امرأة لم تفقد الأمل تعثر على ابنها بعد 10 أيام حيا

الشاب الهايتي بعد إنقاذه: عشت لحظات رعب وكنت أسمع أصواتا خافتة

إيمانويل بوتو يخضع للعلاج في مستشفى إسرائيلي في بورت أوبرنس بعد إنقاذه أول من أمس («نيويورك تايمز»)
TT

عندما انهار مبنى مكون من ثلاثة طوابق داخل أحد أفقر الأحياء في المدينة الأسبوع الماضي، اعتقد الجميع أن خياطا عمره 21 عاما كان داخل المبنى، صار واحدا من عشرات آلاف الأشخاص الذين لقوا مصرعهم جراء الزلزال الذي ضرب هايتي، إلا والدته رأت غير ذلك.

عادت الأم ماري يولين دو فير، 46 عاما، والتي كانت تعيش داخل أحد مخيمات النازحين في منطقة قريبة من القصر الرئاسي المحطم، يوم الجمعة إلى المبنى المنهار، على أمل العثور على أي أثر لابنها. وقالت: «لقد سمعت ابني يناديني، وفي تلك اللحظة علمت أن من الممكن إنقاذه».

أسرعت إلى إبلاغ ضباط الشرطة والصحافيين وعمال الإغاثة، أن ابنها عالق تحت أنقاض منزلها المنهار في بل إير. وبعد عشرة أيام من الزلزال، كان لا يزال على قيد الحياة. سريعا، وصل خبراء طبيون أميركيون وفرنسيون وتبعهم خبراء إسرائيليون في فريقين، يتكون كل واحد منهما من خمسة أفراد. كان الإسرائيليون، المشهورون بأعمال الإنقاذ خاصة بعد الكوارث التي وقعت في تركيا واليونان وأرمينيا، قد أرسلوا فريق إنقاذ مؤلفا من 120 فردا، وفريقا طبيا بعد أيام من وقوع الزلزال.

قام رجال الإنقاذ بقطع حديد التسليح وإزالة الأنقاض وبقايا الأثاث للوصول إلى الابن الذي يدعى إيمانويل بوتو. وتمكن أحد الإسرائيليين من لمس يد بوتو الذي طلب المياه. وقال الليفتنانت كولونيل رامي بيلتز، 43 عاما، من الجيش الإسرائيلي، إن «سماع صوته كان أمرا مشجعا للغاية، والأفضل من ذلك هو لمس يده. علمنا أن في مقدوره تحريك أحد أطرافه».

وفور إزالة قدر كاف من الأنقاض للإمساك بكتفي بوتو، كان في مقدور الميجور زوهار موشي، 47 عاما، وهو مهندس يقود وحدة الإنقاذ الإسرائيلية، انتشاله. وقال موشي: «لقد انتشلته وكأنه لا يزن شيئا، وذلك لأنه كان نحيفا للغاية. ثم أصبح حرا بعد ذلك».

كان بوتو يعاني جفافا شديدا وجوعا، وغطى الغبار كامل جسده، لكن على خلاف ما هو متوقع لم يكن يعاني أي إصابات خطيرة. أسرع به الإسرائيليون إلى المستشفى الميداني الخاص بهم، والذي كان يتعافى به حتى وقت متأخر أول من أمس داخل خيمة إلى جوار والدته وشقيقته. وقال أحد الأطباء الإسرائيليين إن بوتو قد يكون استطاع الوصول إلى بعض المياه القليلة عندما كان عالقا تحت الأنقاض، وهذا ما مكنه من تحمل هذه المحنة الطويلة.

ولعدة أيام اعتقد بوتو أنه سيموت. وقال: «حسبت أني أخذت إلى عالم آخر. في بعض الأوقات كنت أنام، وفي أوقات أخرى كنت أشعر باهتزازات من تحتي». في بعض الأوقات كان يسمع أصواتا خافتة، وبين الفينة والأخرى كان يسمع صفارات الإنذار خلف حطام منزله. وقال إنه لا يعرف حتى الآن هل كانت هذه الأصوات حقيقية أم لا. وتحت أشعة الشمس الحارقة، اختلطت الأصوات العبرية مع الكريولية والفرنسية، فيما كان بوتو يفيق أحيانا ويسقط في إغماءة أحيانا أخرى، وقال: «كانت لحظات رعب عندما كنت عالقا. وفور أن سمعت الناس بالخارج يتحدثون عن حرق الجثث التي عثروا عليها، تساءلت: عم يتحدثون؟!».

وقالت والدته، التي تبيع في الظروف الطبيعية الملابس كبائعة متجولة، إن معاناتها بدأت تنقضي يوم الجمعة. وعلى الرغم من تحطم بيتها، ومن أن أسرتها تعيش داخل أحد المخيمات في الشارع، فإن ذلك لم يكن مهما بالنسبة إليها. وقالت بصوت خافت والدموع تنساب على خديها: «لا يزال ابني حيا. أعلم أن الله يحمينا الآن».

وأعطت عملية إنقاذ بوتو هذه بصيصا من الأمل في أنه ربما يكون هناك ناجون آخرون أحياء تحت هذه المدينة المحطمة. كما تم إنقاذ سيدة عمرها 84 عاما أول من أمس من موقع قريب من ملعب كرة القدم الرئيسي في البلاد، مما يرفع عدد الناجين الذين انتشلتهم فرق الإنقاذ الدولية من تحت الأنقاض إلى أكثر من 120 فردا. وذكرت الأنباء أن هذه السيدة في حالة حرجة. وفي المستشفى الميداني الإسرائيلي، بدا بوتو يتألقم مع احتمال بقائه حيا. وقال: «أقدِّر أن الله لم يشأ لي أن أموت بعد».

*خدمة «نيويورك تايمز»