نتنياهو يشترط وجودا عسكريا في الأغوار.. والسلطة: لن نقبل بوجود إسرائيلي واحد

مستبقا زيارة ميتشل

باراك خلال لقائه مع ميتشل في تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي شكا فيه من شروط فلسطينية تعرقل استئناف مفاوضات السلام، وقبل ساعات من وصول المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، في محاول أخرى لكسر الجمود في مسيرة السلام، وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقبة جديدة أمام عملية السلام، حين صرح بأن إسرائيل تصر على وضع قوات عسكرية لها في منطقة الأغوار التي تشكل الجزء الشرقي من الدولة الفلسطينية.

وردت الرئاسة الفلسطينية بأن القيادة الفلسطينية لن تقبل بوجود جندي إسرائيلي واحد على الأرض الفلسطينية بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مدنيا كان أم عسكريا. وقال صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، ردا على هذا الطرح إن منظمة التحرير لن تقبل بأن تكون الدولة الفلسطينية منقوصة السيادة ولن تقبل بوجود أي جندي غير فلسطيني على أراضيها.

وقال نتنياهو، خلال لقائه مع ممثلي الصحافة الأجنبية في إسرائيل، الليلة قبل الماضية، إن قضية الأمن تقف في مقدمة اهتماماته في عملية السلام. و«الفلسطينيون، مثل حزب الله في لبنان، ردوا دائما على الانسحاب الإسرائيلي بتكديس كميات هائلة من الصواريخ بهدف قذفها باتجاه البلدات الإسرائيلية في الشمال والجنوب لقتل أكبر عدد من الإسرائيليين».

وأضاف: «نحن لا توجد لنا مشكلة على الحدود مع قطاع غزة، بل مشكلتنا في الحدود بين قطاع غزة وبين سيناء المصرية، حيث إنها باتت مرتعا لمهربي السلاح والخبرات الإرهابية. ولا توجد لدينا مشكلة على الحدود مع لبنان، بل مشكلتنا تكمن في الحدود بين سورية ولبنان، فهذه الحدود ممر آمن لتهريب الأسلحة والخبرات الإرهابية». وأردف قائلا: «خلال السنوات الأخيرة، منذ انسحابنا من لبنان (2002) وفي ما بعد من قطاع غزة، تعرض شعبنا لقصف باثني عشر ألف صاروخ. وهذا رقم ضخم لم تعرف البشرية مثيلا له منذ الحرب العالمية الثانية. وأنتم ممثلو مختلف دول العالم تعرفون أن أيا من دولكم ما كانت لتحتمل مثل هذا الاعتداء. وما نريده هو ضمان عدم تكرار ما حصل في غزة وجنوب لبنان، في الجهة الشرقية لحدودنا. لذلك نطالب بأن توضع قوات عسكرية إسرائيلية شرق الدولة الفلسطينية حتى تضمن عدم تهريب الصواريخ إلى الضفة الغربية، لأن هذه الصواريخ ستطلق في اتجاه بلداتنا في منطقة تل أبيب والقدس».

وكان المراقبون الإسرائيليون قد أكدوا أن اختيار نتنياهو طرح هذه الفكرة عشية قدوم ميتشل إلى البلاد، لم يكن صدفة. واعتبرها البعض صفعة لميتشل وجهوده لتحريك المسار التفاوضي، وحتى لرئيسه، باراك أوباما، الذي يفقد من شعبيته المزيد والمزيد كل يوم. ولاحظت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن نتنياهو يشعر بتعاظم قوته الآن بعد أن تلقى الرئيس أوباما، صفعة في الانتخابات على مقعد ماساتشوستس في مجلس الشيوخ (حيث فاز الشاب الجمهوري سكوت براون بالمقعد الذي احتله أبناء عائلة كينيدي الديمقراطيون على مر السنين). وقالت: «كل ضعف لأوباما، مصدر لقوة نتنياهو ويزيد من ثقته بنفسه». وحسب سياسيين إسرائيليين، فإن ميتشل يدرك هذه الحقيقة، ولذلك سيكون حذرا في طرح مطالبه من نتنياهو، لأنه يخشى من رد فعل فظ. ومن هنا، فإنه سيمارس الضغوط في الأساس على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، حتى يتخلى عن شرطه بتجميد البناء الاستيطاني لاستئناف المفاوضات. وأجرى ميتشل محادثات، أمس، مع المسؤولين الإسرائيليين، لينتقل اليوم إلى رام الله.

وكان نتنياهو قد صعد من هجومه على الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورفاقه في قيادة السلطة، فقال إنهم «لا يريدون سلوك طريق التفاوض حول التسوية. ويضعون الشرط تلو الشرط لعرقلة استئنافها. ونحن نقدم لهم خطوات حسن نية، المرة تلو الأخرى، فأزلنا عشرات الحواجز العسكرية وعشرات السواتر الترابية وأتحنا حرية تنقل غير مسبوقة، مما أحدث قفزات نحو الازدهار في الاقتصاد، وهم من جهتهم يمتنعون عن أي فعل. لقد اعتادوا على أن يقوم العالم بخدمتهم وهم قنوطون كسالى».

وانضم إلى هذا الهجوم على أبو مازن الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس الذي اتهمه باللعب بالنار، ودعاه إلى استئناف المفاوضات لمنع انفجار انتفاضة ثالثة.

وفي رام الله، قال نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة إن القيادة الفلسطينية لن تقبل بوجود إسرائيلي واحد مدنيا كان أم عسكريا، بعد إنهاء الاحتلال. وأضاف: «إننا لن نقبل بأقل من دولة فلسطينية كاملة السيادة على جميع أراضيها وحدودها ومواردها وأجوائها، ولن نقبل بأي وجود إسرائيلي عسكريا كان أم مدنيا على أرضنا، ولن نقبل بأن تكون دولتنا محمية إسرائيلية». ووصف أبو ردينة تصريحات نتنياهو بأنها تضع مزيدا من العراقيل أمام استئناف المفاوضات، وتكشف عن ماهية الحل الذي يريده والدولة التي يرضى بها، مؤكدا أن أي علاقات مستقبلية بين إسرائيل ودولة فلسطين يجب أن تقوم على الاعتراف والاحترام المتبادل، وفق الأعراف والقوانين الدولية التي تحكم علاقات الجوار بين الدول المختلفة. وأكدت فصائل منظمة التحرير، ضرورة التمسك بالموقف الصادر عن المجلس المركزي واللجنة التنفيذية للمنظمة برفض العودة إلى المفاوضات إلا بعد الوقف التام للاستيطان بأشكاله كافة، والالتزام بمرجعية قرارات الشرعية الدولية.

وحذرت الأجهزة الأمنية الفلسطينية أبو مازن من حملة التحريض الإسرائيلية ضده، وأنه ربما يكون هدفا لها. وقال عباس: «ياسر عرفات لم يكن متطرفا، وكان دائما له وجهة نظر أن نجد الحل السياسي.. والهجوم علينا هذه الأيام هدفه أن يقال إننا سلطة عدمية، ثم يقولون هذا الرجل يجب أن نتخلص منه».