الرئيس سليمان ينتقد إدخال «الاستحقاقات» في التجاذبات السياسية

حزب الله بادر إلى احتواء التوتر بين بري وعون على خلفية إلغاء الطائفية السياسية وتخفيض سن الاقتراع

TT

انتقد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، إدخال الاستحقاقات في التجاذبات السياسية، في وقت سعى فيه حزب الله إلى احتواء التوتر بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، على خلفية إلغاء الطائفية السياسية وتخفيض سن الاقتراع.

وقال سليمان «إننا أمام استحقاقات ومحطات انتخابية وسياسية وإدارية وإصلاحية». وأشار إلى أن «إصلاح القوانين وتطبيقها يحل الكثير من الإشكالات القائمة ومسبباتها». وعدد المحطات التي تبدأ بقانون الانتخاب مرورا بتخفيض سن الاقتراع إلى 18 عاما، وحق المغتربين في الانتخاب، وصولا إلى التعيينات الإدارية. وإذ أكد التزام ما تم إقراره لجهة إعطاء المغتربين الحق في الانتخاب في العام 2013، دعا إلى «وجوب الإسراع في إقرار استعادة قانون الجنسية للتمكن من اتخاذ الإجراءات التي تفتح الطريق أمام انضمامهم إلى المغتربين وممارسة حقهم في الاقتراع في العام 2013». وشدد على «وجوب ألا تدخل هذه البنود، مع أهمية كل منها، في التجاذبات السياسية، وإنما الإفادة من الوقت المتاح لإعطاء الشباب اللبناني حقوقه، وفي طليعتها حق التعبير عن الرأي». وأوضح أن «أهم بند من بنود إلغاء الطائفية السياسية هو عدم حصول التعيينات على أساس الانتماء السياسي لهذه المرجعية أو تلك، وإنما على أساس المعيار الذي يفترض أن تحدده الآلية من دون أن يستبعد أي شخص تبعا لرأيه السياسي». وقال «من المعيب تحويل الخيارات السياسية إلى وسيلة لتحقيق المصلحة الشخصية والاستحصال على الوظيفة لأن في ذلك ضررا على الوظيفة نفسها وعلى الخيار السياسي الحر كذلك». وأشار إلى «السعي لتطبيق الدستور والقوانين بالطريقة الأمثل على قاعدة الشفافية والنزاهة». كلام سليمان حمل جملة «تصويبات» في حين استقطب الاهتمام «التلاسن الإعلامي» بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وذلك على خلفية ملفين أساسيين، هما: تشكيل الهيئة العليا لإلغاء الطائفية السياسية وخفض سن الاقتراع من 21 إلى 18 سنة. وكان عون قد انتقد توقيت رئيس المجلس في دعوته غدا الاثنين إلى جلسة قد يصار خلالها إلى إقرار قانون يسمح لمن بلغ سن الثامنة عشرة بالمشاركة في الانتخابات البلدية المفترض إجراؤها في مايو (أيار) المقبل. وأثار مسألة عدم إقرار اقتراح قانون استعادة الجنسية لمتحدرين من أصل لبناني. ليسأل: «لماذا نستعجل بندا ونؤجل آخر؟». الأمر الذي استوجب ردا من المكتب الإعلامي لبري ذكّر فيه أن «عون لم يكن موافقا على اتفاق الطائف». وأن رئيس المجلس حاول «مرارا وتكرارا تصويب استهداف العماد عون لما نقوم به من واجب تطبيق الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب حتى ظن البعض ومنهم الظافر العماد عون أننا غير قادرين على الرد عليه».

هذا الواقع طرح أكثر من علامة استفهام حول موقف حزب الله من الصراع الدائر بين «حليفيه». وسربت مصادر مطلعة أنّ مساعي مكثفة بدأت ليل أول من أمس وأمس السبت، لاحتواء «التوتر الكلامي» بين «الحليفين اللدودين»، وقلّلت من أهمية التوتر لتشير إلى أنّ ما يحصل يمكن معالجته بأسلوب حواري للوصول إلى تفاهم.

