المطلك.. تحول للزراعة بعد إخراجه من حزب البعث عام 1977

صدام أعجب بمزرعة كان يملكها فاستولى عليها قبل أن يقدم له عرضا سخيا

رئيس الوزراء الأسبق، إياد علاوي، يتحدث إلى النائب ظافر العاني، ويتوسطهما صالح المطلك خلال حفل إعلان تشكيل «الكتلة العراقية» في بغداد، السبت الماضي (أ.ب)
TT

لم يبتعد صالح المطلك يوما عن الخلافات، بل نجده يستمتع في بعض الأحيان بالانغماس في المشكلات التي تشهدها الساحة السياسية العراقية. ومع ذلك بدا المطلك، وهو مهندس زراعي سابق، مذهولا بسبب خلاف متنام ينذر بحالة من اللغط قبل الانتخابات البرلمانية العراقية المزمع عقدها في مارس (آذار). تحركت لجنة حكومية الشهر الحالي لمنع ترشح المطلك للانتخابات، على أساس أنه يدعم حزب البعث الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. وعلى خلفية هذا القرار، ظهر المطلك، وهو سياسي سني بارز، كرمز يشير إلى عملية تعتبر على نطاق واسع عملية غير شفافة ومتقلبة. وينظر إليه أنصاره على أنه ضحية، ولكن بالنسبة للمنتقدين فإنه يعتبر أثرا من الماضي. ولكن، يرى الجانبان أن مستقبله يشير إلى طبيعة مستقبل العراق. ويعيش المطلك في حيرة إثر الخلاف وحالة الغضب التي تسبب فيها هذا القرار.

«انظر إلى ما أقوله هنا وهناك»، هكذا قال المطلك وهو ينظر إلى نفسه على شاشة التلفزيون داخل غرفته بأحد الفنادق في المنطقة الخضراء شديدة التحصين داخل بغداد. وتساءل: «هل تعتقد أني أبدو متعبا؟» أم «متضايقا؟» لدى المطلك، 63 عاما، كثير من التساؤلات في الوقت الحالي. وهو يشكك صراحة في الأدلة التي استخدمت لمنعه من خوض الانتخابات. وفي بعض الأحيان، يرى أن ربما لحلفائه دورا في هذا القرار. وبعد مرور سبعة أعوام على دخوله في دائرة الضوء بعد سقوط حكومة صدام حسين، وقبل شهرين فقط من الانتخابات البرلمانية التي سلطت عليه الضوء الأشد حتى الآن، يتساءل المطلك عما إذا كان عمله السياسي تعثر بصورة يتعذر تجاوزها. ويقول: «لم أعد أعرف أصدقائي من أعدائي».

وتروي قصة المطلك حكاية سقوط وصعود وسقوط مرة أخرى لشخصية سنية داخل عراق ما بعد الحرب. وفي أعين مناصريه، يمثل المطلك اتجاها لم يُدمج حتى الآن في الحياة العامة. وينظر إليه مناوئوه على أنه شخص يثير مشاعر المواطنين من أجل كسب نفوذ سياسي، عن طريق السعي للحصول على دعم حزب البعث المحظور داخل المناطق السنية.

ويقول وائل عبد اللطيف، وهو مشرع شيعي يوافق القرار الذي يحكم بعدم أهلية المطلك لخوض الانتخابات: «ما الذي يجنيه من الدفاع عن حزب البعث؟ يجب أن يمحى أي شخص يتحدث عن حزب البعث من العملية السياسية برمتها». وأضاف اللامي يوم الاثنين: «الأدلة دامغة».

ولكن، يكتنف قصة المطلك كثير من عناصر الغموض. كان المطلق عضوا سابقا في حزب البعث، وأُخرج من صفوفه عام 1977 بعد أن أصر على أحقية خمسة رجال شيعة من مدينة كربلاء في الحصول على محاكمة عادلة بعد توجيه تهم لهم بالتآمر ضد الدولة. ويقول المطلك: «لقد أحزنني ذلك كثيرا، فأنا أؤمن بحزب البعث».

