إسرائيل تنفي التصعيد مع لبنان.. و«يونيفيل» لا تعلق على «النيات»

اتهمت إيران وسورية بمواصلة تهريب الأسلحة لحزب الله

TT

تشهد الحدود اللبنانية حالة من الهدوء الشديد التي لا تتناسب مع مستوى التهديدات التي تصدرها إسرائيل، والمخاوف الدولية من عدوان إسرائيلي على لبنان في ظل تنامي السجال الإعلامي بين إسرائيل وحزب الله. وقالت مصادر في القوات الدولية في جنوب لبنان لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في منطقة عمل القوة الدولية «يونيفيل» هادئ جدا، والقوة تمارس عملها بشكل كامل بالتعاون مع الجيش اللبناني، رافضة الخوض في «نيات الآخرين».

وكان الجنرال كلاوديو غراتسيانو، قائد قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان، قد اتهم إسرائيل بخرق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بلبنان، حيث اعتبر أن تحليق طائرات سلاح الجو في أجواء لبنان يشكل انتهاكا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وينال من مصداقية القوة الدولية والجيش اللبناني. واعتبر غراتسيانو أنه لا يمكن لإسرائيل القيام بهذه الأعمال حتى إذا اعتبرتها حيوية. وعقب يوسي بيليد، وزير الدولة الإسرائيلي، على أقوال قائد قوات «اليونيفيل»، الذي من المقرر أن يعقد اليوم اجتماعا آخر مع يوسي غال، المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية لبحث قضية قرية الغجر، بالقول إنه «لا يعلم ما إذا كان غراتسيانو يتظاهر بالسذاجة أم انه لا يعلم حقيقة الأمر» معتبرا أن «هناك عادة سائدة لدى الجهات الدولية على اتهام إسرائيل في كل شيء».

وأكد غادي إيزنكوت، قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، أن التقارير الأخيرة حول وجود توتر على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية لا تعدو كونها واقعا افتراضيا، لا يمت إلى الحقيقة بصلة. واعتبر إيزنكوت في كلمة ألقاها في معهد الدراسات الأمنية بجامعة تل أبيب أن حزب الله تكبد ضربة شديدة خلال حرب لبنان الثانية، وأن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله «كان مسرورا لو كان في إمكانه العودة إلى الأيام التي سبقت الحرب». وأشار إلى أن حزب الله لم ينفذ أي عملية عسكرية منذ تلك الحرب، ولكنه يتعاظم باستمرار، «ولذلك تستعد إسرائيل لأي احتمال، وستتصدى لأي طارئ بصورة ناجعة». ونوه إيزنكوت بأن عدد قوات «اليونيفيل» الدولية قد ازداد 3 أضعاف منذ صيف عام 2006، وأن هذه القوات مصممة على تنفيذ مهامها وفقا لانتدابها، معتبرا أن جنودها لا يستطيعون العمل في المناطق التي ينشط فيها أفراد حزب الله، والتي تتحول إلى ساحات للقتال في أثناء الحرب. وصعدت إسرائيل، أمس، حملتها على حزب الله، فأعلن داني أيالون، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، أن استمرار أعمال تهريب الأسلحة من إيران وسورية إلى جماعة حزب الله «هو العنصر الرئيسي في حالة عدم الاستقرار على الحدود الشمالية للبلاد».

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن أيالون أكد خلال اجتماعه في القدس، بعد ظهر أمس، مع مايكل وليامز، مبعوث الأمم المتحدة إلى لبنان، أن إسرائيل لا تريد تصعيد الأوضاع، وأن المصلحة العليا تقضي بالحفاظ على الهدوء. كما شدد أيالون على ضرورة احترام القرار الدولي رقم 1701 الذي يدعو إلى وقف الإرهاب وتهريب الأسلحة، مشيرا إلى أنه في إمكان الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام الدولية العاملة بالجنوب، «اليونيفيل»، وقف عمليات التهريب.

وأشاد وليامز بالبيان الذي أصدره ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي أمس، والذي أكد فيه أن إسرائيل غير معنية بمواجهة عسكرية في لبنان.

أما في بيروت، فقد بقيت التهديدات الإسرائيلية موضع اهتمام القيادات اللبنانية، واعتبرت النائب بهية الحريري أن الحرب احتمال وارد، لأن لا أمانة مع إسرائيل، داعية إلى عدم الخوف «وأن نكون متماسكين داخليا، وأي شيء يحصل نقف في وجهه»، فيما كان لافتا انتقادات وجهها وزير الدولة عدنان السيد حسين، المقرب إلى الرئيس اللبناني ميشال سليمان، إلى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، على خلفية مواقف الأخير من حزب الله.

وقد أكد الوزير حسين أن المشكلة في لبنان كانت، ولا تزال، من إسرائيل والعدوان الإسرائيلي المستمر عليه منذ زمن بعيد، وأضاف ردا على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الأخيرة «نتمنى من عواصم الدول الكبرى ألا تتدخل في شؤون الدول بما يتعارض مع سيادتها»، لافتا إلى أن «الدفاع عن سيادة لبنان يكون برد العدوان، وليس بمحاولة التخفيف من آثاره على الشعب اللبناني ككل». وأضاف: «نحن الذين نحدد سياستنا الداخلية والخارجية مع الدول كافة»، آملا في أن «يكون هناك ضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية كافة حتى الحدود المعترف بها دوليا».

وأكد أنه «طالما أن المقاومة حاجة لبنانية فنحن متمسكون بها»، معتبرا أن «التهديدات الإسرائيلية لم تتوقف منذ سنوات»، ولافتا إلى «أننا في موقف الدفاع وحماية السيادة الوطنية والدفاع عن أرض لبنان بتحرير هذه الأرض مهما كانت مساحة هذه الأرض». وتوقف الوزير السيد حسين عند الخروقات الإسرائيلية اليومية للقرار 1701، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة لم تتنكر لهذه الحقيقة، ومعتبرا أن «الخروقات الإسرائيلية الجوية اليومية أمر مقلق ومزعج، ويحتاج إلى مواقف دولية داعمة للبنان في وجه إسرائيل».

ورأى النائب مروان حمادة، عضو «اللقاء الديمقراطي»، أن «التهديدات الإسرائيلية هي ضمن الحرب النفسية والإعلامية، وعلينا أن نكون أهدأ على الصعيد الداخلي والخارجي، وأيضا على صعيد الإعلام المقاوم»، موضحا أن «التصعيد في الإعلام المقاوم والخطابات لا تساعد المناخات اللبنانية، والنصيحة لكل اللبنانيين من فخامة الرئيس إلى آخر لبناني أن (يروّقوا) اللعبة لصالح المواطن اللبناني».