الجنرال بترايوس: لن نتدخل في اليمن دون موافقة حكومته

قائد القيادة المركزية الأميركية: كل أسبوع يسلم عناصر من طالبان أسلحتهم لقوات التحالف الدولية

الجنرال ديفيد بترايوس
TT

قال الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا ووسط آسيا، إنه تم رصد مجموعة متنوعة من الاتصالات التي جرى اقتفاؤها واتضح أن مصدرها كلها اليمن، لافتا إلى أن هذه الاتصالات ساعدت في تدفق مقاتلين أجانب من دول متنوعة إلى دمشق، ثم إلى العراق، «حيث قام عدد منهم بتنفيذ أعمال انتحارية أو توفير خبرة في مجال صنع العبوات الناسفة أو التكتيكات العسكرية الأخرى التي تمارسها (القاعدة) في العراق»، لكن الجنرال بترايوس أكد في الوقت ذاته أن أميركا لن تتدخل عسكريا في اليمن طالما أن الحكومة اليمنية لم تطلب ذلك.

واتهم الجنرال الأميركي هيئة المساءلة والعدالة العراقية، التي حلت محل هيئة اجتثاث البعث السابقة، بأنها أداة في يد طهران، مؤكدا أن أفراد الهيئة الجديدة «يجري استغلالهم من قبل (فيلق القدس) الإيرانية»، واعتبر المسؤول الأميركي، في حوار مطول، أن هناك «قلقا حقيقيا إزاء هذه القضية من قبل قيادات عراقية، يساورها خوف من أن قادة منظمة سابقة من المفترض أنها ألغيت، بناء على القانون الذي يقضي بإنشاء لجنة المحاسبة والعدالة، التي حلت محل لجنة تفكيك حزب البعث، يفرضون سيطرتهم من دون وجه حق على المنظمة الجديدة (هيئة المساءلة والعدالة)».

* يبدو أن الباكستانيين يتحدثون على جميع المستويات مع حركة طالبان الأفغانية، وسوف يعلن الرئيس (الأفغاني حميد) كرزاي عن خطة مصالحة مع عناصر (القيادة) الوسطى والدنيا داخل حركة طالبان..

- إنها عملية إعادة دمج كي يكون التوصيف صحيحا من الناحية الفنية.

* ما هي فرص التواصل مع القيادات البارزة في حركة طالبان؟

- لست متأكدا من أنني سأتفق تماما على توصيف أن الباكستانيين يتحدثون مع حركة طالبان على المستويات كافة. أمامك مناورتان مختلفتان. الأولى: إعادة الدمج، وهذا ما نتوقع أن تعلن عنه الحكومة الأفغانية كسياسة تمت صياغتها بالتعاون مع المجتمع الدولي وعناصر من قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف)، تركز على هذا الموضوع تحديدا. ومن الواضح، أن هذا مكون هام من أي منحى شامل للتعامل مع وضع مثل الوضع الحالي داخل أفغانستان. وفي العراق، أثبت الطريقة العراقية لإعادة الدمج والمصالحة مع القيادات الوسطى والدنيا، ومع المقاتلين، أنها عنصر مهم في تقليل أعمال العنف، وكذا كانت المصالحة مع عشرات الآلاف من الأفراد الذين شاركوا بفاعلية أو ضمنيا مع عناصر التمرد السنية التي أسهمت في الكثير من أعمال العنف التي أدت إلى زيادة عدد القوات. وفى أفغانستان، يأتي كل أسبوع عناصر من حركة طالبان أو من المتمردين إلى القيادات الأفغانية أو قيادات تابعة لقوة المساعدة الأمنية الدولية من أجل الحديث. وفي بعض الحالات، يريدون وضع أسلحتهم، وقاموا بذلك بالفعل في عدد من الحالات خلال الأشهر الأخيرة. ونحن نعتقد أنه مع ارتفاع الضغوط بسبب الزيادة في عدد القوات الأميركية وغيرها من قوات الدول المشاركة في قوة المساعدة الأمنية الدولية ومع زيادة العمليات التي نقوم بها ستؤدي الضغوط الإضافية، مع التركيز المتزايد، إلى تعزيز القوات الأمنية الأفغانية وقدرات الحكومة، وسوف يحفز هذا القيادات الوسطى والدنيا تحديدا (في حركة طالبان) كي تدرس فكرة أن يكونوا جزءا من أفغانستان الجديدة، وجزءا من الحل داخل أفغانستان الجديدة بدلا من الاستمرار كجزء من المشكلة. إن مبدأ المصالحة، والحوار بين المسؤولين الأفغانيين البارزين والقيادات الكبيرة في حركة طالبان وغيرها من قيادات التمرد، وربما بالشراكة مع بعض المسؤولين الباكستانيين أيضا، شيء محتمل أيضا، ولكن يعتقد الكثير من المراقبين أن هذا محتمل على المدى الطويل أو المتوسط لا على المدى القريب، إذ إن الكثير من هذه القيادات تشعر أنهم يستعيدون نشاطهم في الوقت الحالي، على عكس الحال عندما تمارس ضغوطا ربما تدفعهم إلى التفكير بجدية في ترك السلاح ودفع عناصر التمرد إلى المصالحة بدلا من الاستمرار في أعمال العنف.

