السفارة الإسرائيلية في أنقرة: أردوغان ليس عدو إسرائيل بل العكس.. والحكومة التركية لا تشجع اللاسامية

خلافات حادة في وزارة خارجية إسرائيل بشأن تقرير سري حول تركيا

TT

أثار تقرير سري حول تركيا خلافات حادة بين السفارة الإسرائيلية في أنقرة ووزارة الخارجية في القدس، بلغت حد إرسال رسالة احتجاج إلى الوزير، أفيغدور ليبرمان، ونائبه داني أيلون، وكبار المسؤولين في الوزارة، واتهامهم بتخريب العلاقات التي تمر بفترة حساسة جدا في الآونة الأخيرة.

وكان التقرير قد صدر في الوزارة، في الوقت نفسه الذي حاولت فيه تركيا بث رسالة إلى إسرائيل بأنها سامحت نائب وزير الخارجية، داني أيلون، على إهانته للسفير التركي في تل أبيب قبل ثلاثة أسابيع، فأتاحت لدبلوماسي كبير الالتقاء به بشكل طبيعي، من دون ذكر للخلافات.

وكان الدبلوماسي التركي، مبلوط كابوستوغولو، الذي يرأس المجلس الأوروبي العام، قد استقبل أيلون في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أول من أمس، مما يشير إلى أن تركيا صفحت عنه. فمبلوط هو من قادة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.

ومضى الاجتماع من دون التطرق بتاتا إلى حادثة إهانة السفير التركي في تل أبيب، التي تعمد أيلون خلالها الجلوس على مقعد أعلى من مقعد السفير، ولكنه بعد يومين اعتذر عن الحادثة، وقال إنه في المرة القادمة سيكون أكثر تأدبا ودبلوماسية في تصرفاته.

وبارك أيلون للدبلوماسي التركي، كابوستوغولو، على اختياره رئيسا للمجلس الأوروبي. وقال له إنه سعيد بوجود مسلم تركي في رئاسة المجلس لأول مرة منذ إقامته.

وعقد هذا اللقاء، في الوقت الذي كانت فيه الساحة السياسية الإسرائيلية تغلي بسبب التقرير السري في وزارة الخارجية، الذي كشفت تفاصيله صحيفة «هآرتس». فقد تبين أن كبار المسؤولين في الوزارة رفعوا تقريرا مطولا من سبع صفحات إلى اللجنة الوزارية السباعية التي أنشