لاريجاني: على دول الجوار ألا تسمح لأميركا باستخدام أراضيها لضرب إيران

اعتبر القلق الذي تثيره بعض دول من الملف النووي «مصطنعا»

علي لاريجاني يتحدث خلال مؤتمر صحافي في مدينة الكويت أمس (أ.ف.ب)
TT

دعا رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني دول المنطقة إلى عدم السماح للولايات المتحدة الأميركية باستخدام قواعدها العسكرية الموجودة على أراضيها لشن أي هجوم على إيران. وأضاف في مؤتمر صحافي من الكويت التي يزورها بدعوة من رئيس برلمانها جاسم الخرافي أن «على دول المنطقة التي قدمت قواعد عسكرية لأميركا أن تعلم بأن هذه القواعد يجب ألا تستخدم ضد إيران وألا تكون المنطقة محطة للاعتداء على إيران». غير أنه أضاف أن الولايات المتحدة وإسرائيل لن تجرؤا «على شن هجوم على إيران». وتابع «إسرائيل لن تجرؤ على مهاجمة إيران لأنها تعلم أن الصواريخ الإيرانية حينها ستحرق أرضها». وجاء كلام لاريجاني على هامش زيارة إلى الكويت استمرت ثلاثة أيام التقى فيها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح. وأشار إلى أنه بحث مع المسؤولين الكويتيين شؤون الأمن الإقليمي، مضيفا أن «الأميركيين يثيرون الحروب ويتسببون بالفتن في المنطقة». واعتبر لاريجاني أن الرئيس الأميركي باراك أوباما «فشل في سياسته تجاه القضية الفلسطينية، بسبب الحصار (الإسرائيلي) على غزة، ومواصلة بناء المستوطنات اليهودية».

وأكد لاريجاني عزم طهران الحصول على التقنية النووية، معتبرا أن «القلق الذي يثيره البعض هو قلق مصطنع، ولا أساس له من الصحة، لأننا لسنا بصدد إنتاج أسلحة نووية، وهو ما أكده المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الذي اعتبر تلك الأسلحة محرمة، لكن ما نريده هو الحصول على الطاقة النووية السلمية، وعلى الغرب الذي يسلط الأضواء على إيران في الملف النووي، أن يثير القلق من الكيان الصهيوني الذي لديه أكثر من 400 رأس نووي، والغرب يحاول عن طريق هذا القلق فرض ازدواجية في التعامل».

وذكر أن حصول إيران على التقنيات النووية على الرغم من تهديدات المجتمع الدولي وفرض العقوبات عليها يعد «نصرا عظيما، والطاقة النووية الإيرانية ستكون قاعدة رصينة لكل الدول الإسلامية، لاسيما أن هدف الغرب هو الحيلولة دون حصول بقية هذه الدول على التقنية النووية السلمية، ونحن لم تكن لنا حيلة سوى الاعتماد على أنفسنا وضمن إطار ضوابط المنظمة الدولية للطاقة النووية ومعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية».

وقال المسؤول الإيراني إن بلاده «لا تريد الإضرار بدول مجلس التعاون الخليجي، ولا تسعى إلى التدخل في شؤونها الداخلية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تستخدم إيران كفزّاعة لترهيب دول الخليج وتعزيز وجودها في المنطقة. وأضاف «أعتقد أنه في سبيل الحصول على قواعد عسكرية جديدة في المنطقة.. والسيطرة على مواردها، يلوح الأميركيون والصهاينة بالفزاعة الإيرانية»، وأن على الجمهور الواعي في العالم العربي والعالم الإسلامي أن يدرك هذه المخططات. وأوضح لاريجاني أن «استراتيجية إيران تقوم على احترام حق الدول في سيادتها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي منها، إضافة إلى ضمان الاستقرار الدائم في المنطقة وإقامته، ونحن نعتبر دول مجلس التعاون وشعوبها بمنزلة شعبنا، وعليكم ألا تشعروا بالقلق إلا من الكيان الصهيوني».

ورأى رئيس البرلمان الإيراني أن «هناك تيارات إقليمية وصهيونية وأميركية تحاول التفريق بين إيران وبين دول المنطقة، كما أن الغرب حارب إيران بعد أن أطاحت الثورة الإيرانية بالنظام الملكي الحاكم الذي كان حليفا لإسرائيل ويبيع لها النفط عندما كان العرب يحاربونه، وأغلقت إيران بعد انتصار الثورة السفارة الإسرائيلية في طهران، وأحللنا محلها سفارة فلسطين، ووقفنا بجانب العرب في حربهم ضد إسرائيل، فماذا كان رد الفعل العربي تجاهنا؟».

وقال لاريجاني: إن طهران فخورة بمساعدتها حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) اللذين حاربا إسرائيل في 2006 و2008 على التوالي. وتساءل: «هل دفاع إيران عن حزب الله اللبناني أو حركة حماس الفلسطينية يعتبر تدخلا في شؤون الآخرين، إن دفاع إيران ما هو إلا دعم للحركات الإسلامية للتصدي للعدوان الصهيوني الغاشم، ولولا هذا الدعم لهيمنت إسرائيل على المنطقة بأكملها، وستفقد دول المنطقة أمنها، وإيران تفتخر وتعتز بدعمها لحزب الله وحماس في تصديها لإسرائيل، ودفاع إيران عن الشعبين اللبناني والفلسطيني هو ضمن استراتيجيتنا الإسلامية، وهو لمصلحة الشعوب العربية والإسلامية».

