اللجنة القانونية بالبرلمان العراقي تشكك في طلبات رفع الحصانة عن نواب.. وتطالب بأدلة

النائب عمر الكربولي لـ «الشرق الأوسط»: الاتهامات لي بالترويج للإرهاب مفبركة

TT

ظاهرة رفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب في العراق كانت وما زالت مثار جدل كبير وإحدى أهم الأوراق التي تستخدم لتمرير صفقات بين الكتل السياسية التي بدأت تستخدمها قبل الانتخابات النيابية القادمة كنوع من الدعاية الانتخابية والتأثير على الشارع العراقي على حد تعبير النائب عمر الكربولي الذي طالب مجلس القضاء الأعلى العراقي قبل يومين برفع الحصانة عنه بتهمة الترويج للإرهاب، ونائب آخر هو ظافر العاني بتهمة تمجيد حزب البعث وأعماله.

وقال عمر المشهداني المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب إن رئيس المجلس إياد السامرائي «تلقى رسالة من مجلس القضاء الأعلى يطلب فيها رفع الحصانة عن الكربولي النائب عن الحزب الإسلامي العراقي بتهم تتعلق بقضايا إرهابية، وهي تتعلق بدفع الكربولي لأحد الأشخاص مبلغ مليوني دينار (1700 دولار) مقابل أن يبث أخبارا على الإنترنت تنفي اعتقال زعيم القاعدة في العراق أبو عمر البغدادي»، مضيفا أن «طيفور شقيق الكربولي المعتقل حاليا اعترف للأجهزة الأمنية بهذه المعلومات». وأضاف المشهداني أن «رئاسة البرلمان ستتبع الإجراءات القانونية في النظر بطلب رفع الحصانة المتمثلة بمراجعة اللجنة البرلمانية المختصة لصحة الأدلة القانونية بشأنها، والتأكد من صدقيتها قبل رفعها من قبل رئاسة المجلس وعرضها في جلسة رسمية للتصويت عليها»، مؤكدا أن «لجنة رفع الحصانة البرلمانية ستقرر رفض طلب رفع الحصانة عن الكربولي إذا وجدته غير مطابق للشروط القانونية». من جهة أخرى تقدم التحالف الكردستاني بطلب للبرلمان برفع الحصانة عن النائب ظافر العاني الأمين العام لتيار المستقبل الوطني برئاسة رافع العيساوي وهو أحد أعضاء القائمة العراقية المشكلة مؤخرا، على خلفية دعوة لرئيس الجمهورية جلال طالباني برفع الحصانة عنه تمهيدا لمحاكمته بتهمة تمجيد «منجزات» و«جرائم» حزب البعث المنحل والمحظور دستوريا. وندد طالباني بتصريحات العاني حول «حملات الأنفال والحرب العراقية الإيرانية واحتلال الكويت وإبادة القوى الوطنية». ورأى أنه «من المناسب أن ينظر مجلس النواب في اتخاذ سلسلة من الإجراءات قد تصل إلى رفع الحصانة عن النواب الذين يتطاولون على أسس النظام الحالي ويتمادون في التجاوز على رموزه الدستورية تمهيدا لمثولهم أمام القضاء». وكان العاني قد أدلى بتصريحات إعلامية عن أن الظرف الراهن لا يتناسب وقدرات الرئيس جلال طلباني ويجب ترشيح شخصية أخرى أكثر قوة منه. الكربولي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه مستعد للمثول أمام القضاء العراقي «بحصانة برلمانية أو من دونها»، مشيرا إلى أن «هناك دوافع سياسية وراء هذا الأمر، وأنا مستعد للمثول أمام القضاء اليوم وغدا لكن توقيت الموضوع عبر تسريب تقديم رفع الحصانة من مجلس القضاء حتى قبل أن يصل لأصحاب الشأن وهم رئيس مجلس النواب وأنا، أمر يثير الشكوك ويؤكد كلامي بأن هناك دوافع وراء هذا الأمر، فلماذا لا ينظر في الأمر بعد انتهاء عمل مجلس النواب في شهر فبراير (شباط) من هذا العام».

وأضاف الكربولي: «أنا رجل لا أحتاج لمذكرة إلقاء قبض بحقي ولا أحتاج لمذكرة رفع حصانة فأنا ألقيت القبض على نفسي بنفسي وأنا رهن القضاء في أي وقت وبجلسة استجواب علنية أمام وسائل الإعلام، ولهذا هو نوع من أنواع الحرب النفسية للتشويش على الناخب في هذا الوقت تحديدا».

