طائرة إثيوبية تسقط بعيد إقلاعها من مطار بيروت.. وفريق إنقاذ دولي – محلي لم يعثر على ناجين

الرئيس اللبناني يستبعد فرضية العمل الإرهابي «لغاية الآن»

عناصر من الكوماندوز اللبناني ينتشلون، بواسطة طائرة هليكوبتر، جثة من البحر (رويترز)
TT

سقطت طائرة إثيوبية فجر أمس بعيد لحظات من إقلاعها من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. ورجحت المعلومات وفاة ركابها الـ90 جراء الحادث الذي حصل لأسباب غير معروفة بعد، رغم أن سكان المناطق المجاورة للمطار تحدثوا عن مشاهدتهم «شهابا ناريا يسقط في البحر» مما رجح حصول حادث في الطائرة سبب سقوطها السريع ومنع الطاقم من إرسال أي إشارة استغاثة إلى برج المراقبة، الذي فقد الاتصال مع الطائرة بعد دقائق من إقلاعها ثم اختفائها عن شاشات الرادار. وأفاد بيان للجيش اللبناني أنه لدى إقلاع الطائرة شوهدت تندلع فيها النيران ثم ما لبثت أن سقطت في البحر قبالة منطقة الناعمة على مسافة 8 كلم من الشاطئ.

وقد استبعد الرئيس اللبناني ميشال سليمان فرضية «العمل الإرهابي»، فيما تحدثت معلومات أخرى عن إصابة الطائرة بصاعقة مما ساهم في سقوطها بعدما عجز قائدها عن التحكم فيها نتيجة الأحوال الجوية العاصفة، فيما أشار نقيب الطيارين اللبنانيين محمود حوماني إلى أن الأحوال الجوية السيئة «لا تكفي وحدها لسقوط الطائرة». وشدد رئيس الحكومة سعد الحريري على ضرورة العثور على الصندوق الأسود للطائرة لتحديد أسباب سقوطها، داعيا إلى عدم «إصدار تكهنات».

وفور وقوع الحادث بدأ الجيش اللبناني إجراءات البحث عن حطام الطائرة التي غرقت بالكامل، فيما كان لافتا حصول عمليات تشويه لافتة لجثث الركاب التي لم يُتعرف على معظمها للوهلة الأولى، مما استدعى إجراء عمليات فحص للحمض النووي للتعرف على الجثث. وعلى الرغم من تحديد البحرية اللبنانية موقع سقوط الطائرة سريعا، ووصول سفن إنقاذ تابعة للقوة البحرية الدولية المرابطة قبالة السواحل اللبنانية ، فإنه لم يُعثر على ناجين، فيما بدأ العثور على الجثث في ساعات بعد الظهر، وقد بلغت نحو 30 جثة.

وكان على متن الطائرة 90 راكبا بينهم 54 لبنانيا منهم ثلاثة يحملون الجنسيات البريطانية والكندية والروسية إضافة إلى طاقم الطائرة وعددهم 7 أشخاص. والطائرة هي من نوع «بوينغ 737-800» في رحلة بين لبنان وإثيوبيا رقمها 409. أما الباقون فهم 22 إثيوبيا، وعراقي واحد، وسوري واحد، وثلاثة كنديين من أصل لبناني، وروسية من أصل لبناني، وفرنسية هي مارلا بييتون، زوجة السفير الفرنسي في لبنان، وكانت، وفق معلومات «الشرق الأوسط» متوجهة إلى جنوب أفريقيا التي كانت مقر عمل السفير دوني بييتون السابق قبل مجيئه إلى لبنان لمتابعة أمور عائلية. وفور حصول الحادث استنفرت القاعدة البحرية والصليب الأحمر والدفاع المدني، وباقي الأجهزة المعنية في مطار رفيق الحريري الدولي للقيام بعمليات الإنقاذ. وتوجه إلى المطار وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي وعقد اجتماعا طارئا ضم إلى الوزير العريضي كلا من: مدير عام الطيران المدني حمدي شوق وقائد جهاز أمن المطار العميد الركن وفيق شقير ونائب رئيس الأركان للعمليات في الجيش اللبناني العميد عبدو شحيتلي، وقد طلب لبنان مساعدة تقنية من الولايات المتحدة الأميركية التي أرسلت إحدى قطع الأسطول السادس، مع طائرة مزودة بكاشف حراري للبحث عن الناجين والجثث، وفرنسا التي أرسلت طائرة للمساهمة في عمليات الإنقاذ وقبرص التي أرسلت طوافات.

