لندن: لقاء اليمن ليس مؤتمر مانحين.. وهدفه معالجة جذور المشكلة وتقوية الحكومة

متحدث باسم الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط»: «القاعدة» والجنوب وصعدة أعراض للمشكلة الاقتصادية والمظالم

TT

أكدت الخارجية البريطانية، أمس، أن لقاء لندن الذي سيعقد غدا الأربعاء على مستوى وزراء الخارجية قبل يوم من مؤتمر آخر سيعقد حول أفغانستان ليس مؤتمر مانحين لتقديم تعهدات مالية بقدر ما هو يأتي في سياق عملية دولية أوسع نطاقا تنطوي على تقديم الدعم لليمن. ويركز هذا على أفضل السبل لتنسيق الجهود الدولية لدعم الحكومة اليمنية في جهودها الرامية لمعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تمثل أساس عدم الاستقرار. هذا اللقاء ليس مؤتمرا لتقديم التعهدات. ومن المقرر أن يحضر المؤتمر وفد يمني رفيع برئاسة رئيس الوزراء علي مجور.

وقال باري مارستن، المتحدث باسم الخارجية البريطانية، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الاهتمام كان مركزا في الأسابيع الماضية على التحدي الأمني المتمثل في تهديدات «القاعدة» من اليمن، ولكن الرؤية التي تحكم فكرة لقاء لندن هي أن قضية «القاعدة» بالإضافة إلى مشكلة التمرد في صعدة، والقلاقل في الجنوب هي أعراض لمشكلة أعمق هي المشكلة الاقتصادية والمظالم نتيجة وجود نسبة بطالة تتجاوز 40% بين القوى العاملة، والاعتماد بنسبة 70% على عائدات النفط الذي سينضب بعد سنوات، وكذلك مشكلة ندرة المياه. وأضاف أن ذلك خلق حالة لا تستطيع فيها الحكومة تقديم الخدمات الأساسية في بعض المناطق معتبرا أن جذور بعض المطالب بالانفصال في الجنوب هي اقتصادية أكثر منها عدم قدرة على التعايش في دولة واحدة، وكذلك مشكلة صعدة التي تتعلق بالتهميش أكثر منها بالطائفية.

وشرح أن اللقاء ليس مؤتمر مانحين، لأن مؤتمر المانحين عقد بدعوة بريطانية أيضا في لندن عام 2006 وقدم تعهدات بـ5 مليارات دولار لمساعدة اليمن، ولم يتم إنفاق الجزء الأكبر من هذه التعهدات بسبب أن اليمن لم يكن لديه قدرة استيعاب لهذه الأموال في مشاريع يستفيد منها المواطن اليمني العادي.

وقال مارستن لـ«الشرق الأوسط» إن لقاء لندن سيبحث لماذا لم تنفق هذه التعهدات التي قدمت في 2006، وكذلك خطة طويلة الأمد تقودها الحكومة اليمنية في مجال الإصلاحات لجعل النظام أكثر فعالية. وحول مخاطر «القاعدة» في اليمن قال المتحدث باسم الخارجية البريطانية إن هذا محور مهم، لكن إذا كانت هناك حكومة فعالة تسيطر على كل المناطق وتستجيب للتحديات الأمنية، فلن تكون هناك مشكلة فراغ في بعض المناطق تستغله «القاعدة»، كما سيكون التعامل مع مشكلة التطرف أكثر فعالية. وأكد مارستن في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس مطروحا إرسال قوات أجنبية إلى اليمن، لأن ذلك سيجعل الوضع أكثر تعقيدا، فالهدف هو تقوية النظام اليمني لمواجهة التحديات التي يواجهها.

وحول اعتبار الحكومة اليمنية أن مشكلات الحراك الجنوبي والتمرد الحوثي قضايا محلية، قال مارستن إنها قضايا محلية تحل يمنيا وبدعم إقليمي مشيرا إلى أن هذه القضايا لا تحل بالعنف من جانب الطرفين وتحتاج إلى كل الأطراف للتعامل معها.

وتعتبر لندن أن التحديات التي يواجهها اليمن تحديات هائلة، ومستقبلها الاقتصادي كئيب. والمخاطر المرتبطة بالتغيير هي مخاطر كبيرة، لكن عواقب عدم اتخاذ أي إجراء أكبر منها. كما تعتبر «أن هناك درسا جرى تعلمه من الصراع والتدخل ما بعد الصراع في كل من العراق وأفغانستان، ونقدّر تماما تكاليفهما. وبالتالي فإن اليمن - الذي يمر حاليا بمرحلة ما قبل الصراع وأوضاعه هشة - يمثل فرصة لاتخاذ إجراء مبكر، ومنع الدولة من الانهيار، وإقصاء الحاجة للتدخل المكلف فيما بعد. لا يمكن اتخاذ الإجراء من قبل دولة لوحدها؛ بل يتعين علينا التعاون بشكل وثيق مع الشركاء الدوليين ومتعددي الأطراف لإحداث تغيير إيجابي في اليمن ودعم الحكومة اليمنية المنتخبة ديمقراطيا لإحلال هذا التغيير».

وحسب الرؤية البريطانية، فإن تفاقم حالة عدم الاستقرار والنشاط الإرهابي والفقر سيكون له تأثير ضار على الأمن، في اليمن وفي المنطقة على حد سواء. وهناك فرصة محدودة لمعالجة تدهور الأوضاع في اليمن. والدول المانحة لليمن، بما فيها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول الخليج، في حاجة لتنسيق جهودها الآن، ودعم الرئيس صالح والحكومة اليمنية للقيام بالإصلاح. كما أننا في حاجة لدعم الاستقرار على الفور من خلال مساعدة الدولة في توفير الخدمات الأساسية وفرص العمل لمواطنيها.

وطبقا لرؤية لندن، التي تضمنتها ورقة أولية حول لقاء لندن، فإن الحل لمشكلات اليمن هو حل اقتصادي بشكل أساسي. فهناك ضيم حقيقي يتعين على الحكومة اليمنية معالجته، ويتمثل ذلك في عدم توفر فرص العمل، وعدم توفر الخدمات الحكومية، والفساد، والخلافات على الأراضي. والخطر هو أن الإرهاب وغيره من المشكلات الأمنية سوف تتفاقم إذا لم تتخذ إجراءات على وجه العجلة.