وتحول المطلك، الحاصل على دكتوراه في الهندسة الزراعية، إلى الزراعة مع عضو سابق في حزب البعث داخل محافظة واسط شرق بغداد. ومضى عملهما التجاري بصورة جيدة حتى وصل الرئيس صدام حسين إلى المزرعة في مطلع الثمانينات. كانت غلة ذلك الموسم ذرة وقطنا، وأعجب صدام بها لدرجة أنه قرر أن تستولي الحكومة على الأرض. ويقول المطلك إنه لم يكن هناك تعويض للملاك. وأضاف أنه بعد ثلاثة أيام أعاد صدام حسين النظر في الأمر وقدم له ولشريكه عرضا سخيا. ويقول: «أعتقد أنه أحس أنه لم يعد عادلا معنا».

وهذه القصة واحدة من كثير من القصص التي جعلت من المطلك شخصية معقدة. وهو يسعى صراحة إلى الحصول على دعم المعجبين بصدام حسين ومناصريه ويتبنى اتجاها قوميا عربيا ينتقد إيران والولايات المتحدة معا. ويقول إنه على الرغم من نجاحه، فإن علاقاته مع صدام حسين لم تكن جيدة يوما، وكانت هناك أعوام صعبة قبل طرده بسبب ما يقول إنه انتقاد. ويقول المطلك: «كنت أشعر بالفخر بالكثير من الإنجازات التي حققها الحزب في التعليم والزراعة والصناعة، وقد كانت لدى العراق قدرات تؤهله كي يصبح في عداد الدول المتطورة». ويضيف: «ومع ذلك، ارتكبتْ أخطاء».

وبعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، دخل المطلك الساحة السياسية. واختير ضمن لجنة لصياغة الدستور. (وصوت ضده في الاستفتاء، بسبب النص الذي حظر حزب البعث). وقبل انتخابات عام 2005، اتخذ قرارا بخوض الانتخابات وكان ذلك على عكس الاتجاه السائد بين السنة، ودخل الانتخابات على رأس تحالف يضم قوميين عربا علمانيين. وفازوا بأحد عشر مقعدا داخل البرلمان. وكان أداء حزبه أفضل خلال الانتخابات المحلية التي أقيمت العام الماضي. وخلال الانتخابات البرلمانية في مارس (آذار) من العام الماضي، كان من المتوقع أن يطرح ائتلافه العلماني، الذي يضم نائب الرئيس طارق الهاشمي ورئيس الوزراء السابق إياد علاوي، التحديدات الأكبر أمام قائمة رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي. ويعتقد مع آخرين أن هذه الشهرة قد تكون هي الدافع إلى إصدار قرار عدم الأهلية. ويقول: «إنهم يخشون من شعبيتي، ولذا أرادوا إزالتي».

ولا يزال الغموض يكتنف من يقصدهم بكلمة «هم». وقد أشار منتقدون بأصابع الاتهام إلى المالكي ومنافسوه الشيعة داخل الائتلاف الوطني الموحد وإيران وأحمد الجلبي، الحليف الأميركي السابق الذي لا يزال لديه طموح في تولي القيادة. ويطرح النزاع احتمالية حرمان الناخبين السنة من حق التصويت وهو الأمر الذي يقلق المسؤولين الأميركيين هناك كثيرا. ومع ازدياد التوتر، يقضي المطلك أيامه داخل فندق الرشيد في المنطقة الخضراء. ووسط الساحة السياسية العراقية الغريبة، اتصل بالمطلك الرئيس جلال طالباني ومشرعون شيعة بارزون وأخيرا علاوي. (ويقول المطلك إن علاوي لم يتصل به لمدة ثلاثة أيام بعد الحديث عن القرار بعدم الأهلية. وفي اليوم الرابع، اتصل به علاوي ولكن يقول المطلك إنه رفض الرد على مكالمته). والآن، يتعهد بأن يواجه مجددا هذه المشكلات. ويقول: «أنا مستعد للقتال حتى النهاية»، ومع ذلك كانت هناك إشارة بسيطة للغاية إلى شعور بالتردد.

* خدمة «نيويورك تايمز»