وكيل الخارجية اليمني لـ «الشرق الأوسط»: الحسم العسكري هو الخيار الذي تفهمه «القاعدة»

الضبي دعا المتمردين لحوار وطني موسع.. وقال إن عناصر في الحراك الجنوبي عرضة لإجراءات أمنية

TT

قال وكيل وزارة الخارجية اليمنية، السفير محيي الدين الضبي، إن محور اجتماع لندن الذي سيعقد بعد غد الأربعاء، بشأن الأوضاع في اليمن، سيدرس كيفية تعاون أصدقاء اليمن لحل المشكلات التي جعلت تنظيم القاعدة والمتمردين يعتقدون أن الظروف مواتية لهم لتنفيذ مخططاتهم في البلاد، وكذا سيبحث دعم اليمن في مجال مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن الزيارة التي يقوم بها الدكتور أبو بكر القربي للولايات المتحدة تهدف أيضا إلى حث الإدارة الأميركية على إنجاح هذا الاجتماع، الذي سيشارك فيه نحو 21 دولة في العاصمة البريطانية.

وعما يطلبه اليمن من هذا الاجتماع، إضافة لاجتماع آخر سيعقد نهاية الشهر المقبل في العاصمة السعودية الرياض، قال الضبي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من صنعاء، إن بلاده حريصة على إيجاد مشروعات في البلاد لتشغيل العمالة، واستكمال البنية الأساسية، وتأهيل الشباب اليمني للعمل داخليا أو في البلاد المجاورة لها، مشددا على أهمية السند السعودي والمصري والخليجي في هذه الظروف التي تمر بها اليمن.

وأوضح فيما يتعلق بمظاهرات ليمنيين منددة باجتماع لندن، خاصة في المناطق الجنوبية، إن ذلك يأتي في إطار حق التعبير والأجواء الديمقراطية باليمن، مشيرا إلى أن الحكومة تتخذ إجراءات بهذا الشأن، منها الحوار وتشكيل لجان لمعالجة مشكلاتهم، ما يسهم في تخفيف حدة مثل هذه التوترات، لكنه قال في المقابل إن عرض الدولة للحوار مع «المغرر بهم من الحراك والحوثيين»، لا يشمل تنظيم القاعدة، لأن الحسم العسكري لا يزال هو المنهج الذي يفهمه، وأضاف أن بعض عناصر الحراك يتعاونون مع تنظيم القاعدة، مشددا على أن كل من يؤوي أو يتستر أو يساعد «القاعدة»، سيكون عرضة للإجراءات الأمنية. وقال الضبي إن اليمن حريص على تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات، لكن السماح لأي قوى أجنبية بالتدخل في شؤون اليمن، من المحظورات الكبيرة التي لا يمكن أن تتم إطلاقا.

* ما الخطوط العريضة لاجتماع الأربعاء في لندن حول اليمن؟

- محور اجتماع لندن هو محور رئيسي واحد.. هو دراسة كيفية تقديم الدعم لنا من قبل المجتمع الدولي ومختلف الدول التي تربطها بنا علاقة صداقة وأخوة، فيما يخص دعم الاقتصاد وحل عدد من المشكلات التي تواجهها البلاد، حيث إن مثل هذه المشكلات جعلت عناصر «القاعدة» وغيرها من المتمردين يعتقدون أن الظروف مواتية بالنسبة لهم. وبالتالي دعم اليمن أيضا في مجال مكافحة الإرهاب، لأن الشعار المرفوع الآن بالنسبة لنا هو: لا مكان للإرهاب والإرهابيين في اليمن.

* هل هناك دول معينة ستقدم أموالا معينة أو دعما محددا، أم إن هذا متروك للاجتماع؟

- لا.. لا يوجد. اجتماع لندن هو اجتماع لحشد التضامن الدولي والسياسي بالدرجة الأولى لليمن. وسيتبع هذا الاجتماع اجتماعا آخر في الرياض في نهاية شهر فبراير (شباط) لدراسة المعوقات والاحتياجات للجانب اليمني، فيما يخص التنمية الاقتصادية والمشروعات التي تعثرت، بناء على مؤتمر المانحين في عام 2006. وفيه سيكون على المجتمع الدولي أن يقدم المزيد من المساعدات والمشروعات لكي نساعد الشعب اليمني بالفعل على الخروج من الأزمة الموجود فيها.

