دور إقليم كردستان في استقرار العراق يتصدر مباحثات أوباما ـ بارزاني

مسؤول في البيت الأبيض: الرئيس الأميركي وعد بدعم إجماع سياسي لحل المشكلات العالقة

TT

قال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية «للشرق الأوسط» إن زيارة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، للولايات المتحدة ركزت على التطورات السياسية والاقتصادية في العراق و«على دور الإقليم في ضمان عراق مستقر، وذي سيادة ويعتمد على نفسه». وأشار المسؤول إلى أن زيارة بارزاني هي الأحدث ضمن سلسلة زيارات لمسؤولين عراقيين كبار إلى واشنطن. فقد زارها خلال الأسابيع القليلة الماضية، نائب الرئيس، عادل عبد المهدي، واجتمع مع كبار المسؤولين الأميركيين، ومن المتوقع وصول النائب الثاني للرئيس العراقي طارق الهاشمي في وقت قريب.

وعن اجتماع الاثنين مع الرئيس أوباما، قال متحدث باسم البيت الابيض، لقد «عبر الرئيس عن نوايا الولايات المتحدة الحسنة لمساعدة العراقيين للتحرك نحو إجماع سياسي لحل المشكلات العالقة بين الحكومة الكردية في الإقليم وحكومة العراق، وذلك حسب دستور العراق، بالإضافة إلى التعاون مع الأمم المتحدة في هذه الجهود».

وأضاف المتحدث: «بالنيابة عن الشعب الأميركي، قدم الرئيس تعازيه إلى الشعب العراقي لانفجارات يوم 25 يناير (كانون الثاني) في بغداد. وأكد الرئيس على التزام الولايات المتحدة بعلاقات طويلة الأمد، تأييدا للعراق وللشعب العراقي».

وفي الوقت نفسه، قال متحدث باسم مكتب رئاسة إقليم كردستان في واشنطن: «خلال الاجتماع، ركز الرئيس بارزاني على أهمية الانتخابات القادمة، وأكد التزام الإقليم بعراق فيدرالي، وديمقراطي، ومتعدد. بالإضافة إلى ذلك، أكد الرئيس بارزاني أهمية التزام أميركي استراتيجي طويل المدى مع العراق، ومع إقليم كردستان».

وعن الخلافات بين الإقليم والحكومة المركزية، قال المتحدث إن بارزاني «أوضح أن دستور العراق هو أساس حل مشكلات العراق الداخلية. وأن الاستقرار يمكن تحقيقه إذا التزم كل العراقيين بمواد الدستور العراقي كلها، ونفذوها».

وأضاف أن بارزاني «مرة أخرى، عبر عن تقديره لدور الولايات المتحدة في العراق، والتضحيات التي قدمتها لتحرير العراق من الدكتاتورية».

ومن جانبه، قال نجم الدين كريم، رئيس المعهد الكردي في واشنطن، ومن قادة الحركة الكردية في الولايات المتحدة، ومولود في كركوك، إن جزءا من المشكلات هو «جهود السياسيين العراقيين العرب لمنع انتخابات حرة ونزيهة في كركوك. ولتقسيمها حسب خطوط عرقية. ولعرقلة تنفيذ المادة رقم 140 في الدستور التي تشير إلى مشكلة كركوك ومناطق أخرى يدور حولها النزاع». وقال كريم إن على الرئيس أوباما أن يلتزم بتنفيذ هذه المادة، وأن يعارض «المناورات ضد كردستان وشعبها». وأشار إلى انتخابات أفغانستان في السنة الماضية، وأن الرئيس أوباما اعترض على التجاوزات فيها، وطالب بالشفافية. وقال كريم إن أوباما يجب أن يؤكد على ذلك في العراق أيضا، وأن يحول دون إجراء انتخابات مزورة في كركوك.