وأوضح لاريجاني أن الاتهامات التي وجهتها بعض الدول لإيران بأنها تدعم الشيعة في لبنان لم تتوافق مع دعم إيران لحركة حماس السنية، لذلك بدأوا بمشروع جديد وهو الصراع بين الفرس والعرب.

وفي سؤال حول تدخل إيران في اليمن رد لاريجاني بأن «ما تبثه بعض الفضائيات ليس دقيقا، فإيران لديها علاقات وثيقة مع المسؤولين في اليمن، ونؤمن بوحدة الأراضي اليمنية وأكدنا بأن الجميع يجب أن يمارس نشاطه في إطار المصالح العليا لهذه الدولة».

وعن الأوضاع الداخلية الإيرانية أوضح لاريجاني أن «الديمقراطية والمشاركة الشعبية في إيران أمر جدي، لذلك فإن الرأي والرأي الآخر موجودان بشكل جاد وفاعل، والخلافات تصل إلى قمتها إبان فترة الانتخابات الرئاسية، وقد تبدو هذه الأمور عجيبة في بعض الدول التي تعاني خمودا وركودا سياسيا، أو التي تتمتع بحكم رئاسي يستمر عقودا من الزمن، ففي إيران هناك تداول للسلطة ويتم خلال الانتخابات تغيير الشخصيات والقيادات وهذه هي ظروف الديمقراطية في بلادنا».

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن تعاطيه مع السلطة والمعارضة داخل البرلمان الإيراني، رد لاريجاني بأن المهم أن يمارس الجميع عمله ونشاطه في إطار القانون، وأضاف «هناك أجندات خارجية، فبعض الدول لها خطط ومشاريع والدليل على ذلك هو اغتيال الدكتور علي محمدي أستاذ الفيزياء بجامعة طهران والنائب العام لمدينة خوي أخيرا، وإيران عاصرت محنا أصعب بكثير من هذه واجتازتها، والثورة قادرة على تجاوز هذه العقبات، وما نصر عليه هو التعامل وفق القانون، وكل من يحترم القانون يحظى بحقوقه دون تمييز»، مقللا في الوقت ذاته مما تتناقله وسائل الإعلام والقنوات الفضائيات قائلا: «إن بعض هذه المحطات تحاول تضخيم وتهويل الأحداث في إيران ولكن هذا لا يغير من الواقع».

وطالب لاريجاني الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن يغير من سياسته في التعامل مع هذه القضية، «لأننا لم نلمس أي تغيير ايجابي في القضية ولم نر تنفيذا لما قاله الرئيس الأميركي في شأن إحداث تغييرات في ظروف المنطقة، بل لمسنا تراجعا في القضية الفلسطينية؛ فحصار غزة مستمر ومتواصل، والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية في بناء مستمر ومتزايد، والضغوط الإسرائيلية على إخواننا في فلسطين مستمرة». وقال: إن على الدول الإسلامية أن تصل إلى تحليل ورؤية مشتركة حول الأوضاع الراهنة، وأن تبحث عن السبل والطرق لدعم أهلنا في فلسطين، مبينا أن «اليوم ليس هو الوقت المناسب لأن تبدي الدول الإسلامية ضعفها مقابل الكيان الإسرائيلي بل يجب أن نتحد ونتعاون».

حول زيارته للكويت، أشاد بالعلاقات الثنائية بين طهران والكويت، مشيرا إلى أن «الكويت دولة مهمة في المنطقة وتتمتع بعلاقات لها جذور وراسخة مع إيران، وتعاون البلدين من شأنه أن يسهم ويساعد في استقرار المنطقة واستتباب الأمن فيها، وقد انتهزت زيارتي للكويت الجارة والصديقة لتعزيز العلاقات بين البرلمانين، وكانت لي مباحثات مفيدة مع إخواننا في مجلس الأمة الكويتي، وقررنا أن يكون بين المجلسين اجتماعات مشتركة إضافة إلى تشكيل لجنة الصداقة البرلمانية الكويتية الإيرانية، وبحثنا تعزيز التشاور الثنائي».

وأضاف «اجتمعنا مع أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وبحثنا القضايا الثنائية والتعاون المشترك في مجالات عدة اقتصادية وثقافية وسياسية، إضافة إلى أهم القضايا الحساسة بالمنطقة، وكان اللقاء إيجابيا، واجتمعنا أيضا مع رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وبحثنا معه العوائق التي تحول دون تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي».

وعن القضايا التي بحثها قال: «إن هناك فرصا متعددة للتعاون الاقتصادي بين البلدين والاستثمارات متاحة للتجار الكويتيين في إيران، وقدمنا التسهيلات اللازمة في هذا المجال، وبإمكان التجار الكويتيين أن يمارسوا نشاطهم واستثماراتهم في بلادنا وأن يؤسسوا شركات، بل إن البعض منهم باشر الآن هذا النشاط، وتناولنا في المباحثات ضرورة أن يكون هناك اجتماعات لغرف التجارة والصناعة في البلدين الجارين حتى تكون نقاط التعاون أوسع وأشمل، أما فيما يتعلق بمشروع نقل المياه والغاز إلى الكويت فيجري تداوله في اجتماعات فرق العمل المختصة بين البلدين، ولا تزال المباحثات مستمرة في شأن الجرف القاري، وخلال زيارة الشيخ ناصر المحمد الأخيرة إلى طهران قررنا أن تستمر هذه المباحثات، فمثل هذه القضايا موجودة بين كل الدول ويجب حلها عن طريق التفاوض والحوار».