المعاقون يسببون أزمة في العراق.. والحكومة عاجزة عن التعامل معها

10% من السكان أصيبوا في الحروب.. ووزارة الصحة لا تملك سوى 21 مركزا لإعادة تأهيلهم

رياضي عراقي معاق في صالة ألعاب ببغداد (أ.ف.ب)
TT

انحسر العنف في العراق، لكن جيشا من المعاقين في العراق هو شاهد مستمر على القتال الذي يقول مشروع «إيراك بودي كاونت» الذي يحصي القتلى في العراق إنه أودى بحياة 100 ألف عراقي منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003. وخلال الحرب بين العراق وإيران في الثمانينات قتل مليون من الجانبين. وبالنسبة للمصابين تقول وزارة الصحة العراقية إنها لا تملك أرقاما محددة، لكنها تقدر أن عدد المصابين بإعاقات جسدية وذهنية يتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين، أي 10 في المائة من سكان العراق الذي يقدر حاليا بـ30 مليون نسمة.

يعد حمزة حميد تذكرة حية لعملية القصف التي أطلق عليها «الصدمة والرعب» خلال الغزو الأميركي للعراق عام 2003. وحسب تقرير لوكالة «رويترز» فقد حميد ساقه اليمنى التي بترت من أسفل مفصل الفخذ مباشرة وإصبع السبابة من يده اليسرى حين أصيب في سوق خلال ما قال إنه كان قصفا أميركيا على مقربة. وبعد أن ترك حميد ليتعامل بمفرده مع الإصابة التي غيرت حياته وحرمته من هوايته الوحيدة وهي كرة القدم غرق في اكتئاب ألزمه غرفة نومه طوال عام إلى أن قفز ذات يوم في نهر لإنقاذ شقيقه. وهو الآن سباح في الفريق الوطني العراقي للمعاقين، لكنه لا يزال يعيش مع زوجته وأبنائه الأربعة في حجرة واحدة في منزل والديه ولا يستطيع الحصول على طرف صناعي قابل للاستخدام.

وقال حميد (40 عاما)، الذي بدا شابا فيما كان يجلس على أريكة حاملا عكازيه في تجمع الرافدين لمعاقي العراق «أصدقائي يدعونني حمزة الفكاهي الذي لا يؤثر عليه أي شيء حتى إعاقته».

وتعتبر جماعة «ميرسي كور» التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها أن تقدير عدد المعاقين بمليونين فقط، متحفظ. وقالت إن تعدادا للسكان عام 1977 سجل أن نسبة المعاقين حينذاك بلغت 9 في المائة من سكان العراق الذين كانوا 12 مليون نسمة آن ذاك أو نحو مليون. وتقدر الحكومة عدد السكان الآن بنحو 30 مليون نسمة. وقالت تيانا توزر، المتحدثة باسم «جماعة ميرسي كور»: «إذا وضعنا في الاعتبار أن العراق في حرب منذ عام 1977... حرب إيران والعراق والقصف الأميركي والعقوبات كلها أسهمت في إعاقة المزيد من الناس. 2.7 مليون أو عشرة في المائة من السكان تقدير متحفظ».

وتقول الحكومة إنها لا تستطيع مجاراة هذا العدد من المعاقين. ولا تملك وزارة الصحة سوى 21 مركزا لإعادة التأهيل، و12 ورشة للأطراف الصناعية ولا تستطيع افتتاح المزيد لأنها تفتقر إلى الأطباء والفنيين. وأشارت إلى أن نسبة 25 في المائة من الأشخاص الذين يحتاجون إلى أطراف صناعية فقط هم الذين يحصلون عليها لأن المواد الخام غير متوفرة. وتعطي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للمعاقين نحو 50 ألف دينار عراقي (40 دولارا) شهريا. وقال خميس السعد، وكيل وزارة الصحة: «حتى أكون واضحا.. لحد الآن نحن غير مؤدين المطلوب منا، لكن هناك أولويات، كوزارة الصحة عملنا عليها لكن في النهاية إن شاء الله سنصل إلى نسبة عالية من المطلوب منا كوزارة صحة. أرقى الدول يوجد لديها معاقون لكن نحن الظروف التي مررنا بها استثنائية.. هي موارد بشرية أكيد نحن نخسرها».

ويعتمد حميد على العكازين في الأساس لأن الطرف الصناعي الذي حصل عليه من ورشة حكومية غير مريح. وحين طلب من ورشة خاصة تصنيع ساق صناعية أفضل له قالت له إن التكلفة خمسة آلاف دولار وبالتالي ألغى الفكرة.

وكان حميد قد فقد الأمل في الحياة تقريبا حين رأى شقيقه الذي كان يسبح في نهر ببلدة اليوسفية إلى الجنوب من بغداد، وهي مسقط رأسه، وهو يصارع المياه. ولم يدر حميد الذي كان جالسا على ضفة النهر ماذا يفعل لأنه لا يستطيع السباحة. وقال: «قررت أن أقفز وأحاول إنقاذه حتى لو غرقت أنا. كنت أقول أنا أساسا ميت». وقادته هذه الحادثة وكانت المرة الأولى التي يسبح فيها لفريق المعاقين العراقي، وقد فاز بميداليات في بطولات دولية.

ويأمل حميد أن تعطيه الحكومة منزلا. وهو يحصل على راتب قدره 325 ألف دينار (275 دولارا) شهريا من اللجنة العراقية الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة. وقال «أنا أعيش في بيت أهلي أشغل غرفة واحدة مع زوجتي وأطفالي الأربعة».

ويريد فرج حسب، من تجمع الرافدين لمعاقي العراق، من البرلمان الذي ينتخب في مارس (آذار) القادم تمرير قانون لتفعيل المادة 32 من الدستور التي تضمن حقوق المعاقين. وقال حسب (43 عاما)، عضو الفريق الوطني للسلاح، الذي فقد ساقه اليسرى خلال حرب العراق وإيران التي استمرت ثمانية أعوام: «أحد أهم الأهداف لهذا التجمع هو إقرار المادة 32 من الدستور. يجب أن تفعل هذه المادة، فهي تخص حقوق المعاقين».