إسرائيل تقترح على واشنطن تفعيل المسار السوري للضغط على أبو مازن

ميتشل يبقى في المنطقة ويلتقي اليوم مرة أخرى مع نتنياهو وأبو مازن

TT

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وغيره من الوزراء، اقترحوا على المبعوث الرئاسي الأميركي، جورج ميتشل، فتح ملف المفاوضات السياسية مع سورية كورقة ضغط على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. لكن ميتشل لم يتحمس لذلك. وقرر البقاء في المنطقة وإجراء جولة محادثات ثانية مع كل من نتنياهو وعباس اليوم وغدا.

وقالت هذه المصادر: إن نتنياهو، بتأثير من وزير الدفاع، إيهود باراك، ووزير شؤون المخابرات، دان مريدور، طرح فكرة التفاوض مع سورية. وباراك تحدث في الموضوع مطولا لدى لقائه ميتشل مساء الخميس الماضي. وقال له: إن المأزق الذي وصلت إليه المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، نجم عن إصرار أبو مازن (الرئيس الفلسطيني) على وضع شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات. والمخرج من هذا المأزق هو أن يشعر أبو مازن أن هذا الشرط يكلفه ثمنا. وأن هناك بديلا بالنسبة لإسرائيل وكل الذين يعارضون الإصرار الفلسطيني مثل الإدارة الأميركية وحتى الأوروبيين، هو التفاوض مع سورية وإهمال المسار الفلسطيني، حتى تغير القيادة الحالية موقفها أو يأتي من يغيرها.

ولكن ميتشل تجاهل الاقتراح. وتساءل، بشيء من السخرية، هل التوتر القائم على الحدود الشمالية والتدريبات الإسرائيلية المكثفة والاستنفار من جهة سورية وحزب الله في جنوب لبنان، هي الأرضية المناسبة لاستئناف المفاوضات؟ وأضاف ميتشل أنه يريد ويعمل لأجل إعادة استئناف المفاوضات الإسرائيلية السورية، ولكنه لا يفعل ذلك من باب الالتفاف على المسار الفلسطيني وأنه ما زال يرى ضرورة تفضيل المسار الفلسطيني لأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو لب الصراع.

وكان الطرفان، الفلسطيني والإسرائيلي، ومنذ أعرب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عن حالة الإحباط إزاء هذه المفاوضات واعترافه بأنه بنى تفاؤلا زائدا حول إمكانات نجاحها في غضون سنتين وتحميله الطرفين للمسؤولية عن ذلك، قد تبادلا الاتهامات حول السبب في إفشال مهمة ميتشل. وأطلق أحدهما تصريحات ضد الآخر أيضا أمام ميتشل. فقال نتنياهو: إن السلطة الفلسطينية هي التي تعرقل المفاوضات لأنها تضع شروطا مسبقة. ورد صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، بأن إسرائيل هي التي تفرض شروطا مسبقة، فتعلن أنها ستحتفظ بالمستوطنات التي تنهب 12 - 15% من مساحة الضفة الغربية والقدس، التي تساوي مساحتها اليوم نحو سدس الضفة الغربية، وغور الأردن الذي يساوي 20%. ورد نتنياهو على ذلك ببيان في ليلة قبل الماضية، وهو الوقت الذي يعتبر الشغل فيه انتهاكا لحرمة السبت، قال فيه: إن الفلسطينيين يضيعون الوقت سدى. ووجه إليهم نداء يقول فيه: إن الوقت قد حان لأن يتجه الطرفان إلى مفاوضات تنتهي بسلام يحقق الخير والازدهار للشعبين.

وحرص مقرب من نتنياهو على القول: إن ميتشل حاول إقناع الرئيس أبو مازن بأن يعود إلى المفاوضات، «لأن الجمود الحالي لا يحقق للفلسطينيين شيئا، وإن حقق شيئا فهو بالتأكيد ليس في مصلحة أبو مازن والتيار المعتدل الذي يمثله، بل في مصلحة المتطرفين والإرهابيين». لكن هذا الادعاء لم يؤكد من طرف أميركي أو فلسطيني.

من جهة ثانية، قال مصدر في فريق ميتشل: إن الإدارة الأميركية لم تيأس من احتمالات النجاح في استئناف المفاوضات. ولذلك فقد طلبت من ميتشل أن يبقى في المنطقة ويلتقي مرة أخرى مع نتنياهو وأبو مازن. وأدى هذا القرار إلى ارتباك في مكتبيهما، حيث إن نتنياهو سيدير اليوم جلسة الحكومة ثم يستعد للسفر إلى بولندا، وأبو مازن موجود في الأردن وسيبدأ غدا جولة تشمل روسيا وبريطانيا وبلدانا أخرى. وعليه لم يحدد موعد لقاء ميتشل مع نتنياهو بعد، فقد يكون اليوم بعد جلسة الحكومة الإسرائيلية، وقد يكون في ساعة مبكرة من صباح غد، وسيلتقي مع أبو مازن في العاصمة الأردنية اليوم. وسيحاول ميتشل التوضيح للطرفين أن الرئيس أوباما يطالبهما ببذل جهود أكبر وأكثر جدية لاستئناف المفاوضان وإبداء المرونة اللازمة في سبيل ذلك. وأمضى مساعدو ميتشل خلال هذه الفترة ساعات طويلة مع مساعدي أبو مازن من جهة ومساعدي نتنياهو من جهة أخرى، على أمل التوصل لشيء ما في لقاءات ميتشل.

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن إسرائيل ربطت بين تقديم تسهيلات للسلطة الفلسطينية وبوادر حسن نية للرئيس عباس، وبين عودته لطاولة المفاوضات. وحسب الإذاعة فإن ميتشل أبلغ أبو مازن بقرار إسرائيل خلال لقائهما في رام الله أول من أمس، ورفض عباس الشرط، قائلا: «إن على إسرائيل أن تقوم بخطوات لخلق جو من الثقة بين الطرفين». وقالت مصادر سياسية مسؤولة في القدس، أمس: إنه رغم عدم استجابة الفلسطينيين لدعوة ميتشل إلى استئناف المفاوضات فإن الاتصالات حول هذا الموضوع ستستمر. وأعربت المصادر السياسية عن اعتقادها بأن الرئيس أوباما سيواصل بذل الجهود لإحراز تقدم في المسيرة السياسية، ولكن بوتيرة أخرى بعد أن أقر بأنه أخطأ تقدير مدى استعداد الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لتقديم بوادر حسن نية.

وأضافت المصادر أن أوباما لم ييأس من هذه المسيرة، وأن الإدارة الأميركية وإسرائيل ستلائمان الطموحات مع الواقع. وستواصل إسرائيل اتصالاتها مع مصر وجهات أوروبية لتنسيق الخطوات المتعلقة بالمسيرة السياسية. وسيكون هذا الموضوع أيضا مدار بحث خلال المباحثات التي سيجريها نتنياهو في موسكو في منتصف الشهر المقبل مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين.