تقرير: «القاعدة» لا تزال تهدف إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد أميركا

الظواهري ألغى خطة هجوم كيميائي على مترو أنفاق نيويورك من أجل شيء أفضل

TT

عندما ألغى الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري خطة لشن هجوم كيميائي على شبكة مترو الأنفاق في نيويورك عام 2003، فإنه قدم تفسيرا مخيفا؛ وهو أن المؤامرة لإطلاق غاز سام على نيويورك أُلغيت من أجل تنفيذ «شيء أفضل»، وذلك حسبما أعلن الظواهري في رسالة التقطتها أجهزة التنصت الأميركية.

وظل مغزى التهديد السري للظواهري غير واضح لأكثر من ستة أعوام بعد ذلك، بيد أن تقريرا إخباريا حذر من أن «القاعدة» لم يتخل عن هدفه المتمثل في مهاجمة الولايات المتحدة بسلاح كيميائي أو بيولوجي أو حتى نووي.

ويصور التقرير، الذي أعده مسؤول بارز سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وقاد بحثا أطلقته الوكالة عن أسلحة الدمار الشامل، قادة «القاعدة» باعتبارهم عازمين ومثابرين وعلى استعداد للانتظار سنوات للحصول على الأسلحة التي من الممكن أن توقع خسائر واسعة النطاق.

وبناء على اطلاعه على الملفات السرية للقضية، أكد رولف موات لارسن، أحد المسؤولين السابقين أن تنظيم القاعدة كان أكثر جدية في سعيه لامتلاك أسلحة دمار شامل من الاعتقاد السائد؛ حيث كان التنظيم يسلك مسارات متوازية للحصول على الأسلحة وإقامة التحالفات مع جماعات يمكنها توفير الموارد والخبرات.

ومن جهة أخرى، يقول موات لارسن في التقرير الصادر يوم الاثنين عن مركز «بلفر» للعلوم والشؤون الدولية بمدرسة كينيدي للحكم بجامعة هارفارد: «إذا كان أسامة بن لادن ومساعدوه مهتمين بالهجمات ذات النطاق الصغير، فليس هناك شك في أنهم قد يكونون مهتمين بذلك الآن».

ويأتي هذا التقرير في الوقت الذي تستعد فيه الهيئة التي شكلها الكونغرس بشأن أسلحة الدمار الشامل لإطلاق تقييم جديد حول استعداد الحكومة الفيدرالية لمواجهة مثل هذا الهجوم. وينتقد هذا التقرير، الذي أعد بمعرفة لجنة من الحزبين حول منع انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب، على نحو خاص، الإجراءات التي اتخذتها إدارة الرئيس أوباما حتى الآن من أجل تشديد دفاع البلاد ضد الإرهاب البيولوجي، وفقا لاثنين من المسؤولين السابقين بالحكومة اطلعوا على مسودات التقرير.

كما حذر التقرير الأولي للجنة في ديسمبر (كانون الأول) 2008 من أنه من المحتمل إطلاق هجوم إرهابي باستخدام أسلحة الدمار الشامل بحلول عام 2013.

وقاد موات لارسن، الذي قضى ثلاثة وعشرين عاما من عمره في العمل بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، قوة المهام الداخلية المختصة بتنظيم القاعدة وأسلحة الدمار الشامل عقب الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، وتم تعيينه لاحقا مديرا للاستخبارات والاستخبارات المضادة بوزارة الطاقة. ويحذر تقريره من أن تهديد بن لادن بمهاجمة الغرب بأسلحة دمار شامل ليس «كلاما فارغا»، لكنه هدف استراتيجي لمنظمة تسعى إلى إلحاق الدمار الاقتصادي بالولايات المتحدة وحلفائها من أجل الإسراع بالإطاحة بالحكومات الموالية للغرب في العالم الإسلامي.

ويستشهد موات لارسن في تقريره بنماذج من سعي «القاعدة» لمدة خمسة عشر عاما لامتلاك أسلحة الدمار الشامل التي تعكس التروي والحنكة في تجميع الخبرات والمعدات الضرورية. ويصف كيف استعان الظواهري باثنين من العلماء أحدهما خبير باكستاني في علم الأحياء الدقيقة أو الميكروبيولوجيا وهو متعاطف مع «القاعدة»، والآخر قائد عسكري ماليزي تلقى تدريبات في الولايات المتحدة، للعمل على نحو منفصل من أجل تحقيق الجهود الرامية إلى بناء معمل أسلحة بيولوجية والحصول على سلالات مميتة من بكتيريا الجمرة الخبيثة. وذكر موات لارسن أن «القاعدة» حقق الهدفين قبل سبتمبر (أيلول) عام 2001، لكنه على ما يبدو لم ينجح في تحويل جرثومات الجمرة الخبيثة إلى أسلحة حيث أجبر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على أفغانستان العلماء على الهروب.

وقال في مقابلة أجريت معه إن «ذلك لم يكن إرهابا عاديا. فقد كان البرنامج مقسما إلى مستويات متعددة، وكان في أعلى مستوى من التنظيم منهجيا ومهنيا».

وأضاف موات لارسن أنه لم ير أي دليل يربط بين برنامج «القاعدة» وهجمات الجمرة الخبيثة على السياسيين الأميركيين ووسائل الإعلام الإخبارية عام 2001. وقال إن خطة الظواهري كانت تهدف إلى سقوط عدد كبير من الضحايا «وليس مجرد محاولة تخويف الناس بعدة رسائل».

وتشير الأدلة الواردة من الوثائق الخاصة بـ«القاعدة» والتحقيقات مع أعضائه إلى أن قادة الإرهابيين استقروا على استخدام الجمرة الخبيثة كسلاح من اختيارهم بالإضافة إلى أنهم يعتقدون أن الأدوات اللازمة لشن هجوم بيولوجي رئيسي كانت في متناول أيديهم. وكان تنظيم القاعدة مهتما في الوقت نفسه بالأسلحة النووية إلا أنه كان يدرك أن فرصه في النجاح سوف تحتاج إلى وقت أطول. فيقول موات لارسن: «لقد أدركوا أنهم في حاجة إلى حظ وافر حتى يتمكنوا من شراء أو سرقة مواد انشطارية أو الحصول على قنبلة مسروقة».

وخشي مسؤولون في إدارة الرئيس بوش من أن أسامة بن لادن كان على وشك الحصول على أسلحة نووية عام 2003 بعد ما حصل جواسيس أميركيون على رسالة سرية من شخص سعودي على صلة بـ«القاعدة» تشير إلى خطط للحصول على ثلاثة أجهزة نووية روسية مسروقة. وقد أدت تلك الواقعة إلى تأهب حكومتي الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. كما أدى إلى قيام المملكة العربية السعودية بشن حملة سعودية شرسة أسفرت عن اعتقال ومقتل العشرات من المشتبه في ارتباطهم بتنظيم القاعدة. وبعد ذلك، توقفت على نحو مباغت الثرثرة حول إمكانية حصول الإرهابيين على أسلحة نووية، بيد أن المسؤولين الأميركيين لم يتأكدوا قط إذا ما كانت تلك المؤامرة قد تم إلغاؤها أم أنها أصبحت ببساطة أكثر سرية.. فيقول موات لارسن «لقد كانت حملة القمع ناجحة للغاية لدرجة أن الاستخبارات بشأن البرنامج قد توقفت».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»