وقام رئيس الحكومة سعد الحريري يرافقه وزير الداخلية زياد بارود والوزير غازي العريضي ووزير الصحة محمد جواد خليفة وقائد الجيش العماد جان قهوجي، بجولة جوية فوق المناطق التي تتم فيها عمليات البحث عن المفقودين. وقد أقلتهم طوافة تابعة للجيش اللبناني، فيما أسف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان للحادث مؤكدا أن «لبنان بشعبه وحكومته ومؤسساته كافة يبذلون الجهود الكبيرة لإنقاذ الركاب المفقودين». وأمل الرئيس سليمان «في التمكن من إنقاذ أحياء من بين ركاب الطائرة المنكوبة، خصوصا وأن الإنقاذ يتم في ظروف مناخية صعبة». وأشار إلى «أن هذه الحادثة الكبيرة هي الثانية التي تحصل بعد حادثة غرق باخرة قبالة مرفأ طرابلس (أواخر العام الماضي)»، وقال: «نأمل في العثور على أكبر عدد من الركاب الأحياء وأن يُنقذوا جميعا». وأعلن أن الجيش والقوى الأمنية سيستمرون في عمليات البحث والإنقاذ لأطول وقت ممكن، بين 48 و72 ساعة، على أن تبقى بعدها قوة رصد لعدة أيام، يجمع خلالها أيضا حطام الطائرة لمعرفة أسباب تحطمها، خصوصا وأن وزير الأشغال شكل لجنة تحقيق واستعان بمجموعة من المحققين الفرنسيين الخبراء بهذا النوع من الحوادث. وسيُجمع كل ما يُعثر عليه ليصار إلى فحصه لتحديد سبب الحادث». وأضاف: «لغاية الآن نستبعد العمل التخريبي. والتحقيق كفيل بكشف كل شيء».

وأعلن وزير الدفاع الوطني إلياس المر أن «الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل انتشلوا عددا من ضحايا الطائرة الإثيوبية المنكوبة»، وأن «مهمة البحث لا تزال مستمرة عن أي شخص يُمكن أن يكون على قيد الحياة أو عن أي شخص غرق مع الأجزاء التي سقطت في البحر»، مؤكدا أن «المهمة ستبقى بنفس العزم الذي بدأت عليه منذ الصباح»، مشدّدا على أن «أي معلومات خارجة عن الصندوق الأسود للطائرة وصندوق تسجيل الداتا هي معلومات ترجيحية»، وأضاف: «إذا حصل انفجار فلن يكون هناك أي أثر للجثث، في حين أننا انتشلنا حتى الآن عشرين جثة، كما لا يزال حتى الآن الكثير من المفقودين، وإذا استمررنا في الافتراضات فبهذا نكون قد دخلنا في إطار البحث في أمور افتراضية نُفقد بها الأمل للأهالي وللجنود الذين يعملون على الأرض».

وأوضح المر أنه «بعد عشرين دقيقة على وقوع الحادث كانت كل القوى في الجيش اللبناني البحرية والبرية والجوية منتشرة في مكان الحادث، وبدأت فورا البحث عن المفقودين، وقد شارك في هذه العملية تسع طرادات من الجيش اللبناني وطرادان من اليونيفيل وست طائرات من الجيش اللبناني وخمس طائرات فرنسية وطائرتا هليكوبتر بريطانيتان وطائرات من اليونيفيل، وهذه الطائرات الفرنسية والإنجليزية شاركت ولا تزال تشارك حتى الآن في عملية البحث عن المفقودين، وإنقاذ الأشخاص الذين لا نزال نأمل أن يكون منهم من هو على قيد الحياة لإنقاذهم»، موضحا أن «كل هذه الطائرات الأجنبية تتحرك من خلال غرفة العمليات المشتركة بين اليونيفيل والجيش اللبناني، وهي على تواصل معهم لتنهي المهمة إلى أن نتوصل إلى كل عدد الركاب الموجودين في الطائرة، ونرجو من الله أن يكون هناك أشخاص على قيد الحياة».

وأعلن المر «عن وصول قوة أميركية مؤلّفة من سفينة مُعدّة للإسعاف وعليها معدّات خاصة للمشاركة في عمليات الإنقاذ».

وعن مسار التحقيقات، قال المر: «كل قطع الطائرة التي حصل عليها الجيش انتقلت إلى مركز من مراكز الجيش اللبناني بحراسة الشرطة العسكرية والضابطة العدلية؛ لتسلّم إلى الطيران المدني، الذي يقع ضمن اختصاصه إرسال هذه القطع إلى المختبرات المتعاقد معها لفحصها، وعلينا أن ننتظر نتائج التحقيق في هذه القطع وفي الصندوقين»، لافتا إلى أن «الضوء القوي الذي أظهره شريط فيديو لحظة إقلاع الطائرة يمكن أن يكون صاعقة ولا شيء يؤكد ذلك إلا الصندوق الأسود».