* هل توجد أمثلة على ما يحتاجه اليمن من مشروعات ترون أنها يمكن أن تسهم في تخفيف التوتر الموجود في البلاد؟

- أولا نحن حريصون على المشروعات التي تؤدي إلى تشغيل للعمالة.. نحن نريد مشروعات في البنية الأساسية.. نريد مشروعات في مجال الثروة السمكية.. نريد مشروعات في مجال الكهرباء.. نريد مشروعات في مجال التربية والتعليم؛ مدارس وكليات، لتأهيل الشباب اليمني ليتمكنوا من العمل هنا داخليا، أو في مختلف الدول المجاورة لنا، سواء في المملكة العربية السعودية أو في دول الخليج.

* ما المؤشرات من الزيارة التي قام بها لليمن يوم الجمعة كل من وزير الخارجية المصري والوزير عمر سليمان رئيس المخابرات؟

- تؤشر إلى استمرار تضامن مصر والتواصل مع اليمن في مواجهة التحديات، سواء بالنسبة لـ«القاعدة» أو المتمردين الحوثيين في شمال اليمن، أو القلاقل الموجودة في بعض مديريات المحافظات الجنوبية.. موقف مصر موقف مبدئي، ينطلق من ضرورة الحفاظ على الوحدة اليمنية، والتغلب على المشكلات التي يعاني منها الشعب اليمني سواء تنموية أو غيرها..

* هل هذا يعني أنه ستكون هناك مساعدات مصرية مباشرة لليمن؟

- لا.. ليس بالضرورة. هناك خبرات تأتي إلى اليمن من مصر، وهناك تشاور سياسي. ومصر.. على كل حال، ستشارك في لقاء لندن، وستشارك أيضا في لقاء الرياض القادم، وتتبلور الأمور ما بين هذين اللقاءين. لا شك أن مصر تعتبر سندا لليمن جوار السند السعودي.. مصر تقف معنا موقفا مبدئيا، والمملكة تقف معنا موقفا مبدئيا، وكثير من الدول تقف معنا موقفا صادقا وحقيقيا، على رأسهم الرياض والقاهرة. كما إن كل دول الخليج مع استقرار اليمن ووحدته. ولهذا ستنبثق عن لقاء لندن ما يسمى بمجموعة أصدقاء اليمن، في مقدمتهم جميعا دول مجلس التعاون الخليجي.

* هناك دعوات من جانب عناصر في الحراك الجنوبي، لتنظيم مظاهرات في العاصمة البريطانية لرفض اجتماع لندن. هل يوجد اعتبار لمطالبهم؟

- يعني، إذا كان عندك عشرون أو ثلاثون شخصا سيقفون في شارع من شوارع لندن، فلا مشكلة لدينا في هذا، لأن هناك 23 مليون يمني (هم عدد سكان البلاد) يقفون مع الوحدة اليمنية.

* وماذا عن المظاهرات التي أعلنت عناصر من الحراك تنظيمها في عدة مديريات داخل اليمن خلال هذين اليومين للاحتجاج على اجتماع لندن؟ - بالنسبة لبعض المديريات.. هذه المؤتمرات (التظاهرات) التي يعقدونها بين وقت وآخر تأتي في إطار الأجواء الديمقراطية الموجودة في اليمن، وحق التعبير.. ومثل هذه المؤتمرات أمر ليس بذلك القدر من الخطورة. والحكومة اليمنية تتخذ إجراءات بهذا الشأن، على رأسها الحوار معهم، حيث تم تشكيل لجان لتشخيص المشكلات التي يشتكون منها والعمل على معالجتها.

* معالجتها بأي طريقة؟

- أقول لك إنه إذا جاءت الاستثمارات فعلا، وبدأت توجد وظائف، وكذا القضاء على بعض المشكلات التي يعاني منها اليمن بشكل عام، فكل هذا سيخفف من حدة هذه التوترات.

* هناك من يقول إن تنظيم القاعدة يستغل الحراك الجنوبي في تحركاته ويتخفى وسطهم، لتنفيذ بعض عملياته الإرهابية؛ ما مدى حقيقة هذه المقولة؟

- هذا كلام صحيح.. بعضهم (عناصر من الحراك) يتعاونون مع تنظيم القاعدة، لكن الدولة لهم بالمرصاد. وقد حذرت الدولة كل من يؤوي أو يتستر أو يساعد «القاعدة»، بأنه سيكون معرضا للإجراءات الأمنية التي تتخذها الدولة.

* إلى أي مدى يمكن أن تصل تحركات شيوخ القبائل اليمنية في محاولات المصالحة؟

- يوجد تعاون من قبل شيوخ القبائل اليمنية من أجل الوحدة والتمسك بالدستور الموحد.. هذا مؤكد.. كل قبائل اليمن وحدوية وكلهم يقفون مع الوحدة، وكلهم ينظرون إلى الأعمال المخالفة للدستور والرامية لتفتيت التراب الوطني، على أنها أنشطة هدامة، وتضر باليمن.

* هل هؤلاء الشيوخ يشاركون بشكل مباشر، في الحوار والمناصحة، سواء مع الانفصاليين في الجنوب، أو مع عناصر تنظيم القاعدة هناك؟

- المناصحة لها طابع رسمي من علماء الدين ومن شخصيات اجتماعية، إذا كان هؤلاء العلماء والشخصيات يستطيعون الدخول في الحوار الفكري مع المغرر بهم أو مع من لديهم نظرات خاطئة.

* إذن هل دعوة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للحوار مع من يطلق عليهم المغرر بهم لا تزال قائمة؟

- دعوة الحوار التي أطلقها فخامة الأخ الرئيس تلقى ترحيبا من كل القوى السياسية والاجتماعية في اليمن. وفي الوقت الحالي توضع اللمسات الأخيرة عليها، ومن سيكون حاضرا فيها، وما الموضوعات التي ستشملها.. لكن كما قلنا، الحوار مفتوح للجميع، تحت سقف الدستور والوحدة والجمهورية.

* بما في ذلك عناصر تنظيم القاعدة في اليمن؟

- لا.. تنظيم القاعدة قصة أخرى.. نحن نتحدث عن حوار سياسي بين أطراف سياسية، وبين أطراف المجتمع اليمني، لها رؤى معنية، ولها رغبة في الجلوس من أجل إيجاد أفضل البدائل لمعالجة الإشكاليات والتحديات التي نواجهها، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو غيرها من التحديات.

* هل نستطيع أن نقول إن الحسم العسكري هو الخيار الذي ما زال موجودا حتى الآن تجاه تنظيم القاعدة في اليمن؟ - الحسم العسكري لا يزال هو المنهج الذي يفهمه تنظيم القاعدة..

* هل مثل هذا الخيار هو القائم بالنسبة للمتمردين الحوثيين في شمال البلاد؟

- ما زال أمام المتمردين الحوثيين فرصة أن يتركوا السلاح وأن ينضموا إلى الحوار الوطني الموسع.. الواقع الميداني يقول إن أحوال المتمردين الحوثيين تتدهور وقدراتهم تتراجع.. لكن عليهم أولا أن يلقوا السلاح، لأن هذه هي الطريقة القانونية السليمة المسموح بها للتعامل في إطار ديمقراطية تعيشها كل القوى السياسية.

* هل ترون أن زعيم التمرد في الشمال عبد الملك الحوثي، ما زال مؤثرا في تلك المنطقة، مع ما يتردد عن إصابته أو مقتله؟ - لا أريد أن أتكلم عن أشخاص. لكن حركة الحوثيين بشكل عام تتضعضع. ونأمل أن يعود بقية المغرر بهم في هذه الحركة إلى رشدهم سريعا ويسلموا السلاح وينضموا إلى بقية المواطنين اليمنيين المسالمين. والحكومة والدولة والمنظمات الأهلية والدولية والإغاثية تقف من أول يوم إلى جانب الضحايا هناك، حيث أنشأنا معسكرات الإيواء، من أجل تخفيف المعاناة عن النازحين وتحسين مستوى معيشتهم، وتقديم الخدمات المناسبة لهم، ونأمل قبل كل شيء أن تنتهي هذه الحرب سريعا، وأن يعود الجميع إلى بيوتهم.

* أخيرا.. توجه وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي إلى واشنطن، خلال اليومين الماضيين.. ما الهدف من هذه الزيارة؟

- الهدف هو شرح طبيعة التحديات التي تواجهها اليمن وضمان دعم الولايات المتحدة لاجتماع لندن من أجل نجاحه، وتطوير العلاقات اليمنية الأميركية في مختلف المجالات.

* هناك من يتحدث عن تدخل أميركي مباشر في اليمن؟

- لا.. لا.. هذا كلام غير وارد على الإطلاق من قبل أي قوى خارجية.. الجيش اليمني والقوات الأمنية اليمنية تقوم بالواجب بأفضل ما يمكن. والتدخل في شؤون اليمن من المحظورات الكبيرة التي لا يمكن أن تتم إطلاقا.