* هل تعني بالمدى المتوسط والطويل شهورا؟

- المدى المتوسط والطويل. مرة أخرى، يعتمد الأمر على وتيرة الحملة ووتيرة العمليات والعوامل الموجودة في ميدان القتال إذا ما وضعت في مستوى استراتيجي وعملياتي، وليس تكتيكيا.

* وماذا عن القيادات البارزة القريبة من القيادات العليا إذا كانوا مستعدين؟

- مثلما أشار الوزير غيتس مؤخرا. لقد نوه بأنه من غير المحتمل حدوث ذلك بناء على عوامل الوقت الراهن، ولكنني لا أعتقد أنه يمكن لأحد أن يستبعد حدوث ذلك. ومرة أخرى، لم يطبق ذلك داخل العراق. فنحن بالتأكيد لم نتقرب أبدا من القيادات الأكثر برزوا داخل «القاعدة» في العراق، أو القيادات السنية المتطرفة البارزة. ومع ذلك، تصالح عدد من قيادات التمرد، على مستوى عال نوعا ما، بالفعل مع الحكومة العراقية، ولذا فإنه لا يمكن استبعاد حدوث ذلك، ولكنه شيء لا أتوقع حدوثه قريبا.

* هدف آخر من مؤتمر لندن هو الوصول إلى جدول زمني مؤقت، وأعرف أنك لا تحب الجداول الزمنية، ولكن بالنسبة لنقل مسؤولية الأمن داخل الولايات الأفغانية، ما هو الجدول الزمني الواقعي لتحقيق ذلك؟

- لم أسمع عن جدول زمني، ولا عن نقاشات تتعلق بجدول زمني، فيما عدا - بالطبع - ما كان في خطاب الرئيس بخصوص بدء نقل مهام أمنية معنية بناء على ظروف محددة. وتعني الظروف وضعية العدو ومقتدرات وطاقات القوات الأمنية الأفغانية وما إلى ذلك. وعليه، فإن التركيز كان منصبا على تنقيح النقاش المرتبط بما يجب أن تتضمنه هذه الظروف، وما هي الاعتبارات التي يجب أن تكون جزءا في النقاشات المرتبطة بنقل المهام، وما معنى تعبير نقل المهام على وجه التحديد. هل يعني قيادة المسؤولية الأمنية؟ أم يعني نقل جميع مهام الحكم والخدمات والمهام الأمنية من قوة المساعدة الأمنية الدولية إلى الدولة الأفغانية؟ ومرة أخرى على أي مستوى سيكون ذلك؟ هل على مستوى المناطق الفرعية أم المناطق الرئيسية أم الولايات؟ وكيف يمكن المضي قدما في ذلك. تجري الكثير من النقاشات الجيدة بخصوص ذلك، وسوف نرى فعليا وضعية هذه النقاشات داخل مؤتمر لندن لأنه لا تزال هناك الكثير من النقاشات. وتجري هذه النقاشات بصورة مكثفة نوعا ما.

