العاهل الأردني: التحديات كبيرة والمصلحة الوطنية تقتضي احترام الكفاءة

سجال بين الحكومة وشخصيات أردنية حول المشارکة في «مكافحة الإرهاب»

الأمير علي بن الحسين وابنته الأميرة جليلة يقومان بغرس شجرة أثناء الاحتفال بيوم الشجرة في لواء الشوبك جنوب الأردن أمس (رويترز)
TT

قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، إن المصلحة الوطنية «يجب أن تبقى فوق كل المصالح والاعتبارات» مؤكدا في كلمة ألقاها في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات في منطقة البحر الميت، أمام نحو ألفي أردني من المحافظات والبوادي والمخيمات، أن «هدفنا واضح» ويتمثل في حماية الوطن والعمل على تطويره وتحديثه، لتحقيق التنمية الشاملة، والرفاه، وأسباب الحياة الكريمة لكل مواطن، «وهذه مسؤولية الجميع».

وأشار العاهل الأردني في كلمته، التي تأتي بعد ثلاثة أيام من حادثة تفجير عبوة ناسفة بالقرب من موكب دبلوماسيين إسرائيليين على طريق جسر الملك حسين (اللنبي) القريب من البحر الميت، نحو 55 كيلومترا غرب العاصمة عمان، إلى أن «التحديات أمامنا كبيرة والظروف صعبة، ولذلك نريد أن نعمل يدا بيد، وكتفا بكتف، وعلى قلب رجل واحد، لأن هدفنا واحد ومستقبلنا واحد». وأردف: «المصلحة الوطنية تعني احترام الكفاءة، والاستفادة منها في تحقيق الإنجاز، والمساءلة والمحاسبة، وسيادة القانون وتحقيق العدالة بين الجميع».

وقال: «الآن دخلنا في مرحلة جديدة من هذه المسيرة، مرحلة تحتاج منا جميعا إلى التعاون والتكاتف، والعمل بروح الفريق، لأننا كلنا شركاء في تحمل المسؤولية، كل واحد من موقعه مؤكدا أنه على الرغم من كل التحديات التي تواجه مسيرتنا، والظروف الصعبة، فإن هذا البلد بهمتكم وعزيمتكم، قادر على مواجهة كل هذه التحديات، وأنا كلي ثقة في المستقبل الذي نريد».

وقال: «الأردن الذي تجاوز كل التحديات والشدائد، وخرج منها مرفوع الرأس، سيواجه أي تحديات جديدة بكل عزيمة وقوة، وسيظل مرفوع الرأس على الدوام».

وشهد الأردن سجالا بين الحكومة وشخصيات أردنية معارضة انتقدت مشاركة الأردن في الحرب على الإرهاب في أفغانستان واعتبرت أنها «ليست حربنا» فيما ردت عليهم مجموعة من الشخصيات السياسية الموافقة على سياسة الحكومة في حربها على الإرهاب. وانتقد زهاء 80 شخصية أردنية، بينهم نقابيون وممثلو أحزاب إسلامية ويسارية، مشارکة بلادهم في الحرب الاستخبارية على الإرهاب في أفغانستان، وذلك في ضوء مقتل أردنيين في خندقين متقابلين هناك قبل أكثر من أسبوعين؛ فتحت شعار «ليست حربنا» وقّعت الشخصيات بيانا انتقدت فيه تشديد المملكة على مساهمتها في الجهد الاستخباري الأميرکي - الدولي على الساحة الأفغانية عقب مقتل ضابط أردني، هو الشريف النقيب علي بن زيد إلى جانب سبعة ضباط أمريكيين، في تفجيرات قاعدة خوست التي نفذها همام البلوي الطبيب الأردني لمصلحة حرکة طالبان باکستان. ومن بين الموقعين، الدکتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، وزکي بني أرشيد أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي السابق، وهمام سعيد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، والمعارض الإسلامي المستقل ليث شبيلات النائب الأردني الأسبق، وتوجان فيصل عضو البرلمان الأردني الأسبق، وعدد من الشخصيات الأردنية البارزة الأخرى. وطالبوا أيضا بـ«إجراء مراجعات حقيقية لمجمل السياسات الأردنية وصناعة القرارات ورسم المستقبل، والعمل الجاد للتخلص من اتفاقية وادي عربة» التي أبرمها الأردن مع إسرائيل عام 1994. کذلك حذروا «من جر الأردن للدخول في معارك الآخرين، وتحويله إلى ساحة حرب بالنيابة عنهم» وجددوا المطالبة بـ«وقف جميع النشاطات التطبيعية مع الكيان الصهيوني». يذکر أن رئيس الوزراء سمير الرفاعي أکد قبل يومين انخراط الأردن في تعاون استخباري ضد تنظيم القاعدة في عدة دول في مقدمتها العراق (الخاضع لسيطرة الجيش الأميركي 2003) وأفغانستان (قوات الأطلسي منذ 2001). وأعلن وزير الخارجية ناصر جودة في واشنطن عزم الأردن على تكثيف وجوده في أفغانستان. من جانبه، قال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور نبيل الشريف إنه «من الغريب أن يقف بعض أبناء الوطن في المعسكر الآخر الذي لا يخدم مصلحة الوطن، متباكين على أعداء الوطن ومتناسين أن عاصمتنا الحبيبة عمّان كانت ضحية لإرهاب الحاقدين الذين تجردوا من كل حس إنساني».

وأضاف أن «الأردنيين مصدومون من هذا التطاول على ثوابت الوطن والأمة من خلال البيان والاختباء المكشوف وراء شعارات جوفاء، مؤكدين أننا نرفض هذه المزايدات المشبوهة والاتهامات الباطلة». وأكد الشريف أن «العمل الوقائي الأردني في الخارج هو لصيانة أمننا الوطني والدفاع عن مصالحنا العليا»، مبينا «أننا لن نقف مكتوفي الأيدي حتى يضرب الإرهاب مجددا في وطننا.. ولقد تناسى هؤلاء المزايدون أن للأردن دورا إنسانيا كبيرا في كثير من الدول الشقيقة والصديقة من خلال المستشفيات الميدانية وأعمال الغوث الإنسانية». وأضاف أن الإرهاب قد استهدف الوطن وقام الإرهابيون بقتل الأبرياء.. «ولا تزال الجراح نازفة»، لافتا إلى أنه «كان الأجدر بهؤلاء ألا ينكأوا جراحنا مرة أخرى مصطفين مع المعسكر الآخر»، مؤكدا أن «تصدينا للإرهاب جزء من الواجب الديني، حيث شوه الإرهابيون الإسلام وألصقوا به تهما باطلة».

وبين الشريف أن ما يقوم به الأردن من جهد هو دفاع عن الدين، وقال: «كم كان جميلا أن يقرأ هؤلاء الدستور الأردني وأن يدركوا أن الالتزام بالدستور ليس انتقائيا»، لافتا إلى ما أشار إليه أصحاب البيان بضياع حرية التعبير في الأردن، «وهم بذلك يصرون على أن يشككوا بذكائنا»، قائلا: «لماذا لا يسمعون بطولاتهم الجوفاء على الفضائيات وفي إصدار البيانات دون أن يتعرضوا لشيء»، مشيرا إلى أنه «لو كان هذا الأمر في الدول الأثيرة لديهم لعرفوا هم كيف سيكون الوضع».

وأكد أن «مسيرة البناء والنهوض في الأردن مستمرة، ولن توقفها أصوات تعلو من هنا أو هناك، رغم الاعتراف بأن ظلم ذوي القربى هو الأكثر إيلاما».