حماس تطالب بـ«حوار» مع السلطات اللبنانية يحقق العيش الكريم للفلسطينيين والأمن للبنان

في ضوء الرفض اللبناني لبقاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات

TT

توالت ردود الفعل في لبنان على تصريحات أمين سر حركة «فتح الانتفاضة» العقيد سعيد موسى (أبو موسى) العائد إلى بيروت، بعد غياب قارب 30 عاما، الداعية إلى التمسك بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات ما لم ينتهِ الصراع مع إسرائيل، خصوصا أن هذه التصريحات تلت موقفا إيجابيا كان أعلنه قبل أيام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، خلال زيارته بيروت، عندما قال ردا على سؤال عن السلاح الفلسطيني: «هذا الموضوع يحتاج إلى بحث، لكن بشكل عام فإن المبادئ عندنا لا شيء فوق سلطة الدولة والقانون في لبنان».

وبرز رد نائب الأمين العام لـ«جبهة التحرير الفلسطينية» ناظم اليوسف، الذي اعتبر أن «تصريحات كهذه هي زوبعة في فنجان، وتضر بالعلاقات مع لبنان الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني وتضحياته في سبيل القضية الفلسطينية». وأعلن أن «الشعب الفلسطيني ملتزم بالقوانين اللبنانية حتى عودته إلى دياره، وأن مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال أصبحت على أرض فلسطين لا من الخارج».

أما من الجانب اللبناني فقد قال النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» سليم سلهب لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار بشأن هذا السلاح اتخذ بالإجماع في طاولة الحوار السابقة وتم الاتفاق على معالجته». وأضاف: «يبدو غريبا طرح حوار الدولة اللبنانية مع الفصائل الفلسطينية في أمر يجب بحثه مع السلطة الفلسطينية. لا يمكن لحكومة لبنان أن تبحث مع فصائل مسلحة خارج المخيمات وخارج الشرعية الفلسطينية هذا الملف. وقبل أي أمر آخر لا بد أن نسأل عن تركيبة هذه الفصائل وعلاقتها بالسلطة الفلسطينية ومدى شرعيتها». واعتبر أن «التعامل يجب أن يكون مع السلطة الفلسطينية بما فيها حركة حماس. والتصريحات الحالية لا يمكن أن تحجز لأصحابها دورهم في الحوار. يجب أن يجدوا مع سلطتهم آلية مشتركة». من جهته أكد المسؤول السياسي لحركة «حماس» في لبنان علي بركة لـ«الشرق الأوسط» أن «بين مسؤولين لبنانيين وجهات فلسطينية اتصالات لبحث ملف الفلسطينيين، لذلك نسمع بين الحين والآخر تصريحات مكثفة بشأن الوضع الفلسطيني في لبنان». وأضاف: «المطلوب حوار يحقق العيش الكريم للفلسطينيين بانتظار عودتهم إلى بلادهم، وبما يحقق أمن لبنان وسيادته. ونريد عبر طاولة حوار لبنانية - فلسطينية أن نصل إلى هذا الهدف».

وردا على سؤال عن مدى احتمال عقد طاولة حوار لبحث هذه القضية قال بركة: «النية موجودة، لكن العمل لم يبدأ بعد. هناك حوارات ثنائية بين الطرفين مع الأقطاب اللبنانيين. وهناك زيارات من مسؤولين فلسطينيين تتم لهذه الغاية. والمطلوب أن يأخذ البحث صيغة رسمية مع الحكومة اللبنانية». واعتبر أن «جهدا عربيا يُبذل لإطلاق قطار الحوار الفلسطيني - الفلسطيني وإنجاز مصالحة حقيقية تثبت الوحدة الفلسطينية وتنعكس إيجابا على العلاقات الفلسطينية اللبنانية، مع تأكيدنا أننا حريصون على أن لا تنتقل خلافاتنا إلى الساحة اللبنانية. ونحن نتمنى أن يتم قريبا إطلاق حوار لبناني - فلسطيني من دون اقتصاره على الزاوية الأمنية فقط، إنما على كل الجوانب المتعلقة بالوجود الفلسطيني في لبنان منذ العام 1948، بحيث تتم معالجة هذا الملف». وعن طرح أبو موسى وغيره من المسؤولين الفلسطينيين بأن لا علاقة لسورية بالسلاح الفلسطيني في لبنان، يقول بركة: «الموضوع فلسطيني، والحديث يجب أن يتم مع الجانب الفلسطيني. وسورية صديقة للبنان وللفلسطينيين وهي دولة إقليمية، لذا لها دورها المهم في تقريب وجهات النظر».

