الرئاسات العراقية: على المشمولين بالاجتثاث اللجوء إلى المحكمة.. ولا مجال للتوافقات

المالكي «يشيد» ببعثيين تبرأوا من الحزب المنحل.. والهاشمي: «اجتثاث البعث» هيئة تصريف أعمال

عراقي يردد شعارات خلال مظاهرة نظمها التيار الصدري في مدينة الصدر ببغداد أمس احتجاجا على زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن إلى العراق (أ.ف.ب)
TT

بينما أكدت الرئاسات العراقية الثلاث، الجمهورية والبرلمان والحكومة، أن عملية إعادة النظر في المئات من أسماء المرشحين الذين طالهم قرار حظر المشاركة بالانتخابات البرلمانية المقبلة جراء ارتباطاتهم بحزب البعث المنحل، إجراء «قانوني»، وأن الحل قضائي، و«لن يخضع للتوافق السياسي»، قال نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي إن هيئة اجتثاث البعث هيئة تصريف أعمال، غير مرخص لها أن تطبق قانون المساءلة والعدالة.

وقد تأسست هيئة اجتثاث البعث، المعنية بملاحقة ومتابعة البعثيين، إبان الحاكم المدني الأميركي في العراق، السفير بول بريمر، غير أنه تم حلها لاحقا، وتقرر تشكيل هيئة المساءلة والعدالة لتحل محلها، لكن لم يتم اللجوء إلى التصويت على أعضائها، فتم تفعيل الهيئة الأولى، الأمر الذي اعتبره الكثير «غير قانوني».

وأعلنت الهيئة قبل أيام أسماء أكثر من 500 مرشح استبعدوا من المشاركة في الانتخابات المقبلة بحجة انتمائهم لحزب البعث المحظور، أو ترويجهم لأفكار الحزب. وقد أرسل الرئيس الأميركي نائبه، جو بايدن، الذي وصل إلى بغداد مساء الجمعة لوضع حد لهذا الخلاف، فالتقى بايدن بالقيادات العراقية البارزة، وبعدد آخر من السياسيين.

وفي بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، مساء أول من أمس، بعد لقاء ضم الرئاسات الثلاث لتدارس اتخاذ موقف موحد من عملية الاجتثاث، أعلن الرئيس جلال طالباني التوصل إلى «نتائج مشتركة» فيما يتعلق بالتعامل مع قرار الحظر، ونقل البيان عن طالباني قوله: «الدستور والقانون موجودان، وكل من لا يوافق على هذا القرار يستطيع أن يراجع المحكمة التمييزية»، وأضاف: «لا نستطيع أن نفرض التوافق (السياسي) على القانون وعلى المحكمة وعلى الدستور، فالتوافق مبدأ سياسي في التعاملات السياسية، لكن هذه قضية قضائية قانونية، ولا نستطيع أن نتدخل في شؤون القضاء من أجل التوافق»، كما حث البيان على ضرورة الإسراع بتسمية أعضاء هيئة المساءلة والعدالة.

وفي محاولة كانت تهدف إلى تخفيف حدة التوتر، وتضييق هوة الخلاف، دعا طالباني في وقت سابق إلى التفريق بين «البعثيين الصداميين» وبين مئات الآلاف من البعثيين الذين اضطروا، أو أرغموا، إلى الانتماء إلى حزب البعث.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أمس، موقفا مماثلا لموقف طالباني، حيث قال في تصريحات خلال لقائه مجموعة من قادة وضباط وزارة الداخلية إن الفترة الماضية قد شهدت «عطاءات ونتائج للكثير من الذين اضطروا إلى الانضمام إلى هذا الحزب.. (أثبتت) صدق الكثير من هؤلاء، بعودتهم وبرفضهم وبراءتهم من هذا الحزب»، وأضاف: «هؤلاء الذين انحازوا، من ذلك الاتجاه الخاطئ ومن ذاك الحزب المشوه، إلى الوطن، وإلى المهمة الوطنية، يستحقون منا الحماية، والالتزام أمامهم، وتقدير هذا الموقف الذي أعلنوا فيه البراءة من تلك الأفكار التي ما قادت العراق إلا إلى داهية دهماء».

غير أن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي أكد أن هيئة اجتثاث البعث هيئة «تصريف أعمال، وأنها غير مرخص لها أن تطبق قانون المساءلة والعدالة حتى يتم تشكيل أخرى جديدة يوافق عليها مجلس النواب، وتقترن هذه الموافقة بموافقة مجلس الرئاسة».

وأضاف الهاشمي، في بيان نشره الموقع الإلكتروني للرئاسة العراقية، واطلعت «الشرق الأوسط» عليه، أنه «على هذا الأساس، ليس هناك جهة تشريعية أو تنفيذية يحق لها، قانونا، إصدار أي قرار باستبعاد أي عراقي من العمل السياسي، أو تطبيق فقرة من فقرات المادة 6 من قانون المساءلة والعدالة».

وأضاف الهاشمي أن «المسؤول عن تطبيق الدستور مجلس الرئاسة، إلا أنه، مع الأسف الشديد، هناك أطراف قيادية في الحكم يبدو أنها تولت هذا الملف، وهي من يقول بمشروعية أو عدم مشروعية هذا القرار، وعليها أن تكف عن هذا التدخل، لأنها غير مرخص لها قانونا ولا دستوريا أن تتدخل في هذا الملف، وأن الجهتين المرخص لهما التدخل هما: مجلس النواب، ومجلس الرئاسة، فقط»، في إشارة واضحة إلى الحكومة العراقية.

وأوضح الهاشمي أن «مجلس الرئاسة، بهذه التركيبة لأطياف الشعب العراقي، بإمكانه وضع حل توفيقي للأزمة الراهنة، بإعطاء المساءلة القانونية الأسبقية الأولى».

إلى ذلك، أكد رشيد العزاوي، النائب عن كتلة التوافق، عضو لجنة المساءلة والعدالة في البرلمان، أن 59 اسما ممن شملوا بإجراءات المساءلة والعدالة تم قبول طعونهم، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «لجنة التمييز البرلمانية تنظر في الطعون التي قدمت إليها، وقد تم قبول نحو 59 طعنا لمرشحين تم استبعادهم من الانتخابات، وذلك لعدم كفاية الأدلة، فضلا عن تشابه الأسماء».

وحول طرح الحكومة أسماء جديدة تشكل الهيئة الإدارية الجديدة لهيئة المساءلة والعدالة، قال العزاوي: إن «القانون واضح، يجب أن يراعى التوازن، أي أن تتألف من المكونات الثلاثة (الأكراد، والعرب السنة، والعرب الشيعة)».

على الصعيد نفسه، تظاهر المئات من أتباع التيار الصدري، في مدينة النجف وبغداد، أمس، احتجاجا على زيارة بادين إلى العراق، ولقائه عددا من المسؤولين في العاصمة (بغداد)، واعتبروا زيارته تدخلا في الشأن العراقي لصالح إعادة البعث إلى الحياة السياسية في العراق.