البرلمان الإيراني يناقش خفض مستوى العلاقات مع بريطانيا على خلفية التوتر بينهما

نائب برلماني: الاجتماع سيناقش خفض العلاقات لا قطعها بشكل كامل مع لندن

TT

تناقش لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) خفض مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع بريطانيا، وذلك على خلفية التوتر في العلاقات بين البلدين منذ أزمة الانتخابات الرئاسية الماضية واتهامات طهران لندن بالتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية.

ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن عضو اللجنة، النائب حشمت الله فلاحت بيشه، في هذا الصدد قوله إن «الاجتماع سيناقش موضوع خفض العلاقات لا قطعها بشكل كامل مع الجانب البريطاني». وأضاف في تصريحات صحافية، أمس، أن «قرار قطع العلاقات يمكن مناقشته في المستويات العليا في البلاد، وأن المطروح حاليا على جدول أعمال لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان هو خفض مستوى العلاقات».

وأجل البرلمان الإيراني الأسبوع الماضي النظر في مشروع قرار نيابي يلزم الحكومة الإيرانية بقطع علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع بريطانيا، على خلفية اتهام لندن بالتدخل في شؤون إيران الداخلية.

وأرجأ المجلس النظر في مشروع القرار الذي يلزم حكومة البلاد بقطع علاقاتها السياسية الكاملة مع بريطانيا، وذلك بسبب «بعض الثغرات الدستورية». واتهم علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، بريطانيا بأن «لها سجلا أسود في بلاده»، مشيرا إلى أنها «ضيعت حقوق الشعب الإيراني قبل انتصار الثورة الإسلامية، بسبب اتخاذها سياسات خاطئة على الدوام». وأضاف بروجردي: «موضوع تقليل مستوى العلاقات مع بريطانيا بحاجة إلى دراسة، لأن اتخاذ قرار بهذا الشأن يقوم على المصالح الوطنية». ونقلت تقارير إعلامية أن 88 نائبا في البرلمان الإيراني تقدموا بمشروع قرار يحمل صفة عاجل لبحث قَطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران ولندن، بحجة تدخل الأخيرة في الشؤون الداخلية الإيرانية لصالح الإصلاحيين. وتأتي الخطوة الإيرانية المرتقبة بعد تقارير إيرانية في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي تحدثت عن أن السلطات الإيرانية قررت تخصيص مبلغ 20 مليون دولار لصالح هيئة خاصة ستوكل إليها مهمة إعداد خطط لإحباط ما وصف بأنه «خطط أميركية».

ونقلت وكالة «فارس» شبه الرسمية ساعتها أن الهيئة ستتكون من وزراء الداخلية، والإعلام، والخارجية، وقد حصلت على «موافقة رسمية» من قبل السلطات العليا لتشكيلها. ونقلت الوكالة عن فاطمة عليا، التي وصفتها بأنها «ممثلة عن سكان طهران ورئيس لجنة حقوق الإنسان في هيئة الأمن القومي البرلمانية» قولها: «نحن نضع بريطانيا على قدم المساواة مع الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بالخطط الموضوعة ضد بلدنا وسائر البلدان النامية لأنها تؤازر أميركا على الدوام».

ولم تكشف «فارس» الطريقة التي ستعمل الهيئة الجديدة من خلالها «لإفشال الخطط الأميركية»، كما لم يكن لدى الجانب الرسمي الأميركي أي رد على هذه القضية.

إلى ذلك، وفي إطار محاولات الاتحاد الأوروبي تضييق الخناق على إيران فيما يتعلق بملفها النووي، يعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي غدا اجتماعا في بروكسل لبحث الخطوات في حق إيران إذا استمرت حالة الجمود النووي كما هي. ومن المتوقع أن يناقش الوزراء نوعية العقوبات التي يمكن للتكتل أن يفرضها على إيران إذا دعت الأمم المتحدة إلى مزيد من العقوبات، ولكن دون الدعوة إلى تدابير أوروبية من جانب واحد.

