انتخاب عمدة في إحدى مدن اليابان قد يربك العلاقات العسكرية مع أميركا

سكان ناغو اختاروا معارضا لنقل قاعدة للمارينز إليها.. وناشطو البيئة دعموهم بقوة

TT

نظمت انتخابات محلية في مدينة يابانية صغيرة ربما يكون لها أثر كبير على العلاقات التي تربط بين الولايات المتحدة واليابان، إذ اختار الناخبون في مدينة ناغو بجزيرة أوكيناوا، في الآونة الأخيرة، عمدة يعارض نقل قاعدة جوية عسكرية أميركية إلى مدينته.

وتمكن سوسومو إينامين، الذي قال خلال حملته الانتخابية إنه يعارض بناء قاعدة جوية أميركية داخل ناغو، من هزيمة العمدة السابق يوشيكازو شيمابوكورو، الذي طالما قال إنه يدعم استضافة القاعدة الأميركية في المدينة، إذ ينظر إليها على أنها وسيلة لخلق المزيد من فرص العمل وزيادة الاستثمارات. وقال إينامين لمناصريه بعد فوزه: «خضت الانتخابات مع تعهدي بأن لا يتم بناء قاعدة جديدة».

ويذكر أن الولايات المتحدة واليابان وافقتا قبل أربعة أعوام على نقل القاعدة الجوية التابعة لقوات البحرية الأميركية «فوتينما»، والموجودة حاليا في منطقة حضرية مزدحمة بالسكان وسط أوكيناوا، إلى مدينة ناغو، وهي مدينة يبلغ عدد قاطنيها 60 ألفا، وتقع في الجزء الشمالي الذي به كثافة سكانية منخفضة داخل الجزيرة الاستوائية. وكان من المفترض أن يتم بناء القاعدة الأميركية على مدفن نفايات على امتداد ساحل قديم بحافة المدينة.

ولكن، لسوء حظ إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أرجئت هذه الصفقة الخريف الماضي بعد انتخاب حكومة جديدة تحت قيادة رئيس الوزراء، يوكيو هاتوياما، الذي يقول إن اليابان كانت مذعنة بصورة مبالغ فيها في تعاملاتها مع الولايات المتحدة. واقترح هاتوياما نقل القاعدة خارج أوكيناوا أو خارج اليابان كليا، وقال إن نتيجة الانتخابات على منصب العمدة داخل مدينة ناغو سوف تلعب دورا في القرار النهائي الذي ستتخذه حكومته. ووعد بأن يتخذ هذا القرار بحلول مايو (أيار) المقبل.

وقد جذبت حملة إينامين المعارضة لبناء القاعدة دعم نشطاء بيئيين وأعضاء محليين في الحزب الديمقراطي الياباني الذي يتزعمه رئيس الوزراء هاتوياما وشركاء الائتلاف، بالإضافة إلى دعم الحزب الشيوعي الياباني. وتجنب عمدة ناغو ذكر القاعدة الجوية الأميركية في حملته الانتخابية، وقال إن نقل القاعدة أمر لا يمكن ولا يجب أن يقرره هو أو سكان المدينة.

ويرى ذلك أيضا قادة القوات البحرية الأميركية، الذين ينظرون إلى القاعدة «فوتينما» الجوية على أنها ركيزة مهمة في عملية التدريب المستمر وتعبئة قوة مشاة البحرية الثالثة، التي تتخذ من أوكيناوا مقرا لها، وهي القوة الأميركية الوحيدة من هذا النوع داخل منطقة الشرق الأقصى. وقال كيث ستالدر، قائد قوات البحرية في الباسيفيك، خلال مقابلة أجريت معه في الآونة الأخيرة: «لا يمكن تحديد سياسات الأمن القومي داخل مدن صغيرة وقرى».

ويعد نقل القاعدة الجوية الأميركية إلى مدينة ناغو جزءا مهما في صفقة قيمتها 26 مليار دولار أبرمت بين اليابان والولايات المتحدة لنقل ثمانية آلاف من المارينز من أوكيناوا إلى غوام وتسليم أراض إلى سكان داخل الجزيرة. وقال وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، في الخريف الماضي إن من المحتمل أن تنهار الصفقة إذا لم يتم نقل القاعدة الجوية إلى مدينة ناغو.

وقال كثير من المسؤولين الأميركيين الأسبوع الماضي إنهم يعتقدون أن قيادات بارزة في حكومة هاتوياما بدأوا يدركون أنه لا يوجد بديل عملي لنقل القاعدة الجوية، كما اتفقوا في السابق. وقالوا أيضا إن هذا القرار الهام يجب أن يتخذ داخل طوكيو لا خلال انتخابات محلية.

وسيتطلب بناء القاعدة الجوية في ناغو منطقة دفن نفايات ضخمة، إلى جانب مناطق مائية رائعة يستخدمها حاليا الصياديون والسباحون. ويعارض ذلك نشطاء بيئة قاموا برفع دعوى قضائية تقول إن هذا الأمر سوف يؤدي إلى تدمير موئل لحيوانات الأطوم، وهي ثدييات بحرية تشبه خروف البحر. وأشار تقييم بيئي حكومي داخل اليابان إلى إن حيوانات الأطوم لم تُر في المنطقة المقترحة منذ عدة أعوام.

وبالنسبة لسكان أوكيناوا، فإن القاعدة الجوية الأميركية «فوتينما» أصبحت رمزا للضوضاء والتلوث ومخاطر وقوع حوادث وهم يربطونها بالوجود العسكري الأميركي الكبير داخل الجزيرة. وحاليا، تزعج القاعدة الجوية جيرانها داخل مدينة غينوان، التي يبلغ عدد السكان فيها 92 ألف نسمة، بقدوم وذهاب الطائرات المقاتلة وطائرات النقل.

وفي عام 2004، اصطدمت طائرة مروحية بالمبنى الإداري لكلية مجاورة، ولم تؤد هذه الحادثة إلى سقوط قتلى، ولكنها أثارت غضب السكان المحليين، وتبع ذلك اتفاقية عام 2006 لنقل القاعدة الجوية إلى مدينة ناغو. ولا تعني نتيجة الانتخابات داخل مدينة ناغو بالضرورة أن عملية نقل القاعدة الجوية قد انتهت، إذ القرار النهائي يعود إلى حاكم أوكيناوا الذي أظهر دعما لخطة نقل القاعدة، وإلى الحكومة المركزية في طوكيو.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»