الأمم المتحدة: اختفاء أطفال من مستشفيات في هايتي يثير مخاوف من الاتجار بهم

ناشط أميركي يتهم إسرائيل بسرقة الأعضاء.. وتسارع طلبات تبني أيتام

أطفال هايتي في انتظار ترحيلهم إلى فرنسا للتبني (أ.ف.ب)
TT

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أمس عن اختفاء أطفال من مستشفيات هايتي منذ وقوع الزلزال، مما يثير مخاوف من الاتجار بهؤلاء الأطفال لعرضهم للتبني في الخارج.

وقال جان لوك لوغران أحد المستشارين الإقليميين لليونيسيف: «لدينا وثائق بنحو 15 حالة لاختفاء أطفال من المستشفيات».

وأضاف إن «اليونيسيف تعمل في هايتي منذ سنوات، ونعرف بمشكلة الاتجار بالأطفال في هايتي منذ سنوات وهي مشكلة موجودة من قبل، وللأسف فإن عددا من شبكات الاتجار هذه ترتبط بسوق التبني الدولي».

إلى ذلك، اتهم ناشط أميركي، مدافع عن حقوق السود، إسرائيل بسرقة الأعضاء البشرية لمنكوبي الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي قبل أسبوع وقتل ما يزيد عن 72 ألف شخص، وأصاب ربع مليون آخرين، طبقا للتقديرات.

وذكر الناشط الأميركي الأفريقي، تي ويست، في الوقت نفسه، سرقة إسرائيل لأعضاء فلسطينيين قتلوا في اشتباكات أو معارك بين الجانبين، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية عن صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وذكرت الصحيفة الإسرائيلية في عددها الصادر الأربعاء، أن الناشط الأميركي بث كلمة مصورة له على موقع «يوتيوب» الشهير على الإنترنت اتهم خلالها الجيش الإسرائيلي وبعثة الأطباء الإسرائيليين باستغلال نكبة سكان هايتي وسرقة أعضائهم.

وعرض الناشط الأميركي في الشريط المصور الأجهزة الطبية المتقدمة التي تستعملها البعثة الطبية الإسرائيلية ضمن تقرير نشرته شبكة CNN.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن الناشط الأميركي قوله: «هناك أشخاص لا ضمير لهم يستغلون المواقف دائما ومن بينهم الجيش الإسرائيلي الذي يعمل في هايتي الآن.» وأضاف: «أنا لا أكره الإسرائيليين وليس لدي أي موقف ضدهم، أنا أكره الصهيونية وما تقوم به، وشاهدنا ما فعلوه في جنوب أفريقيا وفي فلسطين».

وأضاف: «بالنظر إلى تاريخنا ومعاناة شعبينا، يمكنني أن أتفهم ما يمر به الشعب الفلسطيني».

وشدد على أنه حيث يكون الموت، ثمة استغلال لهذا الأمر.

وقال تي ويست: «إن الأمر ليس سياسة رسمية للجيش الإسرائيلي، ولكن ثمة أفراد يقومون بذلك»، معززا قوله بتورط حاخامات يهود بقضية اتجار بالأعضاء في الولايات المتحدة الأميركية.

صحيفة «يديعوت أحرونوت» وصفت تلك الاتهامات بأنها ملفقة وتسعى إلى التشهير بالدولة العبرية، في الوقت الذي يسعى فيه الجيش الإسرائيلي إلى مد يد العون إلى الدول المحتاجة، على حد تعبيرها.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أرسلت بعثة طبية خاصة إلى هايتي يدعمها جنود من الجيش الإسرائيلي تقدم مساعدات للمصابين وتعمل على إنقاذ من بقوا تحت أنقاض المنازل المدمرة.

وجاء الاتهام الأخير ليضاف إلى سلسلة من الاتهامات في قضايا الاتجار بالأعضاء البشرية، التي بدأت خيوطها تظهر في الولايات المتحدة بتورط حاخامات يهود وشخصيات يهودية في قضية اتجار بالأعضاء البشرية، وما تلاه من كشف الصحافي السويدي دونالد بوستروم سرقة الجيش الإسرائيلي أعضاء القتلى الفلسطينيين.

وتلا ذلك اتهامات أوكرانية لإسرائيل باختطاف أكثر من عشرين ألف طفل واستغلال أعضائهم، وكذلك تقرير نشرته قناة إسرائيلية أواخر العام الماضي تضمن تصريحات للطبيب المشرف على هذه العمليات وتأكيدات باحثة أميركية لهذه السرقات.

وفي مقدمة الموضوع الذي نشرته الصحيفة الإسرائيلية، قال المحرر: «إنه في الوقت الذي ينتقل فيه الجيش الإسرائيلي إلى مختلف دول العالم لمد يد المساعدة للمحتاجين، هناك من يحاول الاصطياد لنشر الكراهية ضد الدولة اليهودية».

