باريس «مرتاحة» لتطور العلاقات اللبنانية ـ السورية.. وتنوي طمأنة الحريري بألا تهديدات «جدية» للبنان

الحريري في فرنسا اليوم في أول زيارة رسمية لها

TT

يصل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى باريس بعد ظهر اليوم في زيارة رسمية لمدة ثلاثة أيام حرصت فرنسا على أن تشبه أكثر ما يكون زيارة رؤساء الدول لجهة الاحتفاء البروتوكولي ونوعية اللقاءات التي سيجريها مع كبار شخصيات الدولة الفرنسية والاتفاقيات التي ستوقع خلالها فضلا عن لقاء مع رؤساء الشركات الفرنسية المهتمة بالسوق اللبنانية. وللدلالة على أهمية الزيارة التي سيتوجها لقاء الحريري بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ظهر الجمعة وحفل الغداء الذي سيقيمه ساركوزي على شرف ضيفه في قصر الإليزيه، يرافق سبعة وزراء الحريري في زيارته هذه فضلا عن مستشاريه، وهي الزيارة الرسمية الأولى للحريري إلى أي عاصمة غربية منذ تسلمه رئاسة الحكومة، باستثناء كوبنهاغن حيث شارك في قمة المناخ العالمية.

واستبقت المصادر الفرنسية الرسمية وصول الحريري إلى باريس لتؤكد عزمها على «دعمه ومساعدته» للنجاح في مهمته التي تصفها بـ«الصعبة» وللإشارة إلى أنها «تتطلع» إلى المباحثات التي سيجريها في باريس للتعرف على وجهة نظره في القضايا الإصلاحية الداخلية ومجمل الوضع السياسي اللبناني وعلاقات لبنان مع سورية وموضوع الجنوب والسلام في الشرق الأوسط والتعاون اللبناني ـ الفرنسي بما في ذلك في مجلس الأمن الدولي حيث يشغل لبنان مقعد عضو غير دائم. وخلال الزيارة سيتم توقيع خمس اتفاقيات في مجالات التعاون في البحوث العلمية والأمن الداخلي والإدارة والتعاون القضائي والشؤون الاجتماعية والاقتصاد.

ويلتقي الحريري، بالإضافة إلى ساركوزي، نظيره فرنسوا فيون الذي قام العام الماضي بزيارة رسمية إلى لبنان ورئيسي مجلس الشيوخ والبرلمان وجيرار لارشيه وبرنار أكواييه فضلا عن وزيري الخارجية والاقتصاد برنار كوشنير وكريستين لاغارد. ويعقد الحريري مؤتمرا صحافيا مشتركا ظهر غد مع فيون ويلتقي الجالية اللبنانية في نهاية زيارته بدعوة من السفير اللبناني بطرس عساكر. وتعول باريس على هذه الزيارة التي تتم بعد زيارتين لرئيس الجمهورية ميشال سليمان، آخرهما نهاية العام الماضي للتأكيد مجددا، وفق ما قالته المصادر الفرنسية، على «تمسك فرنسا بالوقوف إلى جانب لبنان» الذي ترى أنه اجتاز كثيرا من الصعاب ولكنه ما زال في «مرحلة النقاهة» بالنظر إلى المشاكل التي ما زالت عالقة في الداخل والخارج وبسبب صعوبة الوضع الإقليمي حيث لم تثمر حتى الآن الجهود الدولية لإعادة إطلاق مفاوضات السلام في المنطقة على أي من الجبهات.

وتبدو باريس «مرتاحة» لتطور العلاقات اللبنانية ـ السورية رغم أن المصادر الفرنسية تشدد على أن «كل القضايا العالقة لم تحل» مشيرة بذلك إلى موضوع استمرار تهريب السلاح وترسيم الحدود والرقابة عليها والميليشيات والسلاح الفلسطيني. وتتوقع باريس أن يطرح عليها الحريري مسألة التهديدات العسكرية الإسرائيلية وبشكل عام الوضع على الحدود الجنوبية وخروقات القرار 1701 وموضوع الغجر وانسحاب إسرائيل منها. وتنوي باريس «طمأنة» رئيس الوزراء اللبناني إلى أنه «ليست هناك تهديدات جدية للبنان» ولا خطر من عملية عسكرية إسرائيلية بعكس ما نقلته المعلومات والتقارير المتداولة في بيروت التي قيل إن الجانب التركي أبلغها للبنان مؤخرا. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر فرنسية موثوقة أن الرئيس سليمان «نقل مخاوفه» للرئيس ساركوزي وطلب مساعدته «للجم إسرائيل» وأن ساركوزي «وعده بالتحرك». وينتظر أن تثير باريس مع الحريري ملف الاستراتيجية الدفاعية اللبنانية التي تتركها «لحوار الأطراف» اللبنانية برعاية رئيس الجمهورية لما لها من ترابط مع موضوع نزع سلاح حزب الله وفق ما جاء في البيان الوزاري. وكانت باريس ردت على مطالبة بعض المعارضة اللبنانية بوأد القرار 1559 بتأكيد أن هذا الطلب غير ممكن فضلا عن أن القرار 1701 الذي تدعو لتطبيقه بحذافيره «يحتوي» القرار 1559 وبالتالي فإن دفن الأخير سيؤثر على فعالية الأول. ووصفت المصادر الفرنسية علاقة باريس مع الرئيس سعد الحريري بأنها «علاقة ثقة قديمة» مضيفة أن فرنسا «عازمة على العمل لتوفير الدعم الدولي له». وتعتبر باريس أن تحصين الوضع في لبنان يمر عبر ثلاثة مسالك: الحوار الوطني وتقوية الجيش والدولة وأخيرا إيلاء العناية الكاملة لتطبيق القرار 1701.

وتريد باريس الاستماع للحريري ولتقويمه لما وصل إليه «تطبيق خارطة طريق العلاقات اللبنانية ـ السورية» فضلا عن خطته للإصلاح الاقتصادي وتنفيذ الالتزامات التي قدمها لبنان في مؤتمر باريس 3 التي على أساسها حصل على مساعدات دولية كبيرة.

وعلى الرغم من «الليونة» التي طلب الرئيس ساركوزي من الحكومة الفرنسية التعامل بها مع لبنان للاستفادة مما تبقى له من مساعدات فرنسية، تم تمديد أجل الحصول عليها حتى نهاية العام الحالي، والمتبقي منها نحو مائة مليون يورو، فإن المصادر الفرنسية تقول إن فرنسا «لا تنوي بتاتا حل لبنان من تعهداته» المالية والإصلاحية إزاءها وإزاء الأطراف الدائنة.