البشير يعلن من يامبيو: لا عودة للحرب والخرطوم أول من سيعترف بدولة الجنوب

كير: نفط الجنوب سيظل يصدر عبر الشمال حتى إذا انفصلت «جوبا»

TT

تعهد الرئيس السوداني عمر البشير بأنه سيعترف باستقلال جنوب السودان «إذا ما قرر الجنوبيون الانفصال خلال استفتاء تقرير مصير جنوب السودان، المقرر إجراؤه عام 2011»، في حشد جماهيري بمناسبة الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاق السلام السوداني (اتفاق نيفاشا) الذي أنهى الحرب في جنوب السودان، فيما جدد التزامه بالعمل من أجل الوحدة، وتعهد بإجراء انتخابات «هادئة وشفافة». في نفس الوقت أكد سلفا كير رئيس حكومة جنوب السودان أمس، أن النفط المستخرج من الجنوب سيظل يصدر إلى الخارج عبر خط أنابيب الشمال، حتى إذا اختار الجنوب الاستقلال في الاستفتاء المقبل.

وجرى الاحتفال لأول مرة في مدينة يامبيو أقصي جنوب السودان على الحدود من دولة أوغندا المجاورة، وشدد البشير على أنه لا عودة إلى الحرب مجددا واحترام خيار الجنوبيين، في وقت دعا نائبه الأول رئيس حكومة الجنوب، سلفا كير ميارديت جميع الأطراف بما فيها المجتمع الدولي إلى احترام خيار الجنوب في تقرير مصيره وقبول هذا الخيار.

وقال البشير: إن حزب المؤتمر الوطني ملتزم بتنفيذ ما تبقى من اتفاقية السلام وأهمها ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وإجراء الانتخابات والاستفتاء على تقرير المصير لجنوب السودان في يناير (كانون الثاني) العام المقبل. وأضاف البشير«إذا اختار الجنوبيون الانفصال فإن الخرطوم أول من ستعترف بالدولة الجديدة وسنسهم في بناء دولة الجنوب ونحفظ العلاقات القديمة بين مواطني الجنوب والشمال ومصالحهما المشتركة»، وتابع «نحن ملتزمون تجاه السودانيين بألا عودة إلى الحرب مرة أخرى».

وعبر عن أمله أن يصوت الجنوبيون لبقاء السودان موحدا، وقال: إن حزبه والآخرين سيجتهدون لجعل خيار الوحدة جاذبا فيما تبقى من وقت قبل الاستفتاء، مشيرا إلى أن طرفي اتفاقية السلام: المؤتمر الوطني الذي يتزعمه، والحركة الشعبية بزعامة نائبه الأول سلفا كير ملتزمان بتجاوز العقبات بحكم أن لديهما إرادة سياسية، وقال: «سيكون هذا أسلوبنا حتى نصل إلى نهاية الاتفاقية بالاستفتاء على تقرير المصير»، داعيا إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة لتصبح نموذجا للعالم، وناشد المواطنين بالمشاركة الفعالة في تلك الانتخابات التي سيواجه فيها مرشحين آخرين أبرزهم مرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان، داعيا إلى نبذ المهاترات والتنابذ بين القوى السياسية في التنافس الانتخابي، متعهدا بتوفير كل الإمكانات والدعم لمفوضية الانتخابات وحماية نشاط كل الأحزاب لممارسة حقها في الانتخابات.

وقال البشير الذي كان هادئا هذه المرة على عكس الخطابات التي كان يحتفل فيها الشريكان وتحدث فيها مشاحنات: «إن بلاده تذخر بموارد بشرية وطبيعية يمكن الاستفادة منها في وطن واحد» ، وأضاف «إذا صوت أهل الجنوب للوحدة لن يكون هناك مواطن درجة أولى وآخر درجة ثانية، وكرر التزامه بألا عودة إلى الحرب مرة أخرى». وقال البشير: «نعرف أهوال الحرب وجربنا ذلك، ويجب علينا الحفاظ على أرواح الناس واتفاقية السلام علامة بارزة في تاريخ السودان»، وأضاف «نؤكد أمام العالم التزام المؤتمر الوطني والحركة الشعبية باستكمال تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وتجاوز أي عقبة تواجهننا». وقال البشير: إن الخرطوم ستعمل مع حكومة الجنوب للقضاء على جيش الرب الأوغندي المتمرد على كمبالا، وتابع «لا نريد لأحد من الخارج أن يزعزع أمننا واستقرارنا بعد أن استطعنا أن نوقف الحرب بيننا».

