مصادر إسرائيلية: البناء الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة تم بالتنسيق بين نتنياهو وواشنطن

مكتب نتنياهو تعمد نشرها لزعزعة الثقة بالمبعوث ميتشل في الدول العربية والسلطة

TT

كشف مسؤول رفيع في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن مشاريع البناء الاستيطانية الأخيرة في القدس الشرقية المحتلة، التي ضمت 692 وحدة سكنية لليهود، أقرت بمعرفة تامة من الإدارة الأميركية وبالتنسيق معها. وأن المسؤولين في الخارجية الأميركية والبيت الأبيض كانوا شركاء في توقيت النشر ومضمونه أيضا.

وروى هذا المسؤول تسلسل الأحداث في الموضوع، فقال إن المسألة بدأت عندما قررت الحكومة الإسرائيلية قبل شهرين تجميد البناء في المستوطنات القائمة في الضفة الغربية بشكل جزئي لمدة عشرة شهور. فتقدم وزير الإسكان، أريه أتياس، وهو من حزب «شاس» للمتدينين اليهود الشرقيين، بطلب إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن يقر مشاريع إسكان في القدس. وشكا أتياس من أن البناء في المدينة توقف بشكل كامل تقريبا. وحاول نتنياهو التملص، حيث إنه لا يريد أن يثير الأميركيين ضده، لكن أتياس هدد بالقول: «تعال نتحدث بصراحة، هل قررت تجميد البناء في القدس أيضا؟ فنفى نتنياهو ذلك. فسأله: إذن لماذا لا تقر المشاريع؟ فأجاب: نبني بهدوء. فأجاب أتياس: هذا لا يقنعني ولا يريحني. علينا أن نعلن صراحة للجمهور ما هو موقفنا. وإن لم تعلن أنت، فسأعلن أنا ذلك».

وقد خشي نتنياهو من رد فعل اليمين الإسرائيلي على مثل هذا التجميد. فأبلغ أتياس أنه سيصادق على هذه المشاريع، ولكن بعد التنسيق مع الإدارة الأميركية «فليس من مصلحتنا أن ندخل في صدام معهم». وهكذا، اتصل بالمسؤولين في واشنطن وأبلغهم بتهديد الوزير أتياس وقال إن الإيحاء، مجرد الإيحاء، بتجميد البناء في القدس، سوف يسقط حكومته. فتفهموا موقفه. وطلبوا أن يعرفوا تفاصيل المشاريع ومواقع الأحياء التي تتم فيها. وطلبوا أن لا ينشر الموضوع فورا والانتظار لإعلانه في وقت مريح لواشنطن. وفيما بعد اتفق الطرفان على أن أفضل وقت لإعلان المشروع هو في عز عطلة عيد الميلاد، حيث تكون وسائل الإعلام في الغرب مشغولة في العيد ويكون السياسيون بعيدين عن السياسة.

واللافت للنظر أن الإدارة الأميركية، كانت في حينه قد أصدرت بيان استنكار لمشروع الاستيطان في القدس، ويبدو أن هذا البيان أيضا كان جزءا من الصفقة، حسبما ذكرت «إذاعة المستوطنين في الضفة الغربية». وقال البيان الأميركي يومها إن الولايات المتحدة ترفض البناء الاستيطاني في القدس الشرقية وإن مصير القدس يجب أن يحدد في المفاوضات حول التسوية الدائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، التي يجب أن تستأنف من دون شروط مسبقة ومن خلال الاعتراف بمكانة هذه المدينة وكونها مقدسة للإسرائيليين والفلسطينيين وللديانات الثلاث: اليهودية والإسلامية والمسيحية.

وقد جاء هذا الكشف، الليلة قبل الماضية، عشية قدوم مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، إلى جولة جديدة له في المنطقة. ولم يستبعد المراقبون الإسرائيليون أن يكون المسؤول في مكتب نتنياهو قد تعمد نشر هذه المعلومات لزعزعة الثقة بالمبعوث ميتشل لدى الدول العربية والسلطة الفلسطينية. ورأوا أن العرب سيطرحون بالتأكيد التساؤلات أمام ميتشل حول صحة هذا النبأ.

وسيصل ميتشل إلى تل أبيب بعد غد الخميس، وسيجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وعدد من وزرائه ومساعديه، وسينتقل في اليوم التالي إلى رام الله، للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وذكرت «إذاعة الجيش الإسرائيلي»، أمس، أن الإدارة الأميركية ترى جولة ميتشل «حاسمة، غير أنها ليست دراماتيكية». وأضافت أنه، وبخلاف تقارير سابقة يبدو، أن ميتشل لن يحمل معه ضمانات من الإدارة الأميركية، كما أنه لن يطرح مواقفها إزاء التسوية. وأشارت الإذاعة إلى أن الإدارة الأميركية في حيرة من أمرها حول كيفية كسر الجمود، وتجديد العملية السياسية. وذكرت أن وزيرة الخارجية، كلينتون، عرضت أخيرا مقترحا يمكن تسميته «مسارا التفافيا»، يلتف على طلب الفلسطينيين تجميد الاستيطان. وتقترح كلينتون بحث مسألة الحدود والقدس أولا، وبذلك تحل مسألة المستوطنات. وقالت «لا ينبغي التلكؤ عند الأشجار، بل رؤية الغابة كلها وزيادة وتيرة التقدم». وأضافت أن آراء طرحت في الإدارة الأميركية تدعو لإحياء المسار السوري مع الاستمرار في بذل الجهود لإحياء المسار الفلسطيني، أو بالتوازي معه. كما لم يستبعد مسؤولون أميركيون أن يستخلص ميتشل العبر ويقرر إنهاء مهام منصبه.