مؤتمر لندن يناقش نقل المسؤولية الأمنية والمصالحة في أفغانستان غدا

بمشاركة 60 دولة.. تأسيس صندوق دولي يخصص لإدماج مسلحي طالبان

TT

أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أمس أن المؤتمر الذي سيعقد غدا في لندن حول مستقبل أفغانستان سيسعى لجمع «مئات الملايين من الدولارات» لصندوق يخصص لإدماج مسلحي طالبان في أفغانستان. وأكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية أنه من المنتظر الإعلان عن «اعتزام تأسيس صندوق دولي من أجل اندماج» يهدف إلى دعم الجهود التي تقودها أفغانستان لتنمية برنامج فعال ومستدام لإعادة إدماج هؤلاء المقاتلين الذين يريدون التراجع عن طريق العنف والعودة إلى الحياة الطبيعية. وقالت المتحدثة: «نتوقع أن يتطلب الأمر مئات الملايين من الدولارات لمواصلة برنامج الإدماج على مدار عدة سنوات. نتطلع إلى مساعدة من شركائنا الدوليين في توفير الأموال التي تلزم لنجاح هذه المبادرة المهمة». وأضافت أن الأموال «لن تدفع لطالبان، ولكنها لتمزيق التمرد عن طريق الاتحاد الصحيح بين الضغط العسكري والحوافز السياسية». ويلتقي أطراف النزاع الأفغاني باستثناء حركة طالبان غدا في لندن لتحديد الأهداف على المدى البعيد وخصوصا نقل المسؤولية الأمنية والمصلحة مع المتمردين التي تشكل قضية حساسة. وستشارك نحو ستين دولة في المؤتمر سواء كانت من البلدان التي تنشر قوات في أفغانستان أو تلك المجاورة لها. وسيحضر المؤتمر وزراء خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون وفرنسا برنار كوشنير وأوروبا كاثرين أشتون إلى جانب الرئيس حميد كرزاي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وسيكون الموضوع الرئيسي للمؤتمر «العملية الانتقالية»، أي النقل التدريجي للمسؤوليات الأمنية إلى القوات الأفغانية التي يجري تأهيلها. ويمكن أن يتطرق الاجتماع إلى نقل المهام الأمنية في نهاية هذه السنة أو مطلع 2011. ولن يقدم أي برنامج زمني لانسحاب الحلفاء لكن «أرقاما عدة» ستعلن وتتعلق بتعزيز الجيش والشرطة الأفغانيين، على حد قول رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أول من أمس.