ومن جانبه قلل النائب الأول للبشير رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت الذي كان يتحدث في نفس المناسبة من المخاوف بأن استفتاء 2011 سيؤدي إلى مواجهة مع الشمال، وقال أمام الحشد: إنه حتى إذا قرر الجنوب الانفصال عن الشمال في العام المقبل فإنه لن ينفصل في المحيط الهندي أو المحيط الأطلسي، وإنه يتعين الاستعداد لتقبل نتيجة الاستفتاء سلميا، وأضاف «الجنوب لن يرحل إلى منطقة أخرى، وإذا قرر مواطنوه الانفصال سنكون جيرانا ولدينا المصالح المشتركة السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية»، وأرسل إشارات تطمئن الحكومة المصرية بقوله: «إن نهر النيل سيستمر في التدفق من الجنوب إلى الشمال»، وأضاف أن البدو العرب سيواصلون البحث عن المراعي وعن المياه في جنوب السودان، ولن يفكر أحد في حرمانهم من هذه الحقوق، في إشارة للقبائل العربية في مناطق التماس بين الشمال والجنوب، التي تتنازع قبيلة المسيرية العربية مع الدينكا نقوك الأفريقية حول بلدة أبيي الغنية بالنفط التي أصدرت هيئة التحكيم الدولية قرارا بأيلولة غالب المنطقة للجنوبيين، ومعظم الاحتياطيات النفطية المؤكدة بالسودان تقع في الجنوب، لكن الخام ينقل إلى الشمال على البحر الأحمر من خلال أنابيب نفط ومصاف تكرير في بور سودان، وتوجد مخاوف من أن الانفصال سيشعل اشتباكات بين مجموعات البدو المسلحين الذين ينقلون ماشيتهم بانتظام عبر الحدود بين الشمال والجنوب بحثا عن العلف.

وقال ميارديت: إنه قبل تطوير بنية أساسية مناسبة في جنوب السودان فإن النفط سيستمر في التدفق من جنوب السودان إلى شماله، حاثا المجتمع الدولي إلى دعم وقبول خيار شعبي الجنوب وأبيي في الاستفتاء على تقرير المصير، معتبرا بناء دولة في الجنوب إذا ما قرر الانفصال سيواجه بتحد كبير ويحتاج إلى الدعم لكي يتحقق الاستقرار والتنمية، وتابع «لن نعود إلى الحرب مرة أخرى رغم العثرات التي تواجه اتفاقية السلام، لكن علينا أن ننفذ ما تبقى من الاتفاقية خاصة ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب والاستفتاء على تقرير المصير»، وشدد على ضرورة إجراء الاستفتاء بسلام.

وأعلن كير بنفسه ترشيح نائب الأمين العام للحركة ياسر سعيد عرمان لانتخابات رئاسة الجمهورية، وهي المرة الأولى التي يعلن فيها كير بنفسه اختيار مرشح حركته للانتخابات الرئاسية. وقال كير «إننا سنخوض الانتخابات في كل المستويات، ولقد اختار المكتب السياسي ياسر عرمان مرشحا عن الحركة في الانتخابات الرئاسية وشخصي لانتخابات حكومة الجنوب»، وأضاف «عرمان مناضل كبير وقديم في الحركة الشعبية وهو نائب الأمين العام وعضو المكتب السياسي ورئيس الكتلة البرلمانية ولعب دورا كبيرا في ترسيخ رؤية الحركة الشعبية في تحقيق السودان الجديد وتمرير قانون الاستفتاء لجنوب السودان وأبيي من خلال البرلمان»، وأعرب عن أمنياته بفوز عرمان بانتخابات الرئاسة.