الفضائح والاعتقالات تضيق الخناق على الحكومة اليابانية الوليدة

تدني شعبية الحزب الحاكم إثر شبهات مالية تلف الرجل الثاني في صفوفه و«صانع انتصاراته»

ايشيرو أوزاوا
TT

وضعت الاعتقالات، والفضائح، إضافة إلى انخفاض مستوى الشعبية الذي رصدته استطلاعات الرأي، حكومة رئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما، الذي انتُخب منذ أربعة أشهر، في موقف حرج خلال محاولتها تمرير قانون خطة الإنقاذ المالي الذي يستهدف حماية ثاني أكبر اقتصادات العالم من التهاوي إلى الركود مرة أخرى.

وكان الحزب الديمقراطي الحاكم قد تعرض لهزة عنيفة في نهاية الأسبوع الماضي، عندما تم اعتقال ثلاثة من المساعدين السابقين والحاليين،لايشيرو أوزاوا، ثاني أكبر قيادات الحزب وأكبر المخططين السياسيين له.

واتهم المساعدون الثلاثة، من ضمنهم أحد أعضاء البرلمان، بفبركة التقارير المالية الخاصة بالحزب والمتعلقة بصفقة شراء قطعة أرض في طوكيو. ووفقا لثلاثة استطلاعات أُجريت أخيرا، فإن رفض أوزاوا إجابة أسئلة المدعين المتعلقة بدوره المحتمل في صفقة الأرض ألّبت عليه وعلى حكومته غضبا عاما. ويُذكر أن الحزب الديمقراطي باليابان تولى السلطة خلال الخريف الماضي بعدما تغلب على الحزب الديمقراطي الليبرالي في انتخابات تاريخية أنهت نصف قرن من هيمنة حزب واحد على الحكم. ووفقا للاستطلاعات التي نشرتها وكالة أنباء «كيودو» وأكبر صحيفتين في البلاد، وهما «يومييوري» و«أساهي»، فإن نحو 70% من اليابانيين يؤيدون استقالة أوزاوا من الحزب، كما ارتفع لأول مرة عدد الأشخاص غير المؤيدين لحكومة هاتوياما، وفقا لاستطلاع «كيودو».

وكانت فضيحة شراء الأرض قد أحاطت بالحزب الحاكم خلال الأسبوع الماضي، وانخفض إثرها عدد مؤيدي الحكومة بنسبة 10% في الشريحة العمرية من أوائل الأربعينات إلى أواسطها.

ومع ذلك، فإن أوزاوا لم يتراجع، بل إنه أكد خلال مؤتمر الحزب في نهاية الأسبوع الماضي عدم وجود أموال خفية في صفقة شراء الأرض. كما اتهم المدعين في تلك القضية بممارسة السياسة من خلال لجوئهم إلى شن الغارات والاعتقالات الجنائية في أمور كان يمكنها توضيحها من خلال تقارير معدلة تتعلق بتمويل تلك الصفقة.

ويقول أوزاوا الذي يملك تاريخا طويلا من العداء والضغينة تجاه المدعين: «إذا وافقنا على ما حدث، سيكون مستقبل الديمقراطية في اليابان مظلما للغاية». وكان أوزاوا قد أُجبرَ على الاستقالة كرئيس للحزب خلال الصيف الماضي بعد توجيه اتهامات إلى مساعده في فضيحة تمويل أخرى.

ووفقا لمؤتمر الحزب الذي عُقد في نهاية الأسبوع الماضي، فإنه يبدو أن زعيم الحزب الديمقراطي الياباني سوف يضيف المدعين إلى قائمة البيروقراطيين الذين يتهمهم بالاستمرار في خدمة مصالح الحزب الديمقراطي الليبرالي المنهزم. وقد حث هاتوياما، الذي يخضع هو الآخر لتحقيق منفصل بشأن قضية تمويل تتعلق بالاستعانة بوالدته الثرية في تمويل حملته الانتخابية، أوزاوا على الاستمرار كقائد للحزب والوقوف في وجه المدعين.

يُذكر أن أوزاوا (67 عاما) كان مخطط النصر الذي حظي به حزبه خلال العام الماضي، كما أنه المخطط الاستراتيجي الرئيسي خلال انتخابات مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) في الصيف القادم. وكانت ثقة أوزاوا السياسية تمنحه دائمة قوة خاصة داخل الحكومة أمام خصومه تتجاوز في بعض الأحيان صلاحيات رئيس الوزراء، وفقا لما يقوله الكثير من المحللين.

وفي الوقت الذي عُقدت فيه جلسة برلمانية جديدة أخيرا، نصح وزير المالية ناوتو كان المشرعين بالتركيز على تحفيز الاقتصادي الياباني الذي عاد للتعثر مرة أخرى بعد تعافيه من حالة الركود الحادّة التي مُني بها خلال العام الماضي، خصوصا بعدما أجبر الانكماش وارتفاع معدلات البطالة الحكومة على إضافة المزيد من النفقات إلى ميزانيتها التي كانت تبلغ تريليون دولار. ومن جهته يقول وزير المالية كان: «يجب أن نحدد المسارات التي سوف يتم من خلالها إنفاق تلك الأموال الإضافية حتى نتمكن من التعامل مع ذلك الوضع الاقتصادي الحرج ونضمن التعافي الاقتصادي».

إلا أن الأحزاب المعارضة قد تحاول تأخير تحديد مسارات تلك الميزانية الجديدة حتى يوافق أوزاوا على تحمل مسؤولية صفقة شراء الأرض الغائمة بالكامل والتي يزعم أنها تمت قبل ست سنوات بما قيمته 4 ملايين دولار من الصندوق المخصص لتمويل الحملة الانتخابية لأوزاوا.

وكان المدعون قد أخبروا الصحافة اليابانية بأن أحد أعضاء الحزب الديمقراطي الياباني الذين تم اعتقالهم في نهاية الأسبوع الماضي قال إن التقارير المتعلقة بتمويل الحملة الانتخابية لأوزاوا تم تزييفها عمدا.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ(«الشرق الأوسط»)