كردستان: ترحيب رسمي وشعبي بإعدام المجيد ومساجد حلبجة تكبر ابتهاجا

مواطن كردي لـ «الشرق الأوسط»: كنا نتمنى نقل الوقائع عبر شاشة التلفزيون

TT

تطابقت المواقف الشعبية والحكومية حول تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق علي حسن المجيد، الملقب بـ«علي الكيماوي»، إذ سادت أجواء من الارتياح البالغ في عموم إقليم كردستان العراق، وحلبجة خصوصا.

ودعا مواطنون أكراد، في الوقت نفسه، إلى ضرورة تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق القياديين الآخرين من قادة النظام السابق الذين شاركوا في تنفيذ الجرائم ضد العراقيين. ومع وصول أنباء تنفيذ الحكم بحق علي الكيماوي، انطلقت مكبرات الصوت في مساجد مدينة حلبجة الكردية بالتكبير، ابتهاجا بهذه المناسبة.

وفي تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، أكد كاوه محمود، الناطق الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان: «نحن في حكومة الإقليم نرحب بتنفيذ الحكم القانوني ضد المدانين من أعوان النظام السابق الذين ارتكبوا الجرائم بحق الشعب الكردي، ونعتقد أن تنفيذ هذا الحكم قد حقق العدالة».

وحول ما إذا كان هناك استعجال في تنفيذ قرار الحكم، قبل صدور قرار محكمة التمييز بشأن الطعن الذي تقدم به الجانب الكردي ضد قرار محكمة الجنايات العليا في ما يتعلق بوصف الجريمة بأنها «ضد الإنسانية»، وليس جريمة «إبادة شاملة»، قال محمود: إن «حكومة الإقليم طالبت، عبر وزارة الشهداء وهيئة الدفاع عن ضحايا حلبجة، بتمييز القرار الصادر عن المحكمة الجنائية لدى محكمة التمييز العراقية، وهذه الإجراءات ستستمر، ولن تتوقف بمجرد تنفيذ حكم الإعدام ضد علي الكيماوي».

وأيده هفال رحمن، رئيس دائرة متابعة القضايا الكردية المرفوعة في محكمة الجنايات العليا، بقوله إن «طلب التمييز كان ضد وصف قرار المحكمة للجريمة بأنها جريمة ضد الإنسانية، وليس ضد حكم الإعدام بحق علي الكيماوي، وبناء على ذلك، فليس هناك أي علاقة بين تنفيذ الحكم وطلب التمييز، ولذلك سنستمر في إجراءاتنا بهذا الصدد لحين صدور قرار المحكمة التمييزية التي نعتبرها هيئة قضائية مستقلة، وبالتالي نحترم قراراتها».

وأشار رحمن إلى أن «علي الكيماوي صدر بحقه الكثير من أحكام الإعدام في قضايا أخرى سبق أن نظرت فيها المحكمة الجنائية، ولذلك فإن تنفيذ الحكم لم يكن به أي نوع من الاستعجال، أو التأثير المباشر على بقية القضايا».

وحول تنفيذ الأحكام بحق بقية المدانين في جرائم ضد العراقيين، قال رحمن: «نحن كنا ننتظر تنفيذ أحكام الإعدام في بقية المتهمين، ولكن ذلك يعود إلى الحكومة العراقية التي نحترم قراراتها، ونعتقد أنها ستمضي قدما في تنفيذ بقية الأحكام».

وعلى المستوى الشعبي، كان هناك ارتياح بالغ، لتنفيذ حكم الإعدام بحق المجيد، المتهم الرئيسي في قضية القصف الكيماوي لمدينة حلبجة عام 1988؛ حيث قال عبد القادر حسن (72 سنة): إن تنفيذ الحكم أراح شعبنا الكردي عموما، وعائلات ضحايا الجريمة بشكل خاص، فاليوم تحققت عدالة السماء، وارتاحت أرواح الشهداء».

أما سليم كاكل، موظف حكومي، فقال: إنه يشعر بارتياح بالغ لتنفيذ الحكم، لكنه أشار إلى «أنه من المفروض أن ينفذ الحكم بحق المدانين الآخرين، لأنهم لم يكونوا أقل شأنا أو مسؤولية من علي الكيماوي، في التخطيط والتنفيذ لجرائم النظام السابق بحق شعبنا الكردي».

وفي اتصال هاتفي بعدد من مواطني السليمانية، أعرب عثمان حمة فرج (61 سنة) عن ارتياحه البالغ لتنفيذ الحكم، لكنه عبر عن أسفه لعدم نقل وقائع تنفيذ الحكم على شاشات التلفزيون، حيث قال: «كنا ننتظر أن نرى الحبل وهو يلتف حول عنقه على التلفزيونات، ليكون عبرة لغيره ممن يفكرون في عودة العراق إلى زمن القتل والإرهاب وقمع الشعب».

وتابع قائلا: بالنسبة لنا، فإن علي الكيماوي كان أكثر إجراما من صدام حسين، لأنه كان يتعامل مع شعبنا من دون أي رحمة أو رأفة، صحيح أنه كان تابعا لصدام، لكن كرهنا له فاق كرهنا لجميع أزلام النظام السابق، فقد كان أكثرهم حقدا على شعبنا الكردي، لذلك كان إظهاره على شاشات التلفزيونات ضروريا، لتطمئن وتهدأ نفوسنا».

وتشير زيان محمد (ربة بيت)، من السليمانية، إلى «أن الكيماوي يستحق حكم الإعدام، جراء قتله لعشرات الآلاف من أبناء شعبنا، ولم تنحصر جرائمه فقط بمدينة حلبجة، فقد كان يقتل المئات من شبابنا، عندما كان حاكما مطلقا في كردستان، بأمر من صدام حسين، وكان يسوق الآلاف الآخرين منهم إلى جبهات القتال مع إيران، فيعودون إلينا جثثا هامدة، لذلك فإن جرائم الكيماوي طالت كل بيت في كردستان، والحمد لله الذي أنزل القصاص العادل بحقه».

ويشذ عن هذا القاعدة عادل عثمان، الذي يمتلك معملا لصنع الأبواب والشبابيك، حيث قال: «أنا ضد إعدام أي شخص أيا كان، حتى لو كان علي الكيماوي، لأني أعتقد أن من ينفذ الحكم هو أيضا قاتل، فالقتل لا يختلف سواء كان من الحاكم أو المحكوم»، ويضيف: «هذا مبدئي، رغم أن علي الكيماوي قتل الآلاف من أبناء شعبنا، وكنت أتمنى أن يبقوه في السجن مدى الحياة، ليموت فيه، وهناك من يعتبر مثل هذه الأحكام تحقيقا للعدالة والقصاص، ولكني أعتبرها (انتقاما)، ولا أريد الخوض في تفاصيل أكثر، لأن هناك اليوم المئات، بل الآلاف، من المسؤولين الذين يقترفون جرائم بحق الشعب العراقي لا تقل عن جرائم النظام السابق».