* لهلمند أهمية خاصة بالنسبة بريطانيا. وعلى ضوء 10 آلاف من قوات المارينز الأميركية من المقرر تعبئتهم داخل الولاية في إطار عملية زيادة عدد القوات، هل ستتولى الولايات المتحدة السيطرة على شمال هلمند لإتاحة الفرصة أمام البريطانيين كي يركزوا على مناطق وسط هلمند مثل غارمسير وغريشك؟

- حسنا، لم يتم الإعلان عن ذلك حتى الآن. وبالتأكيد هناك مقدار كبير من التنسيق على المستوى التكتيكي والعملياتي بخصوص مجرى العمليات المستقبلية. وهناك أيضا تنسيق بخصوص القوات الأميركية الإضافية والأصول الأميركية في بعض الحالات، وأصول الدول الأخرى، وكيف يمكن الربط بين هذه الأشياء معا، حيث إنها حاليا تحت القيادة الإقليمية جنوب. ولا أريد أن أسبق قائد قوة المساعدة الأمنية الدولية ولا القيادة المشتركة الوسطى.

* وعليه، ألا تريد أن تقول من سيكون مسؤولا عن هلمند؟

- أعتقد أن هذا قد يكون سابقا لأوانه. ولكن، هناك - قطعا - نقاشات قائمة، وهناك نقاش حول أفضل الطرق لتولي القيادة والسيطرة على ما هو الآن تحت القيادة الإقليمية جنوب، حيث يوجد توافد من عدد كبير من القوات الإضافية، وستأتي المزيد من الفرق إلى ولاية هلمند، ناهيك عن القوات الأخرى الذاهبة إلى قندهار وغيرها من المناطق التي تخضع للقيادة الإقليمية جنوب.

* كم عدد القوات الإضافية الموجود بالفعل في الميدان؟

- أول كتيبتين مقاتلتين في الميدان حاليا من ناحية القوات الإضافية، وهما عبارة عن وحدتين من البحرية. كما يجري حاليا تعبئة أولى كتائب المشاة التابعة للجيش، بالإضافة إلى الكثير مما نصفه بقوات التمكين. وهناك مهندسون يجرون عملية تطوير البنية التحتية بالإضافة إلى عدد من القوات الأخرى.

* صوحبت الزيادة في عدد القوات داخل العراق بارتفاع أولي في معدل القتلى داخل صفوف قوات التحالف. هل تتوقع أن يكون هذا العام الأكثر دموية بالنسبة لـ«الناتو» على ضوء الزيادة في عدد القوات الحالية داخل أفغانستان؟

- بأمانة، لا أعرف. قلت إن الوضع سيكون أصعب ثم يصبح بعد ذلك أسهل، كما حدث من قبل خلال الزيادة في عدد القوات داخل العراق. الظروف مختلفة. أولا: لا يوجد مستوى كبير من أعمال العنف على نطاق واسع. وكان مستوى أعمال العنف داخل العراق وقت الزيادة أكبر كثيرا من مستوى أعمال العنف داخل أفغانستان. ففي ديسمبر (كانون الأول) 2006، عندما اتخذ قرار بزيادة عدد القوات داخل العراق كان هناك 53 جثة كل يوم داخل بغداد وحدها، جراء أعمال عنف طائفية. وكان هناك قتلى بسبب أشكال مختلفة من أعمال العنف. وكانت دوامة أعمال العنف داخل العراق خارج السيطرة، بسبب أعمال العنف الطائفية تحديدا.

* هل علينا أن نقدم تضحيات قبل أن تتحسن الأمور؟

- مرة أخرى، كما قلت سيكون الوضع أكثر صعوبة قبل أن يكون أسهل. وسوف يعتمد ذلك على العمليات الهجومية المقرر القيام بها داخل هلمند بالإضافة إلى أشياء أخرى للقضاء على الملاذات الآمنة لحركة طالبان التي تمكنوا من إنشائها خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية تحديدا.

* هل يمكن أن تتوقع الوقت الذي سوف تصل فيه أعمال العنف إلى ذروتها؟

- موسم القتال خلال الصيف. يكون ذلك في المعتاد الوقت الذي تصل فيه أعمال العنف إلى ذروتها.

