خامنئي يدعو المعارضة الإصلاحية إلى «النأي» بنفسها عن الأعداء وخاتمي يتهم القيادة الإيرانية بالكذب

اعتقال 4 غداة اغتيال مدع عام في كردستان الإيرانية عمل بالحرس الثوري

الفرنسية كلوتيلدا ريس تدلي بإفادتها في المحكمة بطهران (أ.ب)
TT

دافع الرئيس الإيراني الإصلاحي السابق محمد خاتمي عن المتظاهرين من أنصار المعارضة واتهم القيادة الإيرانية بـ«الكذب» على الشعب، حسبما جاء في موقع خاتمي على الإنترنت أمس. وانتقد خاتمي، الشخصية البارزة في معسكر المعارضة، المسؤولين في السلطة «الذين يرتكبون أعمال العنف بحصانة تامة من العقاب». وقال خاتمي إن «عددا من الأكاذيب تقال هذه الأيام، وعددا من الوعود تقطع، ولكن الناس يرون المسؤولين عنهم لا يفعلون شيئا» في الواقع. وأضاف في تصريحات على موقع منظمة باران التي يرأسها «ولذلك يدرك الناس أن العديد من المتظاهرين لا يحملون نوايا سيئة، وأن احتجاجهم منطقي» على الوضع القائم. ويتهم المعارضون الرئيس محمود أحمدي نجاد بالسعي للتغطية على إخفاقاته خاصة في إدارة الاقتصاد، فيما رفضت المعارضة إعادة انتخابه في يونيو (حزيران) وقالت: إن عمليات تزوير واسعة شابت تلك الانتخابات. ودان خاتمي، الذي التقى مجموعة أُفرج عنها من الذين اعتقلوا في التظاهرات، الموجة الجديدة من اعتقالات منتقدي الحكومة التي أطلقت عقب الاحتجاجات الدامية في يوم عاشوراء في 27 ديسمبر (كانون الأول).

ويأتي ذلك فيما دعا الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي المعارضة الإصلاحية، أمس، بأن تنأى بنفسها عن الأعداء الغربيين للجمهورية الإسلامية في تحذير قبيل احتجاجات جديدة مناهضة للحكومة، يتوقع أن تنظم الشهر المقبل. وقال خامنئي الذي انحاز بشكل فعلي إلى المحافظين بدعوته إلى اتخاذ إجراء أشد ضد المتظاهرين: إن أعداء إيران يسعون للإضرار بوحدتها. وصور مسؤولون حكوميون الاحتجاجات الهائلة للمعارضة التي اندلعت عقب انتخابات يونيو (حزيران) بأنها محاولة مدعومة من الخارج لتقويض القيادة الدينية.

وقال خامنئي في خطاب بثه التلفزيون الحكومي: «على جميع الأطراف ذات الميول المختلفة أن تنأى بنفسها بوضوح عن الأعداء، وعلى النخبة المؤثرة بالأخص أن تتجنب الإدلاء بتعليقات ملتبسة». وفي إشارة إلى الاجتماعات الحاشدة التي عادة ما تنظم في ذكرى الثورة قال: «الأعداء قلقون من الحضور الضخم لأمتنا». لكن، في علامة على استمرار تحدي المعارضة، اتهم خاتمي السلطات بإطلاق «موجة ضغوط جديدة» ودافع عن الأشخاص الذين لا يزالون يحتجون على نتيجة الانتخابات. وستغضب تصريحات خاتمي، التي أوردها موقع برلمان نيوز الموالي للإصلاحيين على الأرجح، القيادة المحافظة التي أصدرت مرارا تحذيرات صارمة من تنظيم مثل هذه التجمعات الحاشدة.

وألقي القبض بعد الانتخابات على آلاف المحتجين ومن بينهم إصلاحيون بارزون بتهمة إثارة القلاقل. وأفرج عن معظمهم رغم صدور أحكام بالسجن تصل إلى 15 عاما على أكثر من 80 شخصا. وحكم بالإعدام على خمسة أشخاص.

إلى ذلك أفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء، أمس، اعتقال أربعة أشخاص غداة اغتيال مدعي عام مدينة خوي شمال غرب إيران، في عملية تبنتها عناصر كردية يخوضون صراعا منذ سنوات ضد الحكومة الإيرانية. وأعلنت السلطات مقتل القاضي والي حاجي غوليزاده بالرصاص أمام منزله بعدما تلقى تهديدات في الأيام السابقة، منوهة بأن حاجي «كان معروفا بمكافحته أعداء الثورة وبمحاربته الفساد». وقال المسؤول المحلي في وزارة الداخلية فخرالي نكبخت لوكالة «مهر»: إن «مجموعة الحزب من أجل حياة حرة لكردستان (بيجاك) الإرهابية تبنت الاغتيال». من جهته قال حاكم خوي إبراهيم محمدلو: إن منفذي العملية تمكنوا من الفرار غير أن أربعة أشخاص قد اعتقلوا فيما بعد. والقاضي والي حاجي غوليزاده انضم للحرس الثوري في شبابه وقريب من الحكومة في طهران ومحسوب على المحافظين.

وتشهد منطقة شمال غرب إيران مواجهات ساخنة بين الأكراد الإيرانيين والسلطات، عززتها الأزمة السياسية التي تعيشها إيران منذ يونيو الماضي. وتشهد المناطق الإيرانية المحاذية للعراق وتركيا، حيث تعيش أقليات كردية بشكل متكرر، مواجهات بين القوات المسلحة الإيرانية وحزب «بيجاك» الذي يتمركز في شمال شرق العراق.

