزبنا عبر مؤسساته وتحديدا الأمانة العامة وأمانة الانتخابات قررت ترشيحي بعد منافسة مع ثلاثة آخرين ووقع الاختيار على شخصي بغالبية الأصوات، وتم رفع اسمي إلى اجتماع هيئة الشورى ونلت 96% من أصوات أعضاء هيئة الشورى، والآن أنا مرشح المؤتمر الشعبي لانتخابات رئاسة الجمهورية.

* هناك من يقول إن ترشيحك باعتبارك من الجنوب ومسلم محاولة للتكفير للجنوبيين من حزبكم الذي كان يرفع راية الجهاد قبل الانقسام عن المؤتمر الوطني، ما رأيكم في ذلك؟

- هذا غير صحيح، حزب المؤتمر الشعبي قومي وشامل يضم كل أهل السودان ويدعو إلى الوحدة الطوعية، ولدى حزبنا برنامج شامل في كل مناحي الحياة سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وفي الأمن والدفاع، لذلك نحن نود أن نؤكد هذه المعاني وأننا لسنا حزبا جهويا أو طائفيا أو ننحاز إلى جهة.

* أنا أقصد أن الجنوبيين ما زالت عالقة في أذهانهم الحرب المقدسة باسم الجهاد خلال العشرين عاما الماضية وأنت كنت في الحكم وقتها، وقاتلت قواتكم تحت هذا الشعار.. هل أنتم مستعدون لمواجهة أسئلة من هذا النوع من الناخبين الجنوبيين؟

- هذا كلام غريب، الحركة الشعبية كانت تقاتل الحكومة الموجودة في ذلك الوقت ونحن عندما وصلنا إلى السلطة في يونيو (حزيران) (يقصد انقلاب الرئيس الحالي عمر البشير في 30 يونيو 1989) كانت الحرب دائرة في الجنوب، وكانت الحركة الشعبية تقاتل بالسلاح وليس بأغصان الزيتون والزهور، فكيف يتم اتهامنا في الحركة الإسلامية، الأطراف كلها كانت تقاتل وتدافع عن برامجها وتصوراتها للأوضاع في السودان. هذا الكلام لا أساس له من الصحة، وأنت تعلم أن الحركة الشعبية كانت مسلحة تسليحا كبيرا ولم تكن تقذف بالزهور على الحكومة، لماذا تتهم الحركة الإسلامية الآن بمثل هذه الاتهامات؟ الآن اتفاقية نيفاشا والدستور الانتقالي فتحا صفحة جديدة، علينا أن ننظر إلى المستقبل وينبغي ألا نفتح صفحة أغلقت.

* هل أنتم واثقون بالفوز في الانتخابات سواء على مستوى الرئاسة أو المستويات الأخرى، ولماذا لم يتم ترشيح شخص من حزبكم لانتخابات رئاسة حكومة الجنوب؟

- ليس هناك من أحد يمكنه القول بأنه واثق من الفوز في الانتخابات مائة في المائة، لأنه إذا قال ذلك فإنه ضعيف في إيمانه، نحن نسعى للنجاح، وما التوفيق إلا من عند الله تعالى. أما ترشيح أحد كوادرنا لانتخابات الجنوب فما زال قيد النظر، وأجهزة الحزب تدرس ذلك وستقرر في حينه لأن الوقت ما زال أمامنا.

* مؤتمر تحالف جوبا كان من ضمن توصياته حل قضية دارفور وأنه يمكن مقاطعة الانتخابات إذا لم تحل القضية، ألا ترى أن أزمة الإقليم ما زالت تراوح مكانها، هل ستقاطعون الانتخابات؟

- هذا الأمر يقرره قادة التحالف، لكن جميعنا يعمل على تجهيز نفسه للانتخابات بأن تجري الانتخابات في حرية ونزاهة، وإذا لم تتوفر هذه الشروط إلى جانب قضية دارفور سيكون لتحالف جوبا رأي آخر سيقوله في حينه.