* هل يمكن أن يكون هذا هو آخر صيف يشهد أعمال عنف؟ وبعد ذلك تأمل في أن لا نرى ذلك مرة أخرى خلال العام المقبل؟

- مرة أخرى، أعتقد أنه سيكون من السابق لأوانه توقع شيء من هذا النوع. قلت إنني لا أقدر أن الأوضاع داخل أفغانستان سوف تتغير بالسرعة التي تبدلت فيها الأوضاع داخل العراق. سيكون من الصعب أن نجمع نفس العوامل التي تمكنا تجميعها في العراق لتقليل أعمال العنف بالسرعة التي تمت. لم أكن أشعر بالسرعة عندما كنا نعايش ذلك. استغرق ذلك من 6 - 9 أشهر من القتال المكثف وبعد ذلك معارك الميليشيات في الفترة من مارس (آذار) إلى أبريل (نيسان) 2008، بعد ذلك بستة أشهر. ولكن بدأ التراجع في أعمال العنف فعليا وكان حادا نوعا ما بدءا من أواخر يونيو (حزيران) ومطلع يوليو (تموز) 2007 واستمر التراجع، وكان هناك استقرار نسبي وبعد ذلك استمر التراجع لمستويات أقل. وما نريد القيام به في أفغانستان بمرور الوقت هو أن نأخذ ذروة أعمال العنف خلال فصل الصيف إلى مستوى أقل وأعمال العنف في الشتاء إلى مستوى أقل أيضا. ومع ذلك أعتقد أنه سيكون من السابق لأوانه أن نتوقع أن قوة المساعدة الأمنية الدولية مع القوات الأفغانية يمكنها إيجاد العوامل التي أفضت مجتمعة إلى هذا النوع من التراجع في أعمال العنف.

* هل سيكون هناك اختبار للعزيمة والإصرار؟

- أعتقد أن القضية هي هل ستتمكن قوة المساعدة الأمنية الدولية مع المجتمع الدولي والجهود الأفغانية من توفير أدلة يمكن إثباتها على التقدم الذي يحدث حتى تشعر شعوب الدول المشاركة، جميع هذه الشعوب، بنفس الشعور الذي انتشر بمرور الوقت داخل العراق، وأن يعلموا أن هذه المناورة يمكن أن تتحقق أهدافها بمرور الوقت.

* ما الذي تبحث عنه؟

- نفس المؤشرات التي شهدناها في العراق. وفي الواقع، يمكن عكس التقدم الذي حققته طالبان على سبيل المثال خلال الأعوام الأخيرة إذا تمددت الفقاعات الأمنية بمرور الوقت، وحظي المواطنون بحماية أكبر بمرور الوقت، وتقدمت القوات الأفغانية بصورة إيجابية، واستمر تقدم الأداء والمقتدرات الحكومية الأفغانية.

* هل كنت مؤيدا للقوات البريطانية الخاصة داخل العراق؟

- كنت كذلك، وأنا كذلك حاليا، وسأظل مؤيدا للقوات البريطانية الخاصة أينما تكون، ومؤيدا للقوات البريطانية بصورة عامة، وقد عملت معها في البلقان والعراق، وحاليا داخل أفغانستان وأماكن أخرى كثيرة.

* إلى أي مدى يعد الدور الذي تلعبه القوات البريطانية الخاصة داخل أفغانستان دورا هاما؟

- إنه دور مهم للغاية. إنهم رائعون، وهكذا كانوا دوما. تظل نزعتهم الابتكارية وقدرتهم على العمل المستقل شيئا رائعا للغاية.

* تعهدت أميركا بقوات إضافية داخل أفغانستان يبلغ قوامها 30 ألف جندي. ما الذي تأمل أن ترسله دول مثل ألمانيا؟ ما هي طموحاتك بخصوص ذلك؟

- في حدود علمي إن الرقم الأخير الذي تعهدت به بالفعل الدول المشاركة في قوات المساعدة الأمنية الدولية يبلغ 7500 تقريبا، وهناك آمال بالتأكيد في أن تعلن دول أخرى لم تقدم تعهدات رسمية أو علنية عن أعداد أخرى. هذا ليس دور قائد القيادة المركزية الأميركية. وسوف أرجئ ذلك إلى صديقي المقرب وزميلي القائد الأعلى للقوات التابعة لـ«الناتو».

