هولبروك لـ «الشرق الأوسط»: 70% من متمردي أفغانستان لا يدعمون أفكار الملا عمر

قال إن الرئيس كرزاي سيعلن اليوم خطة دمج ومصالحة عناصر طالبان.. و«خطوط حمراء» لا يمكن تخطيها أثناء المفاوضات

جنود ألمان من قوات «إيساف» العاملة في أفغانستان يدربون جنود شرطة أفغانا على إطلاق النار (رويترز)
TT

قال ريتشارد هولبروك، المبعوث الأميركي إلى أفغانستان وباكستان، إن حكومة بلاده ستدعم خطة دمج عناصر طالبان في المجتمع الأفغاني، مشيرا إلى أن تفاصيل الخطة، التي ستتضمن حوافز مالية لعناصر طالبان وصندوقا دوليا ستكون اليابان أبرز المشاركين فيه، سيعلنها الرئيس حميد كرزاي في مؤتمر أفغانستان الذي تستضيفه العاصمة لندن اليوم.

وقال المفاوض الأميركي المخضرم لمجموعة من الصحافيين البريطانيين على مائدة مستديرة حضرتها «الشرق الأوسط» بوسط لندن، أمس، إن الرئيس كرزاي سيشرح اليوم في مؤتمر لندن خطة طموحة لإقناع عناصر طالبان من المستوى المتوسط والمنخفض الذين لا يؤيدون «القاعدة»، بإلقاء سلاحهم والتخلي عن قتال ضد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. وأوضح هولبروك أن «برنامج إعادة الدمج الذي أعلنه الرئيس كرزاي وسيدعمه المجتمع الدولي هو فرصة للذين يقاتلون على مستوى القيادات المحلية لوقف القتال، والتوقف عن العمل بالسر، والانضمام إلى المجتمع الأفغاني، إن عدلوا عن تأييد (القاعدة)».

وقال هولبروك ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن 70% على الأقل من عناصر طالبان لا يدعمون الملا عمر أو يشاركونه أفكاره المتطرفة أو يدعمون «القاعدة». وأوضح أن الأرقام التي تشير إلى أن غالبية عناصر طالبان لا يدعمون استراتيجية الحركة الأصولية جاءت من استجوابات سجناء طالبان أو من التائبين من عناصر الحركة الذين تخلوا عن السلاح والعنف. وأوضح أنه سعيد باستطلاعات الرأي التي جرت في الشارع الأفغاني والتي تشير إلى أن عموم الأفغان يلقون باللوم في تردي الأوضاع المتدهورة وتصاعد أعمال العنف في البلاد على طالبان وليس على وجود القوات الأجنبية في أفغانستان. ورفض هولبروك أن يكشف عن تكلفة إعادة دمج عناصر طالبان في المجتمع الأفغاني. وتحدث المبعوث الأميركي إلى باكستان وأفغانستان عما سماه «خطوطا حمراء» لا يمكن تخطيها أثناء المفاوضات المرتقبة مع طالبان وكذلك العناصر التي تدعم «القاعدة» أو أفكار طالبان التي لا تحترم دور المرأة في المجتمع. ونفى وجود نقاشات تدور حول العفو عن طالبان، مشيرا إلى أنه من المهم إقناعهم بضرورة التخلي عن السلاح ووقف القتال. وقال «فلسفتي هي وقف القتل»، وأوضح «نعمل على إعطائهم فرصة سلام وإخراجهم من أرض المعركة حتى لا يقتلوا آخرين». وأضاف «قلبي دائما مع العوائل الذين فقدوا أبناءهم وأحباءهم على أرض أفغانستان». ويلتقي أطراف النزاع الأفغاني باستثناء حركة طالبان اليوم في لندن لتحديد الأهداف على المدى البعيد، خصوصا نقل المسؤولية الأمنية والمصالحة مع المتمردين التي تشكل قضية حساسة. وستشارك نحو ستين دولة في المؤتمر سواء كانت من البلدان التي تنشر قوات في أفغانستان أو تلك المجاورة لها. وسيحضر المؤتمر وزراء خارجية الولايات المتحدة (هيلاري كلينتون) وفرنسا (برنار كوشنير) وأوروبا (كاثرين أشتون)، إلى جانب الرئيس حميد كرزاي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وسيكون الموضوع الرئيسي للمؤتمر «العملية الانتقالية»، أي النقل التدريجي للمسؤوليات الأمنية إلى القوات الأفغانية التي يجري تأهيلها. وقال هولبروك، الذي لعب دورا محوريا في المفاوضات المتعلقة باتفاقية دايتون للسلام التي ساعدت على إيقاف الحرب البوسنية، إن الوضع في أفغانستان وباكستان أكثر تعقيدا بكثير مما واجهه في منطقة البلقان. وأفاد بأن الأهداف المحددة لمؤتمر لندن تتجاوز خطة المصالحة، وستشمل مناقشات مستقبل كل ولاية على حدة من جهة نقل المهام الأمنية من الولايات المتحدة وقوات الناتو للقوات الأفغانية. لكنه لم يقر بأنه سيتم الإعلان عن جدول زمني.