واتهم كريم ما أسماهم «بعض الأحزاب العربية» بأنها تريد تقسيم كركوك الى ثلاثة أقسام: عربي وكردي وتركماني. وقال إن ذلك يخفض قوة الأكراد في المدينة إلى الثلث. كما أنه يتغاضى عن الانتخابات التي أشار إليها الدستور. وأن هناك أحزابا عربية تؤيد الانتخابات، لكن على شرط استعمال قوائم المسجلين القديمة، والتي نقضها الدستور الجديد. وقال كريم: «ليس الأكراد عربا. فهم يملكون لغتهم وثقافتهم وهويتهم الخاصة بهم».

لكن، قلل سكوت كاربنتر، زميل كبير في معهد واشنطن للشرق الأدنى، من أهمية هذا الموضوع في اللقاء الذي تم بين الرئيسين أوباما وبارزاني. وقال كاربنتر إنه لا يعرف تفاصيل ما قاله الرئيسان، لكنه يشك في أن أوباما يريد فتح هذا الملف. وقال كاربنتر إن أوباما، في الوقت الحاضر، حريص على استقرار العراق، تمهيدا لإجراء الانتخابات. وقال كاربنتر: «أعتقد أن دعوة بارزاني ليست إلا موازنة لدعوة قادة عراقيين غيرهم، بهدف تحسين الأجواء لإجراء الانتخابات. أعتقد أن الدعوة كردية أكثر منها عراقية، بمعنى أن أوباما يريد أن يقابل مسؤولا كرديا كبيرا في سلسلة مقابلاته مع كبار المسؤولين وكبار الشخصيات في العراق».

وقال كاربنتر إن واشنطن تفضل تأجيل موضوعي النفط وكركوك إلى ما بعد الانتخابات. ليس لأنها لا تراها مهمة، ولكن لأنها تخشى أن تسبب مناقشتها في زيادة التوتر بين الحكومة المركزية وحكومة كردستان الإقليمية. وفي تقرير كتبه في الأسبوع الماضي بعنوان: «سياسة الخوف العراقية»، قال كاربنتر إن منع أشخاص من الترشيح في الانتخابات «سيؤثر، أكثر ما يؤثر، على مرشحي تحالف العراقية، وهو تحالف يضم طوائف كثيرة، ويسيطر عليه وطنيون علمانيون بقيادة إياد علاوي».

لهذا، أضاف كاربنتر أن محادثات بارزاني في واشنطن ربما لا تربط بين الأكراد والانتخابات. وذلك لأن الصراع سياسي اكثر منه طائفي. وقال إن الأكراد يبدون منقسمين حول موضوع شطب الأسماء. ففي جانب، «تساءل الرئيس طالباني إذا كان ذلك قانونيا. واقترح أن تبت المحكمة العليا في الموضوع». وفي الجانب الآخر، «يوجد أكراد إما لا يهتمون بالموضوع، أو يميلون نحو حظر أعضاء حزب البعث لصلة الحزب بما لحق بالأكراد خلال سنوات صدام حسين». وقالت أودري فليك، خبيرة في نفس المعهد (واشنطن للشرق الأدنى) واشتركت في تاليف كتاب «مستقبل أكراد العراق»: «لمواجهة ضغوط الحكومة المركزية للسيطرة على قراراتها، تخطتها الحكومة الكردستانية الإقليمية، ووضعت، في سنة 2007، قانون الطاقة، ووقعت على خمس عشرة اتفاقية مع عشرين من شركات النفط العالمية. وساهم ذلك في تصعيد المواجهة بين العرب والأكراد». وأضافت: «يبدو أن الأغلبية العربية في العراق تريد استمرار السيطرة على كركوك وثروتها النفطية».

وأشارت إلى أن دستور العراق، الذي وضع سنة 2005، ينص على الآتي: «يملك شعب العراق وكل المناطق والحكومات الداخلية النفط والغاز في كل مناطق العراق.» وتنص المادة 109 على تقسيم هذه الثروة بالتساوي حسب عدد المواطنين، مع وضع اعتبار للمناطق الأقل تطورا. وتنص المادة 90 على أن تحسم المحكمة العليا النزاعات في هذا الموضوع.

وأضافت فليك أن حل المشكلة بيد العراقيين، بصرف النظر عن إجراء الانتخابات أو عدم إجرائها، يبدو صعبا. كما أن قدرة الولايات المتحدة على حلها تبدو أيضا صعبة.