* شكل المال سلاحا حيويا في العراق، مثلما اتضح مع برنامج «أبناء العراق»، على سبيل المثال..

- من المهم أن يتفهم الناس أن برنامج «أبناء العراق» بدأ في أول الأمر قبل أن نعلن عن رواتب «أبناء العراق. وجاء إقرار هذا المشروع انطلاقا من رغبتنا في الحفاظ على الأمن داخل عدد من المناطق بمجرد تطهيرها من «القاعدة» والعناصر المتطرفة الأخرى.. وبمرور الوقت، ظهرت الرغبة في تقديم تعويض، وذلك لأسباب منطقية يمكن تفهمها، وتوافرت لدينا الأموال المخصصة لـ«برنامج الاستجابة للطوارئ التابع للقائد» للقيام بذلك. في الواقع، أصبح جميع أعضاء «أبناء العراق» الآن على قائمة الأجور والرواتب الخاصة بالحكومة العراقية، وذلك منذ نحو تسعة شهور. والآن، تم نقل نحو 50000 منهم إلى قوائم رواتب وزارات عراقية متنوعة.

* أعلم أن البرنامج الرائد الذي جرى تنفيذه في أفغانستان على هذا النهج لم يكن على نفس القدر من الفاعلية..

- ليس هناك في أفغانستان ما يمكن عقد مقارنة بينه وبين «أبناء العراق». هناك عدد من المبادرات المختلفة التي يجري العمل على تنفيذها حاليا. على سبيل المثال، هناك مبادرة دفاعية محلية تقوم في إطارها فرق صغيرة من القوات الخاصة بالتعاون مع قرويين وتنمية مشاعر الثقة المتبادلة معهم أثناء فترات معينة من الشهور، وبموافقة من الحكومة الأفغانية يجري السماح لعناصر معينة من هؤلاء القرويين بحمل السلاح بهدف تعزيز الأمن في مناطق لا تزال قوات الأمن الأفغانية ضئيلة الحجم عاجزة عن تأمينها تماما. وتتمتع هذه العناصر بصلات بقوة استجابة سريعة وما إلى غير ذلك.

* هل تعني أن هذه القوات تعيش فعليا داخل القرى مع سكانها؟

- في البداية، ستعيش القوات الخاصة مع أبناء القرى، ثم ستنتقل بمرور الوقت إلى قرى أخرى لتبني من جديد قوات دفاع محلية قد يتلقى بعض منها أجورا بمرور الوقت، لكن تبقى الأعداد التي تتلقى أجرا صغيرة نسبيا. تعد تلك واحدة من الأفكار المطروحة التي يجري العمل بالفعل على تنفيذها.

* متى بدأت هذه الجهود؟

- منذ عدة شهور ماضية. هناك برنامج يدعى «برنامج حماية المواطنين الأفغان». وقد جرى استغلاله في صورة محدودة داخل ولايتي وارداك ولوغار الواقعتين إلى الجنوب الغربي من كابل، وذلك كإجراء قصير الأجل لتعزيز الأدوار التي ستنتقل في نهاية الأمر إلى قوات وزارة الداخلية. جرى انتقاء بعض القوات من جانب الزعامات القبلية الموجودة في تلك المناطق، وأشارت جهود تقييمها إلى أنها أحرزت نتائج إيجابية إلى حد ما. ومن المقرر دمج هذه القوات بمرور الوقت في وزارة الداخلية.

* هل يتقاضون أجورا؟

- نعم، يتقاضون أجرا من وزارة الداخلية، علاوة على ذلك، هناك الكثير من المراحل الأولية لجهود جارية لإعادة الإعمار. ويكمن جزء من السبب وراء ذلك في أن الظروف على أرض الواقع تستلزم استجابة القيادات الأفغانية وقيادات «قوة المساعدة الأمنية الدولية»، على المستوى التكتيكي، لقيادات طالبان غير البارزين الذين يأتون إليهم مستسلمين ويبدون رغبتهم في تسليم أسلحتهم. في هذه الحالات، يجد المسؤولون المحليون أنفسهم مشاركين في هذا الأمر، ويجري اتخاذ ترتيبات محلية، حتى في الوقت الذي يجري خلاله وضع اللمسات النهائية على برنامج لإعادة الإعمار على أعلى المستويات داخل الحكومة الأفغانية بالتعاون مع المجتمع الدولي.

* بدأت عملية تصعيد للحرب. كنتم في هذا الوضع من قبل في العراق، وكان الجميع يركزون أعينهم عليكم. هل تشعر أنه يمكن إحراز النجاح في هذه المهمة؟ هل تتوقع نهاية ناجحة لهذه الجهود؟

- بدأت إجراءات تصعيد الحرب بالفعل.. وقد وصف الجنرال مكريستال الوضع على نحو أعتقد أنه دقيق، حيث قال إنها مهمة خطيرة، لكن يمكن إنجازها. إننا مدركون تماما ضخامة الصعوبات أمامنا. والواضح أن الجميع يعون ضخامة المصاعب. وقد اعترفت بهذا الأمر منذ وقت بعيد، تحديدا سبتمبر (أيلول) 2005 عندما طلب مني وزير الدفاع، آنذاك، دونالد رامسفيلد، العودة إلى الوطن في أعقاب جولة ثانية في العراق، وكنت حينها جنرالا أتقلد 3 نجوم، عبر أفغانستان، ووضع تقدير لبرنامج معدات التدريب والوضع في أفغانستان بوجه عام. وقمت بالفعل بهذه المهمة. وعندما وضعت تقريرا له حول الأوضاع في تلك الفترة، عندما كانت مستويات العنف أدنى بكثير عما كانت عليه العام أو العامين الماضيين، أعربت عن اعتقادي بأن أفغانستان من المحتمل أن تشكل الحملة الأطول أمدا في إطار الحرب الطويلة، نظرا لوجود عناصر وعوامل متنوعة على أرض الواقع، والتحديات الهائلة الكامنة هناك. وبمرور الوقت، اتضحت صحة هذا الاعتقاد بصورة كبيرة.

نحن جميعا ندرك حجم التحديات أمامنا، لكن من المهم أيضا التنويه بأن الجميع يدركون أنه من المهم القيام بكل ما هو ممكن إنجاز هذه المهمة بالغة الأهمية لجميع دولنا، والمتمثلة في ضمان عدم تحول أفغانستان مرة أخرى إلى ملاذ آمن للعناصر المتطرفة المتنقلة عبر الحدود الوطنية، مثل «القاعدة». لقد جرى التخطيط لهجمات 11 سبتمبر 2001 في قندهار. وجرت الاستعدادات الأولى لمنفذي الهجوم داخل معسكرات تدريبية شرق أفغانستان، قبل أن يتجهوا إلى هامبورغ ومدارس طيران داخل الولايات المتحدة. من المهم دوما تذكر مدى أهمية هذه المهمة ولماذا قدمنا إلى أفغانستان في بداية الأمر ولماذا لا نزال هنا بعد سنوات وسنوات من العمل الشاق والتضحيات.

* ما مدى شعورك بالقلق إزاء إمكانية إثارة هذه الضجة حول القرار الجديد بحظر عدة مئات من المرشحين اضطرابات في العراق وإرجاء خطط الانسحاب الأميركي؟

- أصبح القلق الذي يساورني الآن أقل بكثير مما كان عليه الحال نهاية الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، عندما بدا من الممكن خروج الأمر عن السيطرة والقضاء على النتائج الإيجابية التي أنجزت على مدار عامين ونصف العام من جهود المصالحة بين مجموعات مختلفة. إلا أنه خلال الساعات ما بين الـ48 والـ72 الماضية، سيطر القادة العراقيون بالفعل على زمام الأمور.

