عباس يدرس أفكارا أميركية بشأن محادثات لبناء الثقة.. بعد فشل ميتشل في إعادة المفاوضات

كتلة فتح ترفض دعوة رئيس «التشريعي» لعقد جلسة وتقول إن هذا حق عباس فقط

فلسطينيون يتظاهرون في غزة للمطالبة بانتخابات برلمانية جديدة (أ.ف.ب)
TT

أكدت مصادر إسرائيلية وفلسطينية، أمس، أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل قد فشل في مهمته لدفع عملية السلام، ولم يتمكن حتى من جمع الطرفين على طاولة المفاوضات، وأن الإمكانية الوحيدة التي باتت واقعية هي أن يقوم بجولات مكوكية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بهدف التوصل إلى رزمة اتفاقات تغير الواقع على الأرض وتتيح عودتهما إلى التفاوض المباشر في وقت لاحق.

وقد اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هذا الاقتراح والموضوعات التي يطرحها ميتشل للبحث «أفكار ذات أهمية»، مع أنه كان في الأسبوع الماضي قد رفضها طالبا «مفاوضات مباشرة فورية ومن دون أي شروط مسبقة». بيد أن الفلسطينيين ما زلوا يتحفظون منها ويطلبون تحديد فترة زمنية لا تتخطاها، «حتى لا تتحول المفاوضات كما حصل في السابق إلى مجرد لقاءات لالتقاط الصور التذكارية».

وكان ميتشل قد التقى نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ثم غادر إلى مصر. وسيعود إلى المنطقة في الشهر المقبل، عندما يتلقى موافقة رسمية من الطرفين على إجراء المفاوضات المكوكية.

والموضوعات التي ينوي طرحها للتفاوض تسير في اتجاهين: حدود الدولة الفلسطينية والترتيبات الأمنية، وهما موضوعان كبيران يعتبران من قضايا اللب في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والثاني قضايا متفرقة تتعلق بالممارسات اليومية، حيث يطلب ميتشل من إسرائيل أن تنفذ عددا من مطالب الفلسطينيين الملحة، مثل تخفيف الحصار عن قطاع غزة وإطلاق سراح دفعة جدية من الأسرى قبل إتمام صفقة تبادل الأسرى مع شاليط، وإزالة المزيد من الحواجز العسكرية في الضفة الغربية وسحب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت ترابط فيها قبل انتفاضة العام 2000. وفي المقابل يطلب ميتشل من الفلسطينيين تلبية عدد من المطالب الإسرائيلية، مثل وقف مواد التحريض على إسرائيل واليهود والعداء لهما في كتب التعليم وفي وسائل الإعلام الرسمية ومن على منابر المساجد. وقد وصف ميتشل هذه الخطوات بأنها ضرورية لبناء الثقة.

وفي نفس الوقت، قال مسؤول فلسطيني أمس: إن الرئيس محمود عباس يعكف على دراسة اقتراح أميركي لإجراء محادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مستوى أقل من المفاوضات الكاملة بين زعمائهما.

هذا الاقتراح هو أحدث فكرة لميتشل من أجل استئناف محادثات السلام المتوقفة منذ 13 شهرا. وذكرت مصادر فلسطينية على دراية بما دار في جولة ميتشل الدبلوماسية مطلع الأسبوع أنه اقترح إجراءات لبناء الثقة من شأنها تحسين الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.

ومن بين خطوات بناء الثقة التي ذكر الفلسطينيون أنهم يحرصون على مناقشتها: نقل السلطة من الجيش الإسرائيلي إلى الفلسطينيين في مزيد من أراضي الضفة الغربية، وإزالة بعض نقاط التفتيش الإسرائيلية، وإطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين. وستناقش هذه الإجراءات في اجتماع لوزراء كبار من الجانبين وليس لزعيميهما.

