ضحايا «بلاك ووتر» يتجهون لرفع دعاوى ضد محاميهم ومترجمين بتهمة «الاحتيال»

الحكومة العراقية تشكل لجنة قانونية وتعلن رسميا تبني القضية نيابة عن المتضررين

عدد من الضحايا العراقيين في قضية شركة «بلاك ووتر» خلال اجتماع دعتهم إليه الحكومة العراقية في بغداد، أمس (أ.ب)
TT

شهدت قضية «بلاك ووتر» أمس منعطفا جديدا بعد إعلان الحكومة العراقية وبشكل رسمي تبني القضية نيابة عن المتضررين جراء قيام أفراد أمنيين يعملون لصالح الشركة بفتح النار في ساحة النسور وسط بغداد على مدنيين مما أدى إلى سقوط 17 قتيلا وعدد من الجرحى عام 2007. وكان قاض فيدرالي أميركي قرر أواخر العام الماضي تبرئة خمسة موظفين سابقين في شركة «بلاك ووتر» بعد اتهامهم بقتل 14 عراقيا في إحدى ساحات بغداد في سبتمبر (أيلول) 2007 خلال مهمة لوزارة الخارجية الأميركية. وأغلقت القضية بعدما قال محامو نحو سبعين عراقيا ادعوا على الشركة التي أصبح اسمها «إكس آي» إن موكليهم وافقوا على اتفاق مالي أُبرمَ في نوفمبر (تشرين الثاني) مع «بلاك ووتر». ويقول الأميركيون إن 14 شخصا قُتلوا في الحادثة في حين يؤكد العراقيون مقتل 17 شخصا وإصابة 36 آخرين بجروح. وأجمع أصحاب الشأن، أمس، على أنهم لن يكتفوا فقط بالتعويض المادي بل يجب «محاكمة» المتهمين وأيضا أشخاص عراقيين يمثلون مكاتب محاماة أميركية ومترجمين وشركة أمنية عراقية كونهم قاموا بـ«التحايل» عليهم و«إجبارهم» على توقيع أوراق لا يعلمون مضمونها. ونظم المكتب القانوني لأمانة مجلس الوزراء العراقي جلسة استماع حضرها ذوو الضحايا والمتضررون والمتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ومستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية فاضل الشرع وعدد من المستشارين القانونيين.

المتحدث باسم الحكومة العراقية أكد خلال جلسة الاستماع أن «مكتب رئيس الوزراء، من خلال المكتب القانوني، متابع عن كثب كل ما يتعلق بقضية بلاك ووتر والجهد الحكومي حاليا يتوجه لإنصاف الضحايا، وأن هناك حقوق مدنية للعراقيين يجب أن تتحملها الشركة إضافة إلى الحكم الجنائي في القضية».

فيما قال مستشار الشؤون القانونية، فاضل الشرع، إنه تم تشكيل لجنة قانونية من عدد من الوزارات وبإشراف مجلس الوزراء لمتابعة قضية حقوق الضحايا. وأضاف الشرع أن هناك دعوى جزائية وأخرى مدنية، وأن الجزائية قامت بها حكومة الولايات المتحدة الأميركية، عن طريق وزارتي العدل والخارجية والادعاء الأميركي إذ قاموا بإحالة المتورطين بالجريمة إلى المحاكم وتابعوها من قبلهم وبمشاركة الحكومة العراقية عن طريق الوزارات ذات العلاقة، وأضاف أنه «في النهاية كان القرار غريبا ومفاجئا للحكومة العراقية برفض الاتهام لهؤلاء المتورطين الخمسة بقضية ساحة النسور». وأضاف الشرع أنه بالنسبة إلى الحق المدني «فلكل ضحية سواء قتل أو إصابة بضرر جسدي أو نفسي أو مادي أو معنوي، مهما يكن، فله الحق أن يحصل على تعويض عادل من المحاكم الأميركية والحكومة العراقية متكفلة بأن تحصل على حقوقه من الحكومة الأميركية، إن لم يكن من الشركة المتهمة، لأن العراقيين أبرياء والحكومة ملزمة بالحصول على حقوقهم». وأشار إلى أن مكاتب المحاماة والشؤون القانونية في العراق ستتابع أمر المتضررين لأخذ جميع حقوقهم.

واتهم الضحايا مكتب المحاماة الذي ترافع عنهم بـ«الخداع» في القضية، وأن محاميهم أخبروهم بأنهم إذا لم يقبلوا بالتعويضات فإن شركة «بلاك ووتر» في طريقها إلى الإفلاس وأنهم لن يحصلوا بعد ذلك على أي تعويض.

وقال عادل جبر، أحد الضحايا الذي حضر اجتماع أمس، وكان قد أصيب بعدة عيارات نارية في مناطق مختلفة من جسمه، لـ«الشرق الأوسط» إنه أجرى أربع عمليات جراحية حتى الآن من جيبه الخاص، وبين أنه لم يتسلم أي تعويض. وقال جبر: «وقّعنا على أوراق مكتوبة باللغة الإنجليزية وقالوا (سنعطيكم 30 ألف دولار)، ولم نحصل حتى الآن على أي شيء، وجاءنا محامٍ عراقي إلى البيت وأبلغننا بأن الشركة ستعطينا 12 ألف دولار، ورفضت، وتوصلنا إلى مبلغ 30 ألفا، وأبلغني أنه بعد جهود مضنية تم الحصول على هذا المبلغ وأن الشركة ستعلن إفلاسها وعليها قضايا كثيرة».

وأضاف: «بعد أن رفضت هددني بالتخلي عنا وأنه علينا السفر لأميركا لرفع دعوى، ونحن خفنا من هذا الكلام، ولهذا وقعنا على الورقة ولم يكن هناك أي طرف يمثل الحكومة العراقية حينها، وأبلغونا أيضا أن الشركة تمتلك حصانة وستضيع كل حقوقنا». وأكد شخص آخر من الضحايا، رافضا ذكر اسمه، بأنه ينتظر الآن دعوى الحكومة العراقية وقال: «نحن رفعنا دعوى أخرى على عراقيين اتصلوا بنا وأوهمونا بالتوقيع أحدهم يعمل مترجما لدى مكتب المحاماة الأميركي (سوزان بيرك)». وأضاف: «لقد خدعونا بالتنازل، لقد جاءنا جيش من المحامين لرفع القضية باسمنا، لكنهم انقلبوا علينا، وأنا سأقاضيهم، وفعلا رفعت دعوى ضد مكتب المحامية سوزان بيرك، ونريد الآن سحب التوكيل، وهناك ضحايا رفعوا قضايا من مكاتب أخرى أميركية والبعض الآخر لم يرفع دعوى نهائيا».