وفي نفس الوقت، دفع الوضع الهش للأيتام، بعد الزلزال، العائلات التي تريد تبنيهم إلى طلب تسريع الإجراءات، لكن بعض المنظمات الإنسانية تخشى أن يؤدي التسرع إلى نتائج سلبية.

ومانا فتاة في الخامسة من العمر سحقت ساقها وقتل ثلث رفاقها في دار الأيتام «نوتردام دي لا ناتيفيتيه» حيث كانت تعيش. وقد دمر المبنى في الزلزال الذي وقع في 12 يناير (كانون الثاني) في هايتي. لكن قريبا ستبدأ حياة جديدة مع والديها بالتبني في فرنسا.

وأعلنت عدة حكومات إجراءات لتسريع إجراءات التبني ليتاح نقل الأيتام إلى خارج دائرة الخطر. لكن منظمات غير حكومية مثل «سيف ذي تشيلدرن» و«وورلد فيجن» تخشى أن يؤدي تسريع الإجراءات من أجل إنقاذ الأطفال إلى تفكك عائلات واقتلاع أطفال من جذورهم يمكن أن يواجهوا احتمال العيش في عزلة ويأس.

وقالت ماي غارنيديا بيار المتطوعة في صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) خلال زيارة لدار الأيتام التي قتل فيها 57 من 132 طفلا «لا نريد منع إنقاذ الأطفال». إلا أنها تخشى الانقطاع المفاجئ للعلاقات الأسرية. وقالت: «عندما يبلغ طفل الخامسة عشرة من العمر يحتاج بشدة إلى مراجع لهويته». وأضافت إن «الأمر لا يتعلق بإساءة بالمعنى التقليدي للكلمة بل بالتسبب بقطيعة دائمة. يجب الإبقاء على العلاقات».

ودعت اليونيسيف الخميس إلى «تجميد أي طلب جديد للتبني وخصوصا إذا كان دوليا، خلال الفترة الطارئة» لمحاولة جمع الأطفال بأسرهم أولا.

وأعلنت المنظمة عن اختفاء أطفال من مستشفيات هايتي منذ وقوع الزلزال مما يثير مخاوف من الاتجار بهؤلاء الأطفال لعرضهم للتبني في الخارج. وقال جان لوك لوغران أحد المستشارين الإقليميين لليونيسيف: «لدينا وثائق بنحو 15 حالة لاختفاء أطفال من المستشفيات».

وأضاف إن «اليونيسيف تعمل في هايتي منذ سنوات ونعرف بمشكلة الاتجار بالأطفال في هايتي منذ سنوات وهي مشكلة موجودة من قبل، وللأسف فإن عددا من شبكات الاتجار هذه ترتبط بسوق التبني الدولي». لكن بعض الحكومات الغربية وبعض الأسر الراغبة في التبني ترى أنه يجب منح الأطفال، بعد كارثة إنسانية بهذا الحجم، فرصة بدء حياة جديدة في بلد يقدم لهم مستقبلا أفضل وعناية طبية أفضل. ولهذا الجدل أبعاد مهمة وجانب عاطفي كبير، ومثال مانا ورفاقها لا يسمح بحسمه. وكانت مانا متمددة على سرير في مستشفى ميداني أقيم في المدرسة الفرنسية في بيتيون فيل وتعالج إحدى الممرضات جرحين في رأسها. ومانا صغيرة الحجم بالمقارنة مع سنها، وساقاها مربوطتان إذ إنهما مصابتان بكسور حتى إن إحداهما مفتتة. ويعتقد الأطباء أنها لن تتمكن من المشي بشكل طبيعي أبدا.

وهي لا تفتح فمها ولا تبتسم لكن أمام تدفق الأطباء والصحافيين على زيارتها تبدو وكأنها على وشك البكاء. ومع ذلك فلا تذرف أي دمعة ولا تصدر أي صوت. وكانت إجراءات تبني مانا جارية قبل وقوع الزلزال، ويفترض أن تغادر هايتي قريبا على متن رحلة متوجهة إلى غوادلوب.

وتقول إيفلين لوي جاك التي تدير دار الأيتام «نوتردام» منذ ثمانية أعوام: إن أيا من الأطفال لم يفقد والديه بل جاءت به إلى الدار عائلات فقيرة. وقالت: «إنهم أيتام اقتصاديون كما أسميهم وسيتم تبنيهم جميعا في فرنسا»، مشيرة إلى 74 طفلا بينهم أربعة لم يبلغوا الشهر السادس من العمر. وقد سلمت اليونيسيف الدار ماء للشرب وتنوي تسليمها مواد غذائية ومواد للحالات الطارئة.