ويبدو أن مساعي الحزب نجحت. فقد قال النائب في كتلة «التنمية والتحرير» (التي يرأسها بري) عبد المجيد صالح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بحاجة إلى تغليف أمورنا دائما بالحوار وعدم إثارة الزوابع، لا سيما أننا جهدنا لإرساء أسس الحوار والمصالحات في البلد. إلا أنه لا بد أن يعكر الوضع السياسي بعض السجال بشأن بعض الاستحقاقات كالتعيينات أو الانتخابات البلدية أو تشكيل هيئة لإلغاء الطائفية السياسية». وأضاف: «كل مسؤول يحق له طرح وجهة نظره المحترمة. كل شيء خاضع للنقاش وهناك سقف للخطاب السياسي. وكما تنحسر عواصف الطقس انحسرت هذه الزوبعة في فنجان. وأعتقد أن الأمور تسير نحو التوافق». وقال النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» يوسف خليل لـ«الشرق الأوسط» عن مساعي الحزب للتوفيق بين بري وعون: «ممكن جدا أن يحاول حزب الله إبقاء الحوار على مستوى نقاش هادئ. وأعتقد أن هذه المحاولات بدأت. والمفوضون من قبل الطرفين شرعوا بمشاوراتهم، والحزب يعمل لتعود الأمور إلى طبيعتها، لأنه سبّاق إلى هكذا مواضيع». واعتبر خليل أن «الخلاف بين بري وعون ديمقراطي. والأفضل أن نصفه بالنقاش الساخن عبر الصحف. وهو لا يتطلب حوارا ثنائيا بين الرجلين. كما أن عدم توافق الزعامات على رأي واحد هو أمر طبيعي، لا سيما في أمور لها نتائج بالنسبة إلى الوطن. ويبقى الخلاف أفضل من المساكنة أو تدجين الديمقراطية. ولا يعني وجود القوى السياسية في حكومة وحدة وطنية أن لا خلافات بشأن المواضيع المطروحة». وأشار إلى «عدم وجود خلافات شخصية بين الرجلين. على العكس هناك تفاهم يجمعهما في الأمور الأساسية. ولا بد أن تأخذ الأمور المختلف عليها حيزا من النقاش الديمقراطي، وتحديدا في مسألة إلغاء الطائفية السياسية. فهي جاءت بتوقيت غير مناسب. هناك إجراءات تحضيرية يجب أن تسبقها، منها فصل الدولة عن الطوائف في المرحلة الأولى، بحيث لا تتعلق مصالح الدولة بالمصالح الطائفية لكل فريق». وردا على سؤال عن أن خلفية الخلافات منبعها المحاصصة الطائفية، قال صالح: «من حق كل طرف أن يشكل أوزانه. وله حرية طرح ما يناسبه على مستوى مقاربته للملفات والعناوين التي تثير بعض الهواجس. ولا أحد يريد الغلبة على الآخر. سواء لجهة التعيينات أو سن الاقتراع أو إلغاء الطائفية السياسية، فهي لا توثر على المناصفة بين الطوائف ولا تعطي لأي طائفة حجما أكبر في المقاعد. المطلوب إلغاء الطائفية وليس الطوائف. وهذه المبادرة ليست مبادرة كالدعوة إلى طاولة الحوار. وليست شيعية أو سنية وضد فريق معين، إنما هي تطبيق للدستور واتفاق الطائف الذي يجب أن يؤخذ بالجملة وليس بالمفرق». وقال خليل: «توازنات الحكم في لبنان غير ممكن إخراجها من الواقع الطائفي. اما المحاصصة فيمكن أن تكتسي معاني مختلفة. وهي اليوم ليست بمعنى الحصة، إنما هي لإشراك الجميع في المسؤولية مع مراعاة للظروف. وكل طائفة تسعى إلى أن تختار الأفضل لديها. الكل يتنافس لتكون الكفاءات التي تمثله هي من الوطنيين وأصحاب الخبرة».