ومُني الجنود الأجانب البالغ عددهم 113 ألفا المنتشرون في أفغانستان، في 2009 بخسائر قياسية (520 قتيلا). وفي مواجهة هذا النزاع الذي يتفاقم على ما يبدو بعد حرب مستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات، سيحاول كرزاي استعادة زمام المبادرة بجمع أقصى حد ممكن من الدعم لاستراتيجيته الجديدة التي تقضي بإجراء «مصالحة» مع طالبان. وهذه الخطة المثيرة للجدل تنص على تأمين المال والوظائف للذين يتخلون عن العمل المسلح. ويفترض أن يعبر الحلفاء عن التزامات مالية لكنهم سيطالبون بضمانات. وحذر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أول من أمس من أن «المسألة تتركز على معرفة ما إذا كانوا مستعدين للمشاركة في الانتخابات والكف عن القتل». وسيكون على كرزاي أيضا طمأنة حلفائه بشأن قدرته على الحكم بشكل ديمقراطي، فبعد أكثر من خمسة أشهر من إعادة انتخابه في 20 أغسطس (آب) في اقتراع شهد عمليات تزوير واسعة، لم ينجح كرزاي في تشكيل حكومة كاملة. كما أرجأت كابل أربعة أشهر الانتخابات التشريعية المقبلة. وقال براون معترفا: «ننتظر الكثير من كرزاي عندما يأتي غدا». من جهته، أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ضرورة وقف اختلاس أموال المساعدات الدولية. وقال إنه «من الأساسي جدا أن لا يتم نهب المال بسبب الفساد». وصرح مسؤول بريطاني قريب من الملف أن التعاون بين أفغانستان وجاراتها مع «التأكيد مجددا على أهمية عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان»، ستبحث في اللقاء الذي يشكل امتدادا لاجتماع إقليمي يعقد في إسطنبول أمس. إلى ذلك قال السفير الأميركي في أفغانستان كارل إيكنبيري في مراسلات دبلوماسية نُشرت كاملة للمرة الأولى أمس إن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي «ليس شريكا استراتيجيا مناسبا» وإن زيادة عدد القوات الأميركية في البلد المضطرب لن يؤدي إلا إلى زيادة اعتماد حكومة كرزاي على واشنطن. وكانت تحفظات السفير القوية على كرزاي سُرّبت أول مرة وسط جدل في الولايات المتحدة العام الماضي حول زيادة عديد القوات الأميركية في أفغانستان. إلا أنه لم يتم نشر النص الكامل لتلك المراسلات التي بعث بها السفير إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما إلا أمس الثلاثاء في صحيفة «نيويورك تايمز» التي حصلت عليها من مسؤول أميركي لم تكشف عنه. وفي تلك المراسلات قدم إيكنبيري، الجنرال المتقاعد والقائد السابق للقوات الأميركية في أفغانستان، حججه ضد استراتيجية لمكافحة التمرد اقترحها القائد الحالي للقوات الأميركية الجنرال ستانلي ماكريستال الذي حذر من الفشل في أفغانستان إذا لم تتم زيادة عدد القوات الأميركية. وفي النهاية تغلب رأي ماكريستال ووافق أوباما على نشر 30 ألف جندي إضافي في أفغانستان مما سيرفع عدد القوات الأميركية في ذلك البلد إلى 100 ألف خلال الأشهر التسعة المقبلة. وحذر إيكنبيري من أن ذلك سينطوي على «تكاليف باهظة» ولن يثمر عن مكاسب مضمونة. وقال إن «إرسال قوات إضافية سيؤجل اليوم الذي سيتولى فيه الأفغان السيطرة، وسيجعل من الصعب بل من المستحيل إعادة قواتنا إلى الوطن في فترة زمنية معقولة». وقال في الرسالة نفسها إن «الرئيس كرزاي ليس شريكا استراتيجيا مناسبا». وأضاف أن «استراتيجية مكافحة التمرد المقترحة تفترض وجود قيادة سياسية أفغانية قادرة على تولي المسؤولية وفرض السيادة من أجل تحقيق هدفنا وهو أن تصبح أفغانستان آمنة ومسالمة ومكتفية ذاتيا بالحد الأدنى وأقوى في مواجهة الجماعات الإرهابية المحلية وغير المحلية». وتابع: «إلا أن كرزاي لا يزال يرفض تحمل المسؤولية عن أي عبء سيادي سواء في مجال الدفاع أو الحكم أو التنمية، ولا يرغب هو ومعظم من يدورون في فلكه أن تغادر الولايات المتحدة البلاد ويسعدهم أن يرونا نزيد من استثمارنا» في ذلك البلد. وكتب إيكنبيري يقول كذلك إن باكستان ستبقى مصدرا لانعدام الاستقرار في أفغانستان ما بقي المتمردون ينعمون بملاجئ آمنة على طول الحدود. وقال إنه «إذا لم يتم حل مشكل الملاجئ الآمنة هذه بشكل تام، فإنه من غير المضمون تحقيق أي مكاسب من إرسال أعداد إضافية من الجنود». وأضاف: «وفيما نفكر في زيادة وجودنا في أفغانستان بشكل كبير، فإن الحل الأفضل للصعوبات التي نواجهها يمكن أن يكون زيادة عملنا في باكستان».