وتحدث عن تأييد أقوى لمكافحة الفساد في الشارع الأفغاني، واتخاذ تدابير جادة في محاولة لتنظيف الممارسات الحكومية. وأيد هولبروك شرعية الرئيس حمدي كرزاي على الرغم من التلاعب الواسع النطاق في الانتخابات الأخيرة، مع تسرب أنباء دبلوماسية تظهر أن سفير الولايات المتحدة في أفغانستان لديه شكوك خطيرة حول أهلية كرزاي للمنصب الرئاسي. وقال هولبروك إن الانتخابات في العام الماضي كانت غاية الفوضى، كما قال الرئيس أوباما علنا في إحدى خطبه، «إلا أن كرزاي هو الرئيس الشرعي المنتخب للبلاد، وعلى الرغم من وجود خلافات حول التصويت في الانتخابات، والتي كانت مؤسفة جدا، فإن المجتمع الدولي سيواصل العمل معه». وقال إن الحكومة الأفغانية تلقت دعما قويا أمس بإعلان وزير الخزانة البريطاني أليستير دارلينغ أن الدائنين وافقوا على تخفيف عبء ديون قيمتها 1.6 مليار دولار أميركي قبل افتتاح مؤتمر لندن. وحصلت أفغانستان على إعفاء من سداد ديون قيمتها 1.6 مليار دولار مستحقة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونادي باريس للدول الدائنة.

وقال صندوق النقد والبنك الدولي أمس إن أفغانستان نفذت بنجاح برنامجا لإلغاء الديون، على الرغم من وجود بيئة صعبة للغاية تتسم بانعدام الأمن وأزمة غذائية ووضع سياسي صعب.

وتأتي هذه الأنباء بينما يستعد حلفاء وجيران أفغانستان للاجتماع في لندن اليوم لمناقشة استراتيجية لتحقيق الاستقرار في البلد الذي تعصف به حرب مضى عليها ثمانية أعوام.

ريتشارد هولبروك في سطور سياسي ودبلوماسي أميركي، يعرف بأنه أحد مهندسي اتفاقات دايتون بشأن السلام في البوسنة والهرسك.

هولبروك في سطور المولد والنشأة: ولد ريتشارد هولبروك في 24 أبريل (نيسان) 1941 بنيويورك لأسرة يهودية من أصول ألمانية.

الوظائف والمسؤوليات: شغل جملة من الوظائف، منها بالخصوص رئيس تحرير مجلة، وكاتب ومسؤول بمصارف استثمارية، ومستشار ثم مدير ببنك «ليمان براذرز»، بالإضافة إلى نشاطه في مجال السلام وعضوية كثير من الهيئات والجمعيات على غرار المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ولجنة العلاقات الأميركية الصينية ولجنة الإغاثة الدولية.

التجربة الدبلوماسية: تعود بدايات النشاط الدبلوماسي لهولبروك إلى عام 1962 موظفا في السلك الدبلوماسي، ثم تعلم اللغة الفيتنامية والتحق بفيتنام ليقضي ست سنوات من الخدمة في مجموعة متنوعة من الوظائف أبرزها مساعد للسفير. ثم عاد في عام 1966 ليعمل موظفا بالبيت الأبيض ضمن فريق فيتنام بإدارة الرئيس جونسون.

تولى هولبروك جملة من المسؤوليات الدبلوماسية أبرزها:

* مدير لهيئة السلام بالمغرب 1970.

* مساعد وزير الخارجية لشؤون آسيا والمحيط الهادي 1977 – 1981، وهي الفترة التي أقامت فيها الولايات المتحدة الأميركية علاقات دبلوماسية كاملة مع الصين.

* سفير للولايات المتحدة الأميركية لدى ألمانيا عام 1993.

* مساعد وزيرة الخارجية الأميركي لشؤون أوروبا وكندا في عهد الرئيس بيل كلينتون عام 1994، وكلف في تلك الفترة مبعوثا أميركيا خاصا للبلقان.

* سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة 1999 - 2001.

* مبعوث خاص لباكستان وأفغانستان في 2009. وقد لعب ريتشارد هولبروك أدوارا دبلوماسية في عدة نزاعات على غرار حرب البوسنة التي انتهت في 1995 باتفاقات دايتون للسلام التي يعد أحد أبرز مهندسيها، كما لعب دورا مهما في نزع فتيل أزمة بين اليونان وتركيا حول السيادة على إحدى الجزر غير المأهولة ببحر إيجه.