عملية واسعة النطاق لإيواء المنكوبين خارج العاصمة الهايتية

«الدول الصديقة» تعقد اجتماعا طارئا في كندا لبحث المساعدة

TT

أطلقت السلطات الهايتية عملية واسعة النطاق لتأمين مساكن لآلاف المشردين من جراء الزلزال الذي ضرب البلاد خارج العاصمة، وأكدت أنها تستعيد السيطرة تدريجيا على الوضع. وقال وزير الداخلية الهايتي بول أنطوان بيينايميه إن «عملية واسعة تجري، ونقوم بنقل المشردين» لإيوائهم، مضيفا أن «قرى» يمكن أن تستقبل عشرة آلاف شخص في كل منها سيتم إنشاؤها خارج العاصمة. من جهته قال الرئيس الهايتي رينيه بريفال «نحن نستعيد السيطرة على الوضع».

وأضاف بريفال أنه «تم البدء بتامين إمدادات الوقود مجددا فيما تفتح المصارف أبوابها» مشيرا إلى أن «المساعدات تنظم، وستستمر في التحسن».

لكن ما يدل على حالة الخوف التي لا تزال سائدة في البلاد فإن أعضاء الحكومة قطعوا اجتماعهم للخروج إلى الخارج إثر هزة ارتدادية بلغت قوتها 4.8 درجة من دون أن تسفر عن وقوع إصابات.

وأصبحت الأولوية تتركز الآن على إيواء المنكوبين. وقدرت المنظمة العالمية للهجرة عدد المشردين، في العاصمة الهايتية فقط، بنحو 500 ألف شخص على الأقل، حيث يقيمون في 447 مخيما مستحدثا. وكانت السلطات الهايتية أشارت إلى وجود مليون مشرد في كل أنحاء البلاد.

وبعد عشرة أيام على الزلزال لا تزال الحصيلة المؤقتة للكارثة 75 ألف قتيل و250 ألف جريح.

وتعمل أربعة مطارات حاليا بينها مطار العاصمة وفي جمهورية الدومينيكان المجاورة لنقل المساعدات، كما أعلن مسؤول عسكري أميركي. وأرسلت الولايات المتحدة برج مراقبة لتسهيل إدارة مئات الرحلات الدولية المشاركة في تقديم المساعدات الإنسانية، كما أعلنت وزارة النقل الأميركية. ويعمل المراقبون الجويون حاليا بواسطة أجهزة لاسلكي عسكرية.

وتعمل القوات الأميركية التي سيبلغ عددها، مع وصول تعزيزات، إلى أربعة آلاف عنصر، الأحد، نحو عشرين ألف عنصر على إعادة فتح مرفأ بورت أوبرنس، مما يعتبر أمرا حاسما لتخفيف الضغط عن مطار العاصمة.

وقال الجنرال الأميركي مايك دانا المسؤول عن الأعمال اللوجستية لعمليات الإغاثة «سنتمكن من تلقي الوقود في نهاية الأسبوع» بفضل إعادة تشغيل المرفأ.

من جهته، أعلن البنك الدولي أنه سيعلق، على مدى خمسة أعوام، تسديد الديون المتوجبة على هايتي.

ورغم مضي عدة أيام على وقوع الزلزال فان رجال الإنقاذ يؤكدون أنهم لا يزالون على أهبة الاستعداد للبحث عن ناجين محتملين.

وقالت الناطقة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة، إليزابيت بيرس إن «رجال الإنقاذ عملوا في اليوم الثامن تماما مثلما عملوا في اليوم الأول». وبحسب آخر أرقام الأمم المتحدة فإن رجال الإنقاذ تمكنوا من انتشال 121 شخصا من تحت الأنقاض منذ 12 يناير(كانون الثاني).

وبالنسبة للناجين فإن الظروف الصحية تبقى مزرية بسبب نقص المياه العذبة وتجهيزات التنظيف.

وللمساهمة في مجال إعادة الإعمار تعتزم الأمم المتحدة إطلاق برنامج «مال مقابل عمل» لإفساح المجال أمام هايتيين بتلقي 5 دولارات يوميا لقاء المشاركة في أعمال التنظيف وإزالة الردم وإعادة الإعمار.

كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية أن 33 طفلا هايتيا تبنتهم عائلات فرنسية غادروا المدرسة الفرنسية في بورت أوبرنس متوجهين إلى مطار العاصمة الهايتية، كخطوة أولى في رحلة إلى فرنسا.

