وكالة الطاقة الذرية: نواصل جهود إقناع إيران بقبول مسودة الاتفاق النووي

الوكالة ترفض التعليق على ما إذا كان سلطانية قدم جوابا خيا على الاقتراح

معارضة إيرانية خارج مقر الحكومة البريطانية في لندن تتظاهر ضد سياسة ايران أمس (إ.ب.أ)
TT

أمنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على استعدادها التام لمواصلة جهودها الساعية للجمع بين إيران والأطراف المعنية بمسودة الاتفاق الرامي لتوفير وقود نووي لمفاعل طهران الطبي بمساعدة دولية، وذلك انطلاقا من حقيقة كون أن الوكالة طرف جاد ومحايد يحظى بثقة تلك الأطراف كافة. جاء ذلك في معرض تصريح لـ«الشرق الأوسط» من جيل تودور الناطق الرسمي باسم الوكالة التي أكدت أن مسودة الاتفاق بين إيران وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة لا تزال هي الوثيقة المطروحة قيد الدراسة بغرض الوصول لاتفاق شامل بأسرع ما أمكن متى ما توفرت الثقة بين تلك الأطراف.

من جانب آخر، شددت المتحدثة الرسمية باسم الوكالة على حقيقة أن الوكالة ليست مخولة لمناقشة مواقف أي من الأطراف المعنية، ممتنعة من جانبها عن الإدلاء بأي تفاصيل حول ما تم إبان الزيارة التي قام بها المندوب الإيراني السفير علي أصغر سلطانية لمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا حيث تردد أنه قد رفع لمدير الوكالة يوكيا امانو مذكرة مكتوبة تتضمن رفض إيران التام لأهم بنود الاتفاق الذي ينص على أن تقوم إيران بشحن 1200 كيلوغرام، أي ما يعادل 70% مما خصبته من يورانيوم إلى روسيا وفرنسا لمعالجته كوقود نووي يمكنها من تشغيل مفاعلها الطبي الذي يوفر علاجات إشعاعية لمرضى السرطان في أكثر من 200 مستشفى ومركز طبي.

وكانت مصادر وثيقة قد أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن سلطانية قد سلم مدير الوكالة امانو في الخامس من هذا الشهر مذكرة مكتوبة تتضمن للمرة الأولى، ومنذ أن صدرت مسودة الاتفاق بتاريخ 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تمسك إيران رسميا أن يتم تبادل اليورانيوم مقابل الوقود داخل إيران وليس خارجها كما تصر الدول الغربية التي وافقت على كسر طوق العزلة المفروض دوليا ضد إيران اقتناعا وثقة في مسودة الاتفاق التي صاغها المدير العام السابق للوكالة الدكتور محمد البرادعي. وهدف البرادعي بمقترحه خلق مناخ يوفر الثقة بين إيران والمجتمع الدولي مما يسمح بالمساعدة في إمداد إيران بما تحتاجه من وقود نووي لأغراض إنسانية بحتة وفي ذات الوقت يقلل من المخاوف الغربية المتزايدة بسبب تراكم مخزون اليورانيوم المخصب داخل إيران وإمكانية أن تنجح في استخدامه لصنع أسلحة نووية متى ما قررت رفع درجة التخصيب. وكانت إيران قد طلبت من الوكالة مطلع شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي مساعدتها في إيجاد جهات دولية توفر لها وقودا للمفاعل البحثي الذي أوشك وقوده على النفاد فيما تحول العقوبات الدولية المفروضة ضد إيران حاليا دون إمكانية أن توفر طهران ذلك الوقود بنفسها كما فعلت في السابق بشرائه من السوق كما اشترته عام 1973 من الأرجنتين. أضف إلى ذلك أن هذه العقوبات تمنع إيران من التخصيب أساسا دع عنك التخصيب بدرجة عالية. ومعلوم أن هذه الأطراف برعاية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت قد ناقشت تفاصيل الطلب الإيراني لتوفير الوقود النووي لمفاعل طهران أثناء مباحثات فيينا النووية يومي 19 و20 أكتوبر الماضي، التي اختتمت بفشل ذريع منتصف يومها الثالث لعدم الوصول لاتفاق بسبب رفض إيراني لمشاركة فرنسا بدعوى عدم ثقتها فيها بحكم معاملات نووية سابقة بينهما تسلمت فيها فرنسا أموالا إيرانية قبل قيام الثورة الإسلامية فيما لم تلتزم بتسليم إيران ما اتفق عليه بعد قيام الثورة وتغيير نظام الحكم في إيران.

من جانبه، حاول مدير الوكالة حينها، الدكتور محمد البرادعي، انطلاقا من إرثه الفردي كشخصية عالمية تحظى بثقة واحترام كل الأطراف، وكمدير لثلاث دورات متواصلة وبالانتخاب للوكالة، وكحامل لجائزة نوبل للسلام تقديم مسودة للاتفاق تقوم على إرسال 70% من مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 3.5% إلى روسيا لتخصيبه إلى نسبة 20% لتقوم فرنسا بمعالجته كقضبان نووية تستخدمها إيران لمواصلة تشغيل مفاعلها. في سياق مواز كرر مكتب السفير سلطانية بالأمس لـ«الشرق الأوسط» عدم توفر السفير أو أي مسؤول للإدلاء بأي تصريحات صحافية في هذا الخصوص وهو ما فسرته بعض المصادر بأن مجاهرة طهران برفض رسمي وموثق كتابة ستزيد من حدة الضغوط ضدها مما سيقرب من الهوة التي ظهرت في مواقف دول مجموعة 5 + 1 (الصين وروسيا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بالإضافة إلى ألمانيا) التي يؤيد بعضها تشديد العقوبات خاصة الدول الغربية وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا فيما ترفض ذلك وبقوة الصين كما بدا جليا في آخر اجتماع ضم هذه المجموعة في نيويورك حيث لم يخرج اجتماعهم بأي قرار حاسم. من جانب آخر، أرجعت المصادر التحوط الإيراني بعدم الإدلاء بأي تفاصيل إلى احتمال أن إيران وإن كانت تحاول بدورها طرح بديل لمسودة الاتفاق وفق شروطها بتبادل متزامن داخل أراضيها فإن طهران فيما يبدو تسعى جاهدة لعدم التوسع فيما طرحته على مدير الوكالة إعلاميا مما يمكن أن يوفر لها فرصة التراجع في حالة لم تتمكن من تمرير مقترحها خاصة أن الوقت يمضي ومخزون المفاعل الطبي من وقود نووي إلى نفاد وهو ما يعرض حياة مرضاها للخطر.