وسبق للبرلمان أن رفع الحصانة في 25 فبراير الماضي عن النائب محمد الدايني المتهم بارتكاب «أعمال إرهابية». وحاولت السلطات العراقية منع الدايني من السفر لكنه خرج من مطار بغداد واختفى، بعد ذلك. وكانت الجهات الأمنية كشفت تورط الدايني في تفجير مجلس النواب مما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص بينهم نائب وجرح نحو عشرين آخرين في 14 أبريل (نيسان) 2007، وبثت السلطات مشاهد اعترافات لشخصين أولهما رياض إبراهيم الدايني ابن شقيقة النائب الدايني، وعلاء خير الله المالكي مسؤول حمايته. واعترف رياض أن «الدايني أمر بجلب الانتحاري إلى مجلس النواب». والدايني، من «جبهة الحوار الوطني» بزعامة صالح المطلك وينحدر من منطقة الداينات في محافظة ديالى وانتخب نائبا عنها عام 2005. وقد أودى التفجير الانتحاري في البرلمان بحياة النائب محمد عوض.

وكانت عالية نصيف جاسم عضو اللجنة القانونية عن القائمة العراقية، قد شككت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بالقرارات القضائية وقالت: «لماذا تم تحريك هذه القضايا في هذا الوقت تحديدا؟». وتابعت: «هناك تصفيات اعتبارية ويجب أن يكون هناك تريث في الأمر لإحقاق الحق.. كما لا يجب التشهير باسم برلماني لتمرير صفقات سياسية وهو أمر مرفوض تماما».

طلبات رفع الحصانة عن أعضاء البرلمان بدأت من النائب مشعان الجبوري الذي اتهم في عدد من القضايا الجنائية وحكم عليه بالسجن مرتين غيابيا، عوقب في كل حكم منهما لمدة 15 عاما. ومن الأعضاء الآخرين الذين طلب رفع الحصانة عنهم مثال الالوسي والشيخ فاضل الجنابي وعدنان الدليمي. كما قدمت طلبات عديدة لرفع حصانة لكنها أسقطت بسبب تطبيق قانون العفو العام وأن أغلب التهم غير جنائية كما في النواب الذين شملوا بقانون العفو العام وبينهم سامي العسكري وعقيل عبد الحسين وصباح الساعدي، لأن التهم الموجهة لهم ليست جنائية وإنما تسمى وفق العرف الجزائي بالمخالفات كما في قضية العسكري الذي اتهم بالتشهير بوزير الخارجية.

وطبقا للدستور العراقي، فإن العضو الذي ترفع عنه الحصانة البرلمانية يجب أن يكون متهما بجناية ويكون حكمها من 3 سنوات إلى السجن المؤبد، أما في الجنح والمخالفات فلا يجوز رفع الحصانة عن عضو مجلس النواب، على أن يحظى الأمر القضائي بموافقة الغالبية المطلقة لمجلس النواب لرفع الحصانة عن أحد النواب طبقا للنظام الداخلي للبرلمان.

ويذكر أن مجلس القضاء الأعلى سبق وأن قدم مذكرات اعتقال بحق العشرات من المسؤولين البارزين في الحكومة العراقية بينهم وزراء ووكلاء وزراء مثل وزير الدفاع السابق حازم الشعلان الذي اتهم باختلاس المال العام وأيضا وزير النقل السابق لؤي العرس ووزيرة العمل السابقة ليلى عبد اللطيف ووزير الكهرباء أيهم السامرائي، كما أصدر القضاء العراقي مذكرتي اعتقال ضد النائب مشعان الجبوري وابنه يزن وطالب منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) بتنفيذهما على خلفية معلومات تشير بوجودهما خارج البلاد، وذلك بتهمة إهدار المال العام وتمويل الإرهاب داخل العراق. وهناك مذكرات اعتقال أو إثارة قضايا وحتى إشاعات ضد مسؤولين وصفت في حينها بأنها كيدية ولم تنفذ كما في قضية وزير الثقافة أسعد الهاشمي الذي اتهم بقتل نجلي الألوسي وأيضا سلام الزوبعي نائب رئيس الوزراء الذي اتهم بتسريب المعلومات، فيما نفذت أوامر الاعتقال بحق مسؤولين آخرين مثل وكيلي وزارة الصحة العراقية عن قضايا كثيرة بينها اتهامات بالتحريض على القتل وغيرها لكن المحاكم قررت الإفراج عنهما لعدم كفاية الأدلة.