«الكيماوي».. ذراع صدام اليمنى

عرف بقسوته الشديدة مع الشيعة والأكراد

TT

أعلنت السلطات العراقية، أمس، عن تنفيذ حكم الإعدام في حق علي حسن المجيد، ابن عم صدام وذراعه اليمنى. والمجيد أطلق عليه «علي الكيماوي» بسبب هجوم بالغاز الكيماوي أسفر عن مقتل نحو خمسة آلاف كردي عام 1988 في بلدة حلبجة الكردية.

و«علي الكيماوي» وزير سابق للداخلية ينحدر من تكريت (180 كلم شمال بغداد) ويعتبر من رفاق الدرب الأوائل لصدام ومن أوفى الأوفياء له. وقد أوقف المجيد في 21 أغسطس (آب) 2003، وكان الذراع اليمنى لصدام. وسعيا منه لإثبات الولاء الذي لا لبس فيه والطاعة العمياء، قرر المجيد شخصيا الانتقام من صهر الرئيس، الذي فر إلى الأردن مع شقيقه وعائلاتهما عام 1995 وقتلهما بيده فور عودتهما إلى بغداد في فبراير (شباط) 1996 بعد العفو عنهما. وأقدم المجيد على قتل حسين كامل وشقيقه، وهما أبناء أحد أشقائه، «غسلا للعار».

وقد تم تعيينه في مارس (آذار) 1987 مسؤولا عن حزب البعث في منطقة كردستان العراق، وسيطر على الشرطة والجيش والميليشيات في هذه المنطقة.

وبعد شهرين من توليه هذا المنصب، قام الجيش العراقي بعملية إخلاء واسعة لمناطق عدة في كردستان، إذ اقتيد سكان وماشيتهم بالقوة إلى مناطق صحراوية متاخمة للحدود الأردنية والسعودية، أي بعيدا عن مناطق وجود الأكراد.

وشكل ذلك بداية لسياسة «الأرض المحروقة» التي اعتمدت في كردستان وتعززت بعدما دعم الأكراد حملة «نصر 4» التي شنتها إيران على العراق في يونيو (حزيران) 1987. وتؤكد منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن أعداد الذين قضوا في حملات القمع التي قادها المجيد تتراوح بين خمسين ألفا ومائة ألف شخص.

وعرف المجيد بقسوته الشديدة مع الشيعة والأكراد. وقال أثناء محاكمته في قضية الأنفال «لقد أعطيت الأوامر للجيش لكي يدمر القرى وينقل السكان إلى مكان آخر. لن أدافع عن نفسي ولا أعتذر لأنني لم أرتكب أي خطأ».

وقال بعد صدور الحكم الأول بإعدامه في يونيو (حزيران) 2007 بسبب دوره في قضية الأكراد: «الحمد لله»، وكررها لدى صدور الحكم في قضية انتفاضة الشيعة.

وفي أغسطس 1990، عين حاكما للكويت تحت الاحتلال العراقي، حيث عمد إلى إخماد جميع جيوب المقاومة هناك، قبل أن يعود ليشغل منصبه مجددا كوزير للشؤون المحلية في مارس 1991 بعد تعيينه عام 1989.

وكان من مهامه أيضا إعادة بناء مدن الجنوب التي دمرتها الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988). وتولى منصب وزير الدفاع لأعوام عدة في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي، وبعدها أعفي من المناصب الوزارية، إلا أنه استمر في مجلس قيادة الثورة، فضلا عن قيادة حزب البعث في محافظة صلاح الدين، حيث تكريت مسقط رأس صدام حسين.

وفي مارس 1991، أدى المجيد دورا أساسيا في قمع التمرد الشيعي في جنوب البلاد، الذي يطلق عليه الشيعة تسمية «الانتفاضة الشعبانية». وعين «علي الكيماوي» مسؤولا عن المنطقة العسكرية الجنوبية لمواجهة الاجتياح الأميركي البريطاني الذي بدأ في 20 مارس 2003.

وفي يناير (كانون الثاني) 2003، توجه المجيد إلى دمشق ومنها إلى بيروت، في إطار جولة في الدول العربية لشرح موقف بلاده بعد شهر ونصف الشهر من بداية مهمة مفتشي الأمم المتحدة المكلفين التحقق من عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق. وكانت تلك زيارته الأولى خارج العراق منذ 1988.

وأصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا، الأسبوع الماضي حكما بالإعدام شنقا في حق «الكيماوي» في قضية بلدة حلبجة، ويعتبر الحكم الرابع من نوعه بعد أن حكم بالإعدام في ثلاث قضايا أخرى الأولى عام 2008 في قضية الأنفال ودوره في قصف القرى الكردية أواخر ثمانينات القرن الماضي مما خلف عشرات آلاف القتلى من الأكراد، كما حكم عليه بالإعدام شنقا عام 2008 بعد إدانته بقمع ما يسمى «الانتفاضة الشعبانية» التي وقعت في جنوب العراق عام 1991 في أعقاب حرب الخليج، وحكم بالإعدام أيضا بعد إدانته بقتل وتشريد آلاف الشيعة عام 1999 في قضية ما يعرف بأحداث صلاة الجمعة ومقتل محمد باقر الصدر، والد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وكان حكم بالسجن لمدة 15 عاما قد صدر أيضا في حق المجيد في قضية إعدام 42 تاجرا إبان فترة الحصار الاقتصادي عام 1992، وتعتبر هذه العقوبة خفيفة مقارنة بأحكام الإعدام. وكان مجلس الرئاسة في العراق قد صادق، في مطلع عام 2008، على قرار الحكم بإعدام المجيد، غير أنه تم تأجيل التنفيذ.