تلفزيون إيران الرسمي يفتح «طاقة صغيرة» أمام المعارضين.. وموسوي اعتبرها «مفيدة»

مدعي عام طهران يطالب بعقوبة الإعدام بحق 5 من محتجي ذكرى عاشوراء.. ومقتل 3 عناصر شرطة في سيستان

TT

بعد مرور 7 أشهر على الانتخابات الرئاسية التي أدخلت إيران في حلقة من الاحتجاجات والاعتقالات، بدأ التلفزيون الرسمي في طهران خطوة خجولة بإتاحة الفرصة للمعارضة للظهور على شاشته ومخاطبة الإيرانيين، في خطوة اعتبرها زعيم المعارضة مير حسين موسوي، والرئيس السابق هاشمي رفسنجاني بأنها مفيدة وقد تهدئ من الخواطر. في المقابل طالب مدعي عام طهران أمس بإنزال عقوبة الإعدام بحق 5 متظاهرين أوقفوا خلال التظاهرات المناهضة للرئيس محمود أحمدي نجاد، التي شهدتها طهران في ذكرى عاشوراء في 27 ديسمبر (كانون الأول)، وقالت وكالة أنباء إيران إن المحتجين الخمسة مثلوا أمام المحكمة لاتهامات ربما تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وشاهد الإيرانيون خلال الأيام الماضية، أعضاء حاليين وسابقين في البرلمان يتحدثون ضد حملة القمع العنيفة التي تعرض لها المتظاهرون المعارضون لإعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، ودخل هؤلاء في مناظرة على التلفزيون مع أحد المؤيدين البارزين للرئيس نجاد، وشن النائب الإصلاحي مصطفى كافاكيبيان هجوما على المتشدد البارز ومحرر صحيفة «كيهان» المحافظة حسين شريعتمداري في مناظرة حامية تم بثها في وقت تكون فيه نسبة المشاهدة للتلفزيون عالية، ويحتمل أن يكون الملايين في أنحاء إيران قد شاهدوا البرنامج.

ودأبت صحيفة «كيهان» اليومية على اتهام المعارضين، ومن بينهم رؤساء سابقين، بـ«التآمر» ضد النظام الإسلامي وخدمة مصالح الولايات المتحدة.

وقال كافاكيبيان «إذا اتهمنا الرؤساء السابقين كافة بأن لهم علاقات مع الولايات المتحدة أو أنهم يقودون فتنة، فلن يبقى أحد لدعم النظام الإيراني الإسلامي»، وتستهدف صحيفة «كيهان» على الدوام كل من مير حسين موسوي، رئيس الوزراء السابق والمنافس الرئيسي لأحمدي نجاد في الانتخابات، والرئيسين السابقين أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي.

وفي نقاش آخر بثه التلفزيون يوم الخميس الماضي، أدان النائب السابق جواد إيتات حملة القمع التي شنتها الحكومة في 27 ديسمبر على أنصار المعارضة خلال التظاهرات التي جرت يوم عاشوراء، والتي قتل فيها ثمانية وجرح واعتقل المئات منهم. وقال إيتات «إذا كان من الخطأ إطلاق الصفير والتصفيق في يوم عاشوراء، فإن ضرب الناس أسوأ من ذلك، كما أن قتلهم خطأ أكبر بكثير».

وتعد هذه أول مرة منذ الانتخابات تبث فيها مثل هذه الانتقادات ضد التلفزيون الحكومي، الذي يعتبر محتجي المعارضة «عملاء أجانب». ووعد التلفزيون بمواصلة المناظرات التي لقيت ترحيب الكثيرين في إيران، وقال منيجي، 40 عاما، الذي يعمل في أحد المكاتب ورفض الكشف عن اسمه بالكامل لوكالة الصحافة الفرنسية «إن مشاهدة هذه المناظرات أمر مثير للاهتمام، أتطلع إلى مشاهدة المزيد منها». ودعا الكثير من المعارضين ومن بينهم رفسنجاني وموسوي إلى عقد مثل هذه المناظرات، وقال إنها يمكن أن تنزع فتيل التوترات في البلاد.

وقال علي مطهري النائب المحافظ البارز والمنتقد الشديد لأحمدي نجاد «إن مثل هذه المناظرات ستهدئ المعارضة وتهمش العناصر المعادية للإسلام، التي تسعى إلى استغلال الوضع». وأضاف «إذا أردنا حل مشكلات معينة في المجتمع، علينا أن نعقد مثل هذه المناظرات». وصرح النائب كافاكيبيان لوكالة «مهر» للأنباء «أن إحدى الجوانب المهمة لهذه المناظرات التلفزيونية هي أنها ستوقف مشاهدة الإيرانيين للقنوات الفضائية المتحدثة باللغة الفارسية مثل الـ«بي بي سي» و«صوت أميركا».

وتتهم السلطات الإيرانية قناتي الـ«بي بي سي» و«صوت أميركيا»، اللتين تحظيان بجمهور واسع داخل إيران، بالتحريض على الاحتجاجات التي تلت الانتخابات، وحظرت السلطات على الإيرانيين التحدث إلى هذه القنوات الموجهة باللغة الفارسية، وقال مطهري «يمكن دعوة مرشحي المعارضة (موسوي وكروبي) إلى التلفزيون ليقولا ما يريدان قوله، وسيمهد هذا الطريق لمصالحة وطنية».

