روسيا تشغل محطة «بوشهر» 2010.. وإيران تصر على تبادل تدريجي لليورانيوم

الدول الست تسعى إلى ضمان وحدتها لإخضاع طهران

فني روسي يقوم بالاشراف مع تقني إيراني على العمل في محطة بوشهر النووية (رويترز)
TT

قال رئيس الهيئة النووية الروسية المملوكة للدولة للصحافيين أمس إن روسيا ستشغل المفاعل النووي في محطة بوشهر الإيرانية هذا العام. وقال سيرغي كيريينكو رئيس هيئة «روساتوم» للصحافيين بعد اجتماع للحكومة في موسكو: «2010 هو عام بوشهر». وأضاف: «ما من شك إطلاقا في أنه سيبنى هذا العام. كل شيء يسير وفقا للجدول الموضوع». وامتنع عن الرد على سؤال عن موعد تشغيل المفاعل تحديدا. ووافقت روسيا في عام 1995 على بناء المحطة النووية التي تبلغ طاقتها ألف ميغاواط في بوشهر على ساحل الخليج بجنوب غربي إيران لكن الإرجاءات لاحقت المشروع البالغة تكلفته مليار دولار، ويقول دبلوماسيون إن موسكو استغلته كورقة ضغط في علاقاتها مع طهران.

وكانت محطة الطاقة النووية مصدر خلاف بين روسيا والغرب الذي يشتبه في أن الجمهورية الإسلامية يمكن أن تحاول استخدامها لتصنيع أسلحة نووية. لكن في الأعوام الأخيرة تخلت الولايات المتحدة عن معارضتها، قائلة إن المحطة تنهي حاجة إيران لامتلاك برنامج لتخصيب اليورانيوم. وتقول روسيا إن أغراض المحطة مدنية بحتة ولا يمكن استغلالها في أي برامج تسلحية كما أنها ستخضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وسيكون على إيران إعادة جميع قضبان الوقود المستنفد إلى روسيا.

يأتي ذلك فيما أكد مسؤولون إيرانيون مجددا في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام أمس أن إيران ما زالت مستعدة لتبادل اليورانيوم لمفاعلها الخاص بالأبحاث في طهران ولكن بشكل تدريجي.

ونقلت وكالة أنباء «مهر» عن وزير الخارجية منوشهر متقي أن «إيران لم ترفض مبدأ التبادل (اليورانيوم مقابل الوقود) الذي كان آخر نقطة تم بحثها» في المفاوضات مع مجموعة الدول الست المكلفة بالتحاور مع إيران.

من جهته، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان بارست أن «موقفنا هو الموقف الذي عبرنا عنه في الماضي. نحن مستعدون لتبادل تدريجي للمحروقات». وأضاف: «إذا عبر الجانب الآخر عن استعداده، يمكننا مناقشة التفاصيل والقيام بالخطوات المقبلة». وتؤكد هذه التصريحات جمود المفاوضات بين طهران والدول الست (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا) حول قضية تخصيب اليورانيوم الحساسة الذي أشارت إليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.

وعرضت الوكالة على إيران في أكتوبر (تشرين الأول) نقل 70% من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى روسيا لاستكمال تخصيبه على أن يتم تحويله إلى وقود نووي في فرنسا. ويهدف هذا العرض إلى التثبت من عدم استخدام إيران اليورانيوم لأهداف عسكرية. لكن طهران رفضت هذا العرض وطلبت تبادلا تدريجيا وبكميات صغيرة لليورانيوم.

وذكر مصدر أوروبي أول من أمس أن دول «5+1» تراهن على وحدتها للجم الطموحات النووية لإيران، مشيرا إلى أن الصين ستتخلى عن تحفظها على فرض عقوبات جديدة على طهران خوفا من عزلها. وقال هذا الدبلوماسي الرفيع المستوى في مقابلة مع عدد من الصحافيين بحسب «رويترز» إن «الوحدة هي ضمانتنا الرئيسية وهدفنا الرئيسي». وأضاف هذا المصدر القريب من المحادثات مع إيران: «لا أقول إنه أمر سهل، لكنني واثق من أننا سنذهب إلى مجلس الأمن» الدولي.

وما زال العرض النووي «مطروحا» رسميا على إيران. لكن الأوروبيين، حسبما يقول الدبلوماسي، لم يفكروا يوما في أن إيران ستقبل هذا العرض. لكنهم مقتنعون بأن هذه المرحلة من الحوار ضرورية لتعزيز التهديد بفرض عقوبات جديدة للأمم المتحدة يلوح بها الغربيون بإصرار حتى الآن.

من جهتها، تدعو الصين التي تقيم علاقات اقتصادية وثيقة مع نظام الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد إلى مواصلة الحوار، إلا أنها تأمل في تجنب عزلة، حسبما يرى الدبلوماسي الأوروبي. وقال: «عندما نشاطر آخرين وجهة نظر ما ويكون الجميع متفقين (للتقدم باتجاه فرض عقوبات) فمن الصعب أن نبقى معزولين». وأضاف: «إنه موقف لا يمكن الصمود فيه لفترة طويلة».

وتابع أن الصين تواجه ضغوطا أقوى لأن روسيا أصبحت تتبنى موقف الغربيين. وقال إن «الروس غيروا موقفهم بشكل عميق ويبرهنون على أنهم مفيدون جدا». ورأى أن هذا التغيير يعود إلى سبتمبر (أيلول) الماضي عندما أعلنت طهران عن موقع نووي إيراني جديد للتخصيب كان سريا حتى ذلك التاريخ.

وأكد أن رص الصفوف في «مجموعة الست» أدى إلى نتائج، مشيرا إلى إجماع القوى الكبرى في تصويت على قبول قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أدان إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويأمل الأميركيون والأوروبيون في أن تتمكن الدول الست من تقديم مشروع قرار في الأمم المتحدة في فبراير (شباط).

وسيكون مجلس الأمن الدولي عندئذ برئاسة فرنسا قبل أن تنتقل رئاسته إلى الغابون في مارس (آذار) ثم اليابان في أبريل (نيسان) وقبل أن ينشغل في مايو (أيار) بمراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي. لكن الغربيين يرفضون تحديد مهلة لجهودهم؛ إذ إنهم يدركون أن إقناع بكين بالانضمام إليهم «قد يستغرق بعض الوقت». وفي حال الفشل؛ وبينما يواجه الملف النووي الإيراني جمودا منذ أشهر، يمكن أن ينتهي الأمر بالأوروبيين «بتحمل مسؤولياتهم»، أي فرض عقوبات من جانبهم.

وهذا الاحتمال مطروح على جانبي الأطلسي. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كرولي الثلاثاء: «نواصل مناقشة الخيارات المعروضة؛ أي التقدم في مجلس الأمن الدولي، إلى جانب إجراءات يمكن اتخاذها بشكل منسق على المستوى الوطني».