ويرتبط حزب «بيجاك» بحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل منذ 1984 القوات التابعة للحكومة التركية في جنوب شرق الأناضول. وتتهم إيران الولايات المتحدة بتقديم الدعم لحزب «بيجاك» ولمنظمات أخرى عرقية على الحدود، الأمر الذي تنفيه واشنطن. ويمثل الأكراد نحو سبعة في المائة من سكان إيران البالغين نحو 70 مليون نسمة.

واغتيل والي حاجي غوليزاده المدعي بمدينة خوي بشمال غرب البلاد قرب حدود تركيا رميا بالرصاص أمام منزله ليلة أول من أمس. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء (اسنا) عن محمد علي موسوي رئيس السلطة القضائية في الإقليم قوله: «إلى الآن لم تزعم أي جماعة مسؤوليتها عن هذا العمل الإرهابي». وأضاف «لكن بالنظر إلى التهديدات والخطط التي أعلنتها جماعة حزب الحياة الحرة لكردستان (بيجاك) من قبل.. فمن المحتمل أن تكون هذه الجماعة متورطة في الاغتيال». وكثيرا ما تشتبك قوات الأمن الإيرانية مع مسلحين من حزب الحياة الحرة لكردستان، وهو فرع لحزب العمال الكردستاني الذي حمل السلاح عام 1984 لإقامة وطن مستقل للأكراد في جنوب شرق تركيا.

ومثل العراق وتركيا توجد في إيران أقلية كردية كبيرة تعيش بشكل رئيسي في شمال غرب الجمهورية الإسلامية وغربها. وتعتبر إيران حزب الحياة الحرة لكردستان جماعة إرهابية. ويسعى الحزب للحصول على حكم ذاتي للمناطق الكردية في إيران، ويتخذ من المناطق الحدودية في شمال شرق العراق مأوى له.

وقال إبراهيم محمدلو حاكم خوي: إنه أربعة أشخاص اعتقلوا للاشتباه في صلتهم بحادث الأمس.

ونقلت وكالة «مهر» للأنباء، شبه الرسمية، عنه قوله: إن مدعي المدينة قتل على الأرجح على يد «جماعات معادية مناوئة للثورة». ووقع حادث الاغتيال بعد ستة أيام من مقتل عالم نووي في طهران في انفجار قنبلة نفذ بالتحكم عن بعد. ومثل تلك الحوادث نادرة الحدوث نسبيا في إيران التي لها حدود مشتركة مع كل من أفغانستان وباكستان والعراق وكلها دول تشهد توترات. وألقى مسؤولون إيرانيون باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل في التفجير الذي أسفر عن مقتل مسعود علي محمدي أستاذ الفيزياء النووية بجامعة طهران. ونفت الولايات المتحدة مزاعم بضلوعها في الواقعة ووصفتها بأنها سخيفة. وقال موقع على الإنترنت تابع للمعارضة: إن مسعود كان مؤيدا لزعيم المعارضة مير حسين موسوي.

ويعيش الأكراد الإيرانيون الذين يقدر عددهم بحوالي 7 ملايين نسمة بشكل رئيسي في أقاليم غرب أذربيجان وكيرمانشاه وكردستان المتاخمة لتركيا وشمال العراق. ويدور النزاع بين الأكراد الإيرانيين وحكومة طهران منذ عقود، نتيجة محاولة الأكراد الحصول على الحكم الذاتي في الأقاليم التي يسكنونها وتشكيل تحالف مع الأكراد في تركيا والعراق وسوريا. وأدت تلك النزاعات لوقوع اشتباكات دموية في تلك الدول، لكن في إيران اندمج الأكراد في المجتمع الإيراني. فعلى سبيل المثال يتمتع الأكراد باستقلالية ثقافية، لكنهم ملزمون بتعلم اللغة الفارسية في المدارس.

إلى ذلك اعتقلت الشرطة الإيرانية أكثر من 40 شخصا استنادا إلى إخباريات تلقتها بعد أن نشرت صورا لمتظاهرين شاركوا في احتجاجات دامية جرت في ديسمبر (كانون الأول)، بحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني للشرطة أمس. وقالت الشرطة إنه «بعد نشر صور متظاهري يوم عاشوراء على موقع الشرطة وفي مطبوعة الشرطة الخاصة.. جرى التعرف على أكثر من 40 من عناصر الفتنة واعتقالهم بالتعاون مع إيرانيين شرفاء». ونشرت الشرطة في نسخة خاصة من مطبوعتها صورا التقطت في 27 ديسمبر أثناء مظاهرات جرت في يوم إحياء ذكرى عاشوراء. ونشرت المطبوعة الواقعة في ثماني صفحات في 13 يناير (كانون الثاني) وناشدت عامة الناس بالتقدم بـ«معلومات ووثائق خاصة بالصور». وتضمنت المطبوعة صورا قريبة لرجال ونساء في شوارع العاصمة وقد وضعت دوائر حمراء حول وجوه المطلوبين.

وتقول السلطات الإيرانية: إن المئات اعتقلوا في يوم عاشوراء، من دون أن تكشف عن أعداد محددة. وذكرت الصحف أن عددا قليلا من هؤلاء مثل أمام المحكمة. وقتل ثمانية أشخاص في اشتباكات بين عناصر قوات الأمن وأنصار المعارضة خلال تلك المظاهرات. واتهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد - الذي أثارت إعادة انتخابه في يونيو (حزيران) سلسلة من الاحتجاجات - الولايات المتحدة وإسرائيل بالتحريض على المظاهرات.