لكن مسؤولا فلسطينيا تحفظ عن ذكر اسمه اعتبر أن «ما يجري يصب في خانة تقسيم الأدوار». ويقول: «المعروف أن أبو موسى لا يقرر. لأن القرار الفعلي لفتح الانتفاضة يتولاه أبو خالد العملة بإرادة سورية. لكن يبدو أن اختيار أبو موسى تم ليعطي إشارة عن الاتجاه بعكس السير. ما يعني أن دمشق أوعزت بذلك، والهدف قطع الطريق على ما يشاع عن أنها ستساعد الحكومة اللبنانية في مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات». ولا يرى المسؤول أي تناقض بين علاقة سورية برئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل وعلاقتها بـ«فتح الانتفاضة» و«الجبهة الشعبية - القيادة العامة». ويقول: «مشعل لا يخدم النظام السوري في الوضع اللبناني، فهو يخدمها في المعادلة الإقليمية الشاملة. لكن أبو موسى وأبو خالد العملة وأحمد جبريل يقدمون لها خدمات على الصعيد الداخلي اللبناني من خلال جزرهم الأمنية في قوسايا وتلال الناعمة وبعض المخيمات، حيث قدرتهم على التأثير أكبر من قدرة حماس».

أما عن الهدف من إعلان التمسك بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات والمطالبة بطاولة حوار خاصة بهذا الأمر فيقول المسؤول الفلسطيني: «هناك إشارات متناقضة تصدر عن دمشق، من شأنها إضفاء الغموض على الوضع العام لتصبح الحاجة إلى طلب المساعدة من النظام السوري أكبر، ومن دون أن يعني ذلك أن هذا النظام حاضر ليخسر ورقة السلاح خارج المخيمات لتعزيز الاستقرار الأمني في لبنان. والمفارقة أن الحكومة اللبنانية اتخذت قرارها بفصل مسألة السلاح عن الحقوق الفلسطينية الإنسانية والقانونية. وهذا إنجاز إيجابي للفلسطينيين. إلا أننا نسمع تصريحات تريد أن تربط السلاح بالحقوق كأن هناك مقايضة في الموضوع».

وفي ردود الفعل اللبنانية أكد النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» حسن فضل الله أنه «ليس هناك من رابط بين سلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني، لا داخل المخيمات ولا خارجها». وأضاف أن «هيئة الحوار الوطني حددت سابقا آلية لمعالجات السلاح الفلسطيني خارج المخيمات من خلال الحوار مع الفصائل الفلسطينية من قِبل الحكومة معلنا عن التزام حزب الله بما جرى الاتفاق عليه سابقا». كذلك أكد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أن «الوجود الفلسطيني داخل وخارج المخيمات هو خرق للسيادة اللبنانية». وأشار في الوقت نفسه إلى أنه «لا يحق لأحد تقرير مصيرهم بالنيابة عنهم، فمن يتكلم باسم الفلسطينيين هم منظماتهم في لبنان».

وقال النائب في كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار إن «طرح أبو موسى بالشكل والتوقيت يمكن أن يفسر الأمر بإطار العرقلة، ولكن تبقى الممارسة على المحكّ».