ونظمت حملة إنسانية في هولندا لصالح هايتي، وتمكنت من الحصول على وعود بجمع نحو 41 مليون يورو لمساعدة ضحايا الزلزال في هذا البلد، حسب ما أعلن المنظمون، الخميس.

والأوضاع الصعبة تدفع بالهايتيين إلى التعاون في كل شيء في بعض الأحياء.

وقال أنطوان نادال ،52 عاما، «نتقاسم كل شيء» فيما تنظم مجموعات من الرجال في بورت أوبرنس فرقا لتأمين الحماية من أعمال النهب. في المقابل، يمكن ملاحظة عودة تدريجية إلى الحياة العادية في بعض المناطق مع ازدحام السير وانتشار الباعة في الطرقات.

من جهة أخرى، تعقد «الدول الصديقة» لهايتي بينها الولايات المتحدة وفرنسا والبرازيل في مونتريال اجتماعا طارئا لتنسيق المساعدة التي تقدمها لبورت أوبرنس، والتحضير لمؤتمر حول إعادة إعمار هذا البلد الذي ضربه زلزال في 12 يناير.

وهذا الاجتماع الذي تشارك فيه خصوصا وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ونظيرها الفرنسي برنار كوشنير، يفترض أن يعطي الولايات المتحدة فرصة تأكيد دورها المركزي والقيادي بحكم الأمر الواقع، والذي أثبت أثر الجهود الإنسانية والمالية الكبرى التي بذلتها في هذه المحنة. وظهر توتر، تمت المسارعة إلى نفيه، بين واشنطن وباريس قبل أسبوع، على خلفية ازدحام مطار بورت أوبرنس، الذي تولت الولايات المتحدة تشغيله، فيما ندد قادة فنزويلا ونيكاراغوا وبوليفيا بالوجود العسكري لهذه القوة العظمى على أرض هايتي.

وهذه الدول، في أميركا اللاتينية، ليست مدرجة على اللائحة المؤقتة للمشاركين في مؤتمر مونتريال، الذي ستحضره في المقابل الأرجنتين والبرازيل وتشيلي والبيرو والأوروغواي والمكسيك وكوستاريكا وإسبانيا. ويلتقي وزير الخارجية الكندي لورنس كانون، الجمعة، كلينتون في واشنطن تمهيدا لدراسة مواقف البلدين قبل المؤتمر.

وسيترأس كانون مؤتمر مونتريال، الذي اعتبرته وزارة الخارجية الكندية اجتماع عمل طارئا بدون بروتوكولات. وسيعقد في مقر منظمة الطيران المدني الدولية في مونتريال، المدينة التي توصف بأنها ثاني عاصمة هايتية.

فهذه المدينة الواقعة في مقاطعة كيبيك الكندية، تؤوي أكبر جالية من أصل هايتي في كندا تعد نحو مائة ألف شخص. والمهاجرون يفضلون هذه المقاطعة الناطقة بالفرنسية التي تقيم مع دولتهم علاقة خاصة، ظهرت من خلال وجود الكثير من المثقفين والفنانين المتحدرين من هذه الجزيرة الكاريبية.

وهذه العلاقة تنعكس في العدد الكبير للكنديين الذين اعتبروا في عداد المفقودين في هايتي، وبلغ عددهم أكثر من 300 شخص، الخميس، بينهم عدد قد ينضاف إلى القتلى الـ14 المؤكدين.

وقدمت كندا مساعدة كبرى لبورت أوبرنس بلغت نحو 135 مليون دولار خلال عشرة أيام، من دون احتساب نحو 60 مليون دولار من الهبات الخاصة. والحاكمة العامة لكندا ميشال جان من أصل هايتي. وأقامت أوتاوا جسرا جويا لنقل المساعدات الإنسانية والطبية، وأرسلت سفينتين حربيتين إلى هايتي أيضا وطائرة شحن مستأجرة لنقل معدات أشغال عامة. وعلى الرغم من أنها وعدت بتسريع النظر في طلبات لم شمل العائلات والتبني، فقد رفضت حكومة أوتاوا تعديل أنظمة الهجرة لديها وفتح حدودها بشكل أوسع أمام الهايتيين الذين يريد أقرباؤهم في كندا استقبالهم. لكن كيبيك التي تحظى بهامش مناورة، قررت توسيع مجموعة الأقرباء الذين يمكن أن ينضموا إلى أفراد من عائلاتهم مقيمين في المقاطعة.