وقال الأوروبيون في بيان مشترك، أول من أمس: «إخفاق إيران المتواصل في الوفاء بالتزاماتها الدولية وعدم اهتمام إيران الواضح بمواصلة المفاوضات يتطلب ردا واضحا متضمنا اتخاذ تدابير كاملة ومناسبة». وقال القادة إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون مستعدا لمساندة عقوبات أممية بهذا الشأن، كما أصدروا أوامر لوزراء خارجية بلادهم بأن «يدرسوا خيارات لاتخاذ خطوات مقبلة لتحقيق هذا الغرض» في اجتماعهم المقرر يوم الاثنين المقبل. ووقع الاتحاد الأوروبي بالفعل عددا من العقوبات على إيران، تتدرج من تجميد أصول بنكية وأموال تعود لشخصيات مهمة مرتبطة بالبرنامج النووي وفرض حظر على صادرات الأسلحة والمعدات.

وقال دبلوماسيون مطلعون على اتصالات الوكالة مع إيران إن طهران أبلغت الوكالة بعد أشهر من التصريحات الرافضة أو الغامضة عبر وسائل الإعلام بأنها لا تستطيع قبول أجزاء رئيسية من مسودة الاتفاق. ورفضت الولايات المتحدة بسرعة رد طهران ووصفته بأنه «غير كاف». وقال دبلوماسيون إن مبعوث إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علي أصغر سلطانية، نقل الرد إلى المدير العام الجديد للوكالة، يوكيا أمانو، في اجتماع في وقت سابق من الشهر الحالي.

وكان تقاعس إيران عن الوفاء بمهلة أميركية فعلية انتهت في 31 ديسمبر (كانون الأول) لقبول الخطة التي صاغها المدير العام السابق للوكالة، محمد البرادعي، قد دفع القوى العالمية إلى بدء دراسة إمكانية فرض الأمم المتحدة عقوبات أشد على الجمهورية الإسلامية.

لكن جيل تودور، المتحدثة باسم الوكالة الدولية، قالت لـ«رويترز» في فيينا: «الاقتراح الذي طرحته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أكتوبر (تشرين الأول) 2009، الذي أيدته فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، ما زال مطروحا على الطاولة».

وأضافت: «ستواصل الوكالة العمل بنية طيبة كوسيط محايد. نأمل أن يتم التوصل إلى اتفاق بين الأطراف بأسرع ما يمكن للإسهام في بناء الثقة». وبدا أن الوكالة الدولية تنبه الغرب إلى عدم إلغاء الاتفاق أو القيام بمزيد من الجهود الدبلوماسية. ودعت روسيا والصين أيضا إلى إجراء مزيد من المفاوضات وعارضتا فرض مزيد من العقوبات التي تعتقد الدولتان أنها ستعرقل التوصل إلى حل سلمي. ويقضي مشروع الاتفاق بأن ترسل إيران 70 في المائة من مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج، وأن تحصل في المقابل على وقود لمفاعل للأبحاث الطبية. ويهدف الاتفاق إلى تقليل اليورانيوم منخفض التخصيب لدى إيران إلى مستوى أقل من الكمية اللازمة للاستخدام في سلاح نووي إذا تم تخصيبها بدرجة عالية من النقاء. غير أن متشددين إيرانيين وصفوا احتياطي اليورانيوم المنخفض التخصيب بأنه رصيد استراتيجي أساسي ضد الأعداء اللدودين مثل إسرائيل.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمان بارست، يوم الأربعاء، أن موقف طهران لم يتغير، وأنها لم تستأنف المباحثات مع القوى الغربية.

وقال لوكالة الطلبة للأنباء: «نحن مستعدون لمبادلة الوقود على مراحل. إذا أظهر الجانب الآخر وأعلن استعداده يمكننا أن نبدأ المحادثات بشأن التفاصيل وبحث الخطوات التي ستتخذ في المستقبل».

والمخزون الحالي لإيران يكفي لصنع قنبلة أو قنبلتين، وتواصل طهران التخصيب طوال الوقت، وإن كان بإيقاع بطيء نسبيا بسبب مشكلات، فيما يبدو مع أجهزة الطرد المركزي القديمة.

وقال دبلوماسي غربي في مجلس الأمن في نيويورك إن الاتفاق رفض بالتأكيد من جانب إيران، ويؤكد انعدام حسن النية من جانب إيران رغم أن الباب كان مفتوحا دائما لإجراء مزيد من الحوار.