من جهة ثانية أعلنت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن مدعي عام طهران عباس جعفري دولت أبادي طلب أمس إنزال عقوبة الإعدام بحق خمسة متظاهرين أوقفوا خلال التظاهرات المناهضة للرئيس محمود أحمدي نجاد، التي شهدتها طهران في ذكرى عاشوراء في 27 ديسمبر. وقالت وكالة أنباء إيران إن المحتجين الخمسة مثلوا أمام المحكمة لاتهامات ربما تصل عقوبتها إلى الإعدام.

ويتهم المتظاهرون الخمسة، وبينهم امرأتان بحسب صور بثها التلفزيون الإيراني لدى افتتاح جلسة المحاكمة أمس، بإقامة علاقات مع منظمة مجاهدين خلق، حركة المعارضة المسلحة الرئيسية للنظام الإيراني في المنفى. وقال المدعي «أطالب بعقوبة الإعدام بحق هؤلاء الأشخاص على أساس اعترافاتهم، ونتائج التحقيق والوقائع يوم ذكرى عاشوراء». واتهم المعارضون الخمسة رسميا بأنهم «أعداء الله» وهي تهمة تطبق عليها عقوبة الإعدام، وأكد المدعي العام أن المتهمين تدربوا «في معسكرات في العراق وفي دول أوروبية لإشاعة الذعر والاضطرابات في إيران». وهذه أول محاكمة تعلن عنها وسائل إعلام إيرانية لأشخاص احتجزوا فيما يتعلق بالاحتجاجات التي نظمت يوم عاشوراء. وذكر موقع «راه سبز» الإلكتروني التابع للمعارضة، في وقت سابق من هذا الشهر، أن السلطات اعتقلت أكثر من 180 شخصا، بينهم 17 صحافيا و10 من مساعدي موسوي، وبعض البهائيين بعد مظاهرات ديسمبر. وأبلغ عباس جعفري دولت أبادي المدعي العام في طهران وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية أن التهم تشمل إشعال النيران في ممتلكات عامة وأنشطة أخرى مناهضة للحكومة. وقال «إحدى عقوبات الحرابة هي الإعدام ويجب أن يقررها القاضي الذي يرأس المحكمة». وقال دولت أبادي إنه بعد الانتخابات «تحولت الاحتجاجات إلى حركة مناهضة للثورة بهدف الإطاحة بالنظام». وذكرت وكالة «فارس» شبه الرسمية أن أحد المتهمين، مدمن مخدرات، اعترف بتقديم صور عن «أحداث الشغب» التي أعقبت الانتخابات لمنظمة مجاهدين خلق، وبزيارة أخيه في معسكر المنظمة بالعراق لكنه نفى المشاركة في احتجاجات يوم عاشوراء. ونقلت عنه الوكالة قوله أمام المحكمة «كنت مجرد متفرج ولم أردد أي هتافات ضد المؤسسة الإسلامية وقيم الأمة». وذكرت وكالة «فارس» أن متهما آخر تحدث عن روابط أسرية مع عضو في منظمة مجاهدين خلق، واعترف بالاشتراك في احتجاجات مناهضة للحكومة، ونقلت الوكالة عن ذلك الشخص قوله «اقترفت أفعالي عن جهل، ولم تكن لدي أي نية للإطاحة بالمؤسسة لذا أطلب العفو». ودعا رجال دين متشددون والسلطات الإيرانية السلطة القضائية إلى معاقبة زعماء المعارضة لإثارة التوتر في إيران.

إلى ذلك أفادت وسائل إعلام إيرانية، أمس، أن مسلحين قتلوا ثلاثة من رجال الشرطة بالرصاص في جنوب شرق إيران قرب باكستان. وقالت وكالة «فارس» إن إطلاق الرصاص وقع أول من أمس الأحد، وقالت قناة «برس تي في» من خلال موقعها على الإنترنت إن شرطة المرور أمرت سيارة بالتوقف بعد أن أثارت شكوكها لسيرها بسرعة شديدة على طريق بين مدينتي زاهدان وخاش، ونقلت القناة عن محمد عراب المسؤول بالشرطة قوله «بعد أن أمرت الشرطة السيارة بالتوقف بدأ ركابها يطلقون النيران على الشرطة، مما أسفر عن مقتل ثلاثة ضباط». وزاهدان عاصمة إقليم سيستان بلوخستان، موطن البلوخ، وأغلبيتهم من السنة في إيران التي يغلب على سكانها الشيعة، والإقليم ممر لتهريب المخدرات من باكستان وأفغانستان للأسواق الغربية، كما تنشط جماعة متمردة من البلوخ تسمى جند الله في المنطقة، وفي حادث منفصل ذكرت الإذاعة الإيرانية أن الشرطة قتلت ثلاثة مهربين مسلحين في اشتباك دار أمس في إقليم خراسان رضوي الذي يحد أفغانستان، وأضافت أن الشرطة ضبطت 134 كيلوجراما من الأفيون وبعض الأسلحة.