واتضح الآن أن كل حزب لديه على الأقل 10 أفراد داخل هذه القائمة التي تضم أكثر من 500 اسم، وأن 55% منهم تقريبا من الشيعة، بينما ينتمي 45% تقريبا إلى السنة. وعليه، اتضح كذب الأقاويل التي دارت حول أن القائمة تضم في معظمها أسماء سنية، وأنها تعمد إلى تهميش المرشحين السنة. وعلى ما يبدو، سيتمكن القادة العراقيون، مثلما حدث في عدة مواقف سياسية درامية سابقة، من تسوية القضية من دون الإضرار بعامين ونصف العام من العمل الشاق لتحقيق المصالحة بين مختلف الفرق في العراق الجديد القائم الآن.

* إذن لا داعي للذعر؟

- لا داعي للذعر.

* ألم تحدث تغييرات في الجدول الزمني القائم؟

- لم تحدث تغييرات في الجدول الزمني القائم. هناك قلق حقيقي إزاء هذه القضية من قبل قيادات عراقية، التي يساورها خوف من أن قادة منظمة سابقة من المفترض أنها ألغيت بناء على القانون الذي يقضي بإنشاء لجنة المحاسبة والعدالة التي حلت محل لجنة تفكيك حزب البعث، يفرضون سيطرتهم من دون وجه حق على المنظمة الجديدة، ويجري استغلالهم من قبل «فيلق القدس» الإيرانية.

* قلت إن الاستخبارات الأميركية تعتقد أن بيتر مور قضى بعض الوقت في إيران، لكن وزارة الخارجية البريطانية تصر على أنه ما من دليل على ذلك. من المخطئ هنا؟

- لقد تركنا الموضوع برمته إلى الوكالات الاستخباراتية، ويمكنك أن تسألهم عما يعتقدونه في هذا الأمر.

* ألم تسمع أي أخبار مختلفة عن ذلك؟ ألا تزال تعتقد أنه احتجز في إيران؟

- لم أسمع أي معلومات مغايرة لذلك.

* أتعلم المدة التي قضاها في إيران؟

- لا.. لست أدري.

* ما مدى شعورك بالقلق إزاء تحول اليمن إلى أفغانستان أخرى فيما يتعلق بتحولها إلى ملاذ آمن لـ«القاعدة» لشن هجمات عالمية؟

- لقد ركز البعض منا على اليمن لمدة تتجاوز العامين، وذلك منذ الفترة التي كنا نتفحص فيها كيف كان يجري تدريب المقاتلين الأجانب، وكيف عمل من يقومون بتيسير تحركات المقاتلين الأجانب، الذين مكنوهم من دخول العراق عبر سورية والطرق المختلفة التي تؤدي إلى ما أطلق عليه حينها «القاعدة في اليمن»، وفي هذا العام سيطرت عليها قيادة «القاعدة» لتتحول إلى «القاعدة في شبه الجزيرة العربية».

عام 2006، وقع حدث بالغ الأهمية تمثل في هروب الزعيم الحالي لـ«القاعدة في شبه الجزيرة العربية» ونحو ما بين 20 و25 آخرين من أعضاء «القاعدة» المهمين من سجن في اليمن. وعلمنا قبل هذا الوقت أن لـ«القاعدة» وجودا في اليمن. وقد حاول التنظيم الإرهابي إغراق المدمرة «كول»، وتسبب في ضرر بالغ لها، وشن هجمات متنوعة على مر السنوات ضد أهداف غربية متنوعة وأخرى ترتبط بالحكومة اليمنية في الكثير من المناطق داخل اليمن.

والآن، نعاين مجددا ورابط بـ«القاعدة» في اليمن تتضمن أفراد ييسرون انتقال مقاتلين أجانب، وإقامة معسكرات تدريبية، ومجموعة متنوعة من الاتصالات جرى اقتفاؤها واتضح أن مصدرها جميعا اليمن، وساعدت في تدفق مقاتلين أجانب من دول متنوعة إلى دمشق، ثم إلى العراق، حيث قام عدد منهم بتنفيذ أعمال انتحارية أو توفير خبرة في مجال صنع العبوات الناسفة أو التكتيكات العسكرية الأخرى التي تمارسها «القاعدة في العراق».