* لكن أنت الآن مرشح من حزبك وهناك مبارك الفاضل، كيف تنظرون إلى ترشيح الحركة لياسر عرمان في انتخابات الرئاسة، وهل هذا يعني أن تحالفكم انفض سامره؟

- لا، أبدا هذا الأمر متفق عليه داخل التحالف، بأن أي حزب لديه الحق في أن يرشح من يشاء في كل المستويات، وإذا لا قدر الله لم يصل أي من مرشحي تحالف جوبا إلى نسبة (50%+ 1) وكذلك مرشح المؤتمر الوطني، فإن تحالف جوبا يمكن أن يواصل المنافسة في انتخابات الرئاسة بمرشح واحد لمواجهة مرشح المؤتمر الوطني لهزيمته. والحركة الشعبية مثلها مثل بقية الأحزاب لها أن ترشح من ترى أن لديه الكفاءة، ونحن نرحب بترشيح الأخ ياسر عرمان وهو مؤهل ومستوفٍ شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية، كما أن القانون والدستور كفلا لأي شخص مؤهل الترشح لأي من المواقع بما فيها رئاسة الجمهورية، ونحن لا نتدخل في شؤون الأحزاب الأخرى لأن هذه هي الديمقراطية.

* وإذا حدث ما ذكرته أنت الآن، هل يمكن أن تتنازل أنت لمرشح التحالف؟

- هذا ما سيقرره قادة التحالف وليس شخصي.

* هل يمكن لحزبكم التحالف مع المؤتمر الوطني خصمكم المعروف وشريككم السابق في الحكم في أي مرحلة من مراحل الانتخابات؟

- هذا أيضا ستقرره قيادة الحزب وعبر مؤسساته، لكنني لا أرى في الوقت الراهن إمكانية التحالف مع الوطني، ومع ذلك أي شيء جائز في العمل السياسي بين مختلف القوى السياسية إذا توفرت الشروط الموضوعية.

* الأمين العام لحزبكم دكتور حسن الترابي ردد أكثر من مرة أن يسلم البشير نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية هل سنرى ذلك في برنامجكم الانتخابي من حيث المطالبة بتسليم البشير إلى لاهاي؟

- نحن معنيون بقضية دارفور نفسها وليس بإفرازاتها، كما أننا لسنا معنيين بالأفراد بقدر ما نسعى لإنهاء أزمة الإقليم وإيقاف نزيف الدم ومعاناة أهل دارفور، ونحن كذلك مع الضحايا في دارفور، وموقفنا واضح أننا مع العدل وتحقيق العدالة، والعدالة لا جنس لها ولا لون أو لغة، وأي شخص في الكرة الأرضية يكره الظلم ويسعى للعدل، كما أنه ليس هناك إنسان فوق العدالة.

* الجنوب بحسب الاتفاقية تم استثناؤه من أحكام الشريعة الإسلامية، هل في برنامجكم ستعيدون شعار «الإسلام هو الحل» في هذه الانتخابات؟

- أعتقد أن اتفاقية نيفاشا حسمت هذا الأمر بأن لا يحكم الجنوب بالشريعة الإسلامية، وأن يحكم وفق عاداته وتقاليده، لكن بقية السودان يحكم بالشريعة الإسلامية، هذا أمر محسوم بالاتفاقية والدستور.

* الوحدة أو الانفصال هما حجر الزاوية في اتفاقية السلام الشامل عند الاستفتاء على تقرير المصير لجنوب السودان، وأنت جنوبي ومسلم، إذا ما قرر الجنوبيون الانفصال أين سيكون موقعك؟

- المسلمون الجنوبيون مفردة من مفردات الجنوب، هم جنوبيون ومسلمون، وهم على قدم المساواة مع الآخرين ووسط أهلهم وبلادهم وأراضيهم، لا نشعر أننا غرباء أو أجانب، نحن جنوبيون وأريد أن أؤكد ذلك، لا نخاف من شيء.