الصومال: الحكومة تعتزم طباعة عملة جديدة في السودان بتكلفة 17 مليون دولار

العملة الحالية تعرضت للتزوير المستمر وتكاد تصبح عديمة القيمة

فئات من العملة الصومالية لا يجري التداول بها منذ سنوات («الشرق الأوسط»)
TT

تعتزم الحكومة الصومالية طباعة عملة جديدة في السودان بتكلفة 17 مليون دولار، لكنّ جدلا صوماليا احتدم حول جدوى تلك الخطوة. ووقعت الحكومة الصومالية الأسبوع الماضي اتفاقية مع السودان لطباعة العملة الصومالية «شلنغ» بمطابع العملات في السودان بتكلفة تقدر بـ17 مليون دولار. وتم إبرام الاتفاقية بين وزير المالية السوداني عوض الجاز ووزير المالية الصومالي الشريف حسن شيخ آدم، بحضور المدير العام لمطابع العملات في السودان محمد الباهي. ومن المتوقع أن تطرح العملة الصومالية الجديدة للتداول خلال 6 أشهر.

وقال وزير الخزانة في الحكومة الانتقالية عبد الرحمن يريسو إن العملة التي ستطبعها الحكومة تتكون من عدة فئات، تشمل «ألف شلنغ، وألفين، و5 آلاف، و10 آلاف، و20 ألفا، و50 ألف شلنغ»، بعد أن كانت العملة القديمة مقصورة على فئة ألف شلنغ. وأضاف يريسو: «إن العملة الوطنية المتداولة حاليا تدهورت قيمتها بشكل كبير، كما أنها تعرضت للتزوير في أثناء الحرب الأهلية في البلاد، مما أدى إلى مستوى تضخم عالٍ في البلاد، وسيتم سحبها من التداول بشكل تدريجي بعد طرح العملة الجديدة.

وعلى الرغم من مصادقة مجلس الوزراء الصومالي على اتفاقية طباعة العملة الصومالية الجديدة في السودان فإنها أثارت جدلا حاميا في الأوساط السياسية والمالية في البلاد، فقد أعرب رئيس البنك المركزي بشير عيسى علي، عن رفضه قرار حكومته، مشيرا إلى أن تلك الخطوة تعد متسرعة في الوقت الراهن وغير مدروسة. وقال: «إن الحكومة لا تسيطر حاليا على مساحة كبيرة من البلاد، وبناء على ذلك فإنه لا يمكن لها تسيير وتوصيل العملة الجديدة إلى كافة أرجاء البلاد، ومن شأن ذلك أن يمثل عقبة كبيرة في طرح العملة الجديدة للتداول. وقال رئيس البنك المركزي الصومالي إن العملة الجديدة ستزيد من مستوى التضخم المالي الذي تشهده الصومال حاليا.

من جانبها أعلنت ولاية بونت التي تتمتع بحكم شبه ذاتي بشمال شرقي البلاد عن رفضها لهذا القرار أيضا، وقالت إنها ستقاطع هذه العملة في حال طرحها للتداول ولن تتعامل بها. وقال فارح علي جامع وزير المالية بحكومة بونت: «حكومة بونت تعارض هذا المشروع، لأن هذه الخطوة سوف تؤدي إلى تضخم جديد في البلاد»، وأضاف: «قبل الشروع في طباعة العملة يجب أن يدرس الموضوع مع الجهات المختصة، ونوعية العملة الجديدة، والكمية التي تتم طباعتها. ونرى أن الحكومة المركزية تجاهلت كل هذه الأمور، وموقفنا هو مقاطعة استخدامها في إقليم بونت». كما أعلنت كل من حركة الشباب المجاهدين التي تسيطر على معظم جنوب الصومال، وكذلك الحزب الإسلامي، عن رفضهما لقرار الحكومة بطبع العملة الجديدة. وتعرضت العملة الصومالية الحالية التي كانت متداولة منذ عام 1990 لتزوير مستمر أكثر من مرة من قبل أمراء الحرب، وأيضا من قبل رجال الأعمال الصوماليين، الأمر الذي أدى إلى تدني قيمتها. ولا تزال قيمتها تنخفض باستمرار، واختفت جميع فئات العملة الصومالية من التداول منذ سنوات طويلة وبقيت فقط فئة ألف شلنغ. ووصل سعر الدولار مقابل الشلنغ الصومالي إلى 33 ألف شلنغ، وهو أدنى مستوى تصل إليه أمام الدولار منذ سنوات عدة، ومع ذلك لا تزال هذه العملة تزوّر وتطبع باستمرار حتى الآن، الأمر الذي يساهم كل مرة في ارتفاع الأسعار المحلية. وهذه هي المرة الأولى التي تتدخل فيها حكومة صومالية لطبع عملة جديدة منذ 19 عاما. وقد أصبح مظهر حمل أكياس من ورق العملة عند التسوق مظهرا عاديا في الأسواق الصومالية، وبسبب تدني قيمة الشلنغ تحول معظم تجار الجملة إلى الدولار في تسعير بضائعهم، أما الشلنغ الصومالي فيقتصر التعامل فيه لدى تجار التجزئة الذين يرفعون بدورهم قيمة السلع لمواكبة سعر الدولار.