في ذلك الوقت، وتحديدا عام 2007، كان يدخل إلى العراق أكثر من 120 مقاتلا أجنبيا شهريا. وقد تم الحد من هذا التدفق الآن ليصل إلى 10 شهريا، وذلك من خلال الإجراءات التي اتخذناها واتخذها شركاؤنا العراقيون وبعض قوات العمليات الخاصة التابعة للمملكة المتحدة بالتعاون معا داخل العراق، وكذلك الإجراءات التي اتخذها شركاؤنا مما زاد من صعوبة انتقال الرجال البالغين من بلادهم إلى دمشق بالطيران باستخدام تذكرة ذهاب فقط، على سبيل المثال.

وذلك بالإضافة إلى عدد من العمليات المختلفة التي قامت بها أجهزة الاستخبارات المختلفة بالتعاون معا، وغيرها من الأنشطة التي جاءت نتيجة تركيزنا على توحيد جهودنا من أجل تقليل تدفق المقاتلين إلى العراق. وبالتالي فإنني عندما حصلت على منصبي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) 2008، أعلنت على الفور أننا سوف نركز جهودنا ومواردنا على اليمن، ثم قمت برحلة قصيرة إلى اليمن. وبعد ذلك، أعددنا خطة لشن حملة عسكرية بالتعاون مع سفارة اليمن وهيئات الاستخبارات المختلفة ووزارة الخارجية، وقد وافقت على تلك الخطة في أواخر أبريل 2009، ثم سافرت مرة أخرى إلى اليمن في يوليو، وهي الرحلة التي لم يتم الإعلان عنها إلا مؤخرا. وكانت تلك الرحلة إيجابية للغاية فقد عملنا على تعزيز المساعدات التي نقدمها إلى بعض القوات اليمنية بالإضافة إلى تعزيز التعاون على مستوى أجهزة الاستخبارات والجهود التنموية، وهو ما مكنا بعد ذلك من القيام ببعض العمليات ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية خلال الشهرين الماضيين. ومن أشهر تلك الهجمات، كانت هجمات 17 ديسمبر، و24 ديسمبر، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من العمليات التي أسفرت عن تدمير معسكري تدريب ومقتل ثلاثة من الانتحاريين وجرح رابعهم وهو ما زال يرتدي الصدرية التي تحمل المتفجرات. كما تم قتل أحد زعماء تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة، فيما جرح آخرون أو فقدوا، كما تعرض التنظيم لحالة بالغة من القلق والتوتر. ولكن مما لا شك فيه أن تلك العمليات سوف تستمر، حيث إن التهديدات ما زالت قائمة وما زالت خطط التنظيم لشن عمليات أخرى سواء في اليمن أو خارجه قائمة.

* هل ترغب في مضاعفة المساعدة العسكرية التي تقدمها إلى اليمن. وما هي أشكال تلك المساعدات؟ التدريب، أم الطائرات من دون طيار؟

- كانت البرامج التي اشتملت عليها ميزانية وزارة الدفاع التي وافق عليها الكونغرس والرئيس، تشتمل تزويدهم ببعض المعدات مثل الطائرات المروحية، وبعض مركبات حرس السواحل، وعدد من المعدات العسكرية الأخرى الأرخص، بالإضافة إلى برامج التدريب والتثقيف.

* ماذا عن الهجمات الجوية والهجمات التي يتم شنها بالطائرات من دون طيار. هل يمكن أن يحدث ذلك في ظل التهديدات القائمة؟

- لقد قامت القوات اليمنية بالفعل بشن هجمة جوية قبل يومين أو ثلاثة أيام. ومن المحتمل أن تستأنف الحكومة اليمنية تلك العمليات.

* هل تتخيل حدوث أي تدخل أميركي في اليمن مثل إرسال أو نشر قوات هناك؟

- يعتمد ذلك على ما ترغب فيه الحكومة اليمنية، فقد استبعدوا قبل ذلك بوضوح تام إمكانية تدخل القوات الأميركية أو قيامها بعمليات برية، وأعلنوا ذلك كثيرا، مما يجعله احتمالا مستبعدا. ولكنني أؤكد قيامنا بعمليات تدريب مختلفة للقوات اليمنية، بالإضافة إلى بعض الأنشطة والعمليات المساعدة وفقا للخطة التي وافقت عليها الحكومة اليمنية.

* بالاتفاق مع «التايمز» البريطانية