وفي القاهرة قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير حسام زكي: «إن الوزيرين (أبو الغيط وسليمان) ناقشا مع ميتشل الأفكار المصرية بشأن توفير الأرضية والظروف المناسبة لإعادة إطلاق العملية التفاوضية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وفقا لأسس واضحة في ضوء التشاور القائم بين الجانبين المصري والأميركي»، وأوضح أن الجانبين اتفقا على استمرار العمل الجاد بهدف توفير الظروف التي تسمح بتحقيق السلام.

من جهة ثانية، أدلى رئيس طاقم المفاوضات مع الفلسطينيين في الحكومات الثلاث التي سبقت حكومة نتنياهو، أودي ديكل، بتصريحات قال فيها إن «الوساطة الأميركية في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية تشكل عنصرا سلبيا، وفي بعض الأحيان مدمرا». ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى تغيير مفاهيم التفاوض مع الفلسطينيين والتوجه إلى طرق مغايرة تتيح بناء الثقة مع الفلسطينيين وتجعلهم يأتون وحدهم إلى طاولة المفاوضات «بلا وسطاء ولا مشجعين».

من جهة أخرى رفضت كتلة «فتح» البرلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني، دعوة عزيز الدويك، رئيس المجلس، لعقد جلسة جديدة للتشريعي في غزة والضفة الغربية، وذلك بعد يوم واحد من انتهاء المدة القانونية للمجلس التشريعي، الذي قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الشهر الماضي التمديد له لحين إجراء الانتخابات.

وقال عزام الأحمد، رئيس كتلة فتح، إنه حسب القانون الفلسطيني فإن الرئيس محمود عباس وحده هو المخول بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد. وأوضح الأحمد أن ولاية الدويك وهيئة مكتب رئاسة المجلس «انتهت منذ 11 يوليو (تموز) 2007 عندما رفض نواب (حماس) الالتزام بالقانون، وعدم احترام دعوة الرئيس عباس لعقد دورة جديدة للمجلس وفق القانون». وكان الدويك قد دعا في مؤتمر صحافي عقده في رام الله، إلى عقد جلسة للمجلس التشريعي في الضفة وغزة، وذلك بناء على طلب أكثر من ربع أعضاء الـمجلس التشريعي، مطالبا الرئاسة بتسهيل عقدها، وذلك من دون أن يحدد موعدا لهذه الجلسة.

وقال الأحمد: «إذا كان الدويك حريصا على القانون، فالأجدر به أن يحترم المرسوم الرئاسي بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد في إطار الالتزام بالقانون والشرعية الواحدة، ورفض كل مظاهر الانقلاب ونتائجه. إن الحديث عن الدعوة بربع الأعضاء التي يتحدث عنها الدويك لا مكان لها في ظل عدم احترام الدويك وكتلته النيابية للمرسوم الرئاسي لافتتاح دورة جديدة للمجلس».

واعتبر الأحمد أن مسألة ولاية ومدة المجلس التشريعي التي أكد عليها الدويك في المؤتمر الصحافي «مسألة محسومة بالقانون، وليست في حاجة إلى إفتاء الدويك، الذي انضم إلى جوقة الخارجين على الدستور والقانون».

وأكد الطيب عبد الرحيم، أمين عام الرئاسة الفلسطينية، أمس، أن المجلس التشريعي في حالة عدم انعقاد منذ 11 يوليو 2007 بسبب عدم استجابة حماس لدعوة الرئيس لانعقاد المجلس.

وعبرت الحكومة الفلسطينية، أمس، عن أسفها لعدم التمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها الدستوري كحق طبيعي للمواطنين.

أما حماس، فهاجمت «الأصوات التي تحاول النَّيل من المجلس التشريعي، ووصفتها باليائسة»، وقال سامي أبو زهري: «إن المجلس التشريعي مستمر في أداء عمله لحين انتخاب مجلس تشريعي جديد، وإن ولايته مستمرة بحكم القانون الأساسي، والمشكلة هي في ولاية رئيس السلطة التي انتهت منذ عام. والذين يحاولون إثارة قضية المجلس التشريعي، يهدفون إلى التغطية على انتهاء ولاية رئيس السلطة».