الهجرة من غزة حلم باهظ الثمن غالبا ما يتحول إلى سراب

1400 دولار مقابل الخدمات.. والمعابر المغلقة تقف حجر عثرة

TT

يغامر مئات الشبان الفلسطينيين الراغبين في الهجرة من غزة بدفع مبالغ كبيرة لوكلاء سفر يعدونهم بتأشيرات لبلدان أجنبية قد لا يحصلون عليها أو تنتهي صلاحيتها دون أن يتمكنوا من السفر بسبب الحصار المفروض على القطاع.

أبو لؤي من مخيم جباليا أحد القلائل الذين حالفهم الحظ بالحصول على تأشيرة سفر لألمانيا لكنه سيفقدها إذا لم يسافر خلال شهر، لأن معبر رفح بين قطاع غزة ومصر محطة المرور الإجبارية لفلسطينيي غزة المسافرين للخارج، يبقى مغلقا معظم الوقت.

ويروي أبو لؤي «بعت حلي زوجتي لأدفع لمكتب السفر ألفي دولار مقابل تأشيرة طالب لألمانيا حصلت عليها منذ شهرين وتبقى أمامي شهر واحد على انتهاء صلاحيتها».

ويضيف الرجل وهو موظف في السلطة الوطنية الفلسطينية «سأموت بحسرتي إذا لم يفتح المعبر خلال شهر فقد فشلت في السفر المرة الماضية».

ويتذمر أبو لؤي (37 عاما)، الأب لأربعة أبناء قائلا: «كل حياتنا عقبات ودمار وحصار حتى حينما قررنا أن نهاجر لم تتوقف العقبات، الحياة معدومة في غزة فلو مرض ابني لن أتمكن من علاجه هنا». ويصر مع ذلك «لن أفقد الأمل، سأهاجر مع عائلتي ولن نعود».

ويوفر وكلاء السفر في غزة تأشيرات مؤقتة وهي التي يستخدمها الشبان الراغبون في الهجرة في حالات كثيرة لدخول البلد الذي أصدرها والبقاء فيه بشكل غير شرعي أو الانتقال منه إلى دول مجاورة. أما الشاب معمر فقد كان أقل حظا وأخفق في الحصول على تأشيرة رغم إنفاقه مئات الدولارات.

ويقول معمر «لجأت لمكتب سفر لأهاجر قبل أكثر من عامين ودفعت له 1200 دولار مقابل فيزا طالب في أستراليا على أن أدفع 1300 دولار أخرى بعد حصولي عليها».

ويتابع: «أخبرني صاحب المكتب بعد شهرين من الإجراءات أن طلبي رفض في الجامعة لأن نتيجتي في الثانوية العامة أقل من 65% وأعاد لي 500 دولار فقط».

وبعد هذا الرفض لم يجد معمر حرجا في تزوير شهادة الثانوية العامة في محاولة منه للحصول على قبول جامعي في دولة أخرى.

ويوضح معمر الذي يعيل زوجته وطفليه من عمله كسائق سيارة أجرة «دفعت لأحدهم 2000 شيكل (500 دولار) ليرفع معدلي في الشهادة إلى 66% وقمت بإرسالها لعدة جامعات في أوروبا بمساعدة أصدقائي وأنتظر الرد».

ويؤكد معمر أنه «ليس راضيا» عما فعله ولكنه يبرره «بالإحباط والخوف» الذي يعيشه في قطاع غزة، قائلا «أخشى أن أفقد أحد أطفالي في قصف أو حرب أخرى لم أعد أحتمل.. لن أعود إلى غزة».

ويؤكد صاحب أحد مكاتب السفر والسياحة وخدمات طلاب الجامعات في غزة مفضلا عدم الكشف عن اسمه أن مكتبه لا يقدم أي خدمات للهجرة لكنه يقوم بتوفير «فيزا طالب للراغبين في استكمال تعليمهم الجامعي نحصل لهم على قبول جامعي من ألمانيا».

ويؤكد الرجل الذي علق في مكتبه ترخيصا من الحكومة المقالة التابعة لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة أنه يلتزم بعقد مع الطالب «حتى يعرف كل طرف حقوقه وواجباته، نرفض كثيرا من الطلبات لأنها لا تستوفي شروط الجامعة». ويتقاضى المكتب 1400 دولار مقابل هذه الخدمات «700 دولار منها للمكتب و600 أخرى لمعهد تعليم اللغة في ألمانيا إضافة إلى 60 دولارا تقريبا لدورة لغة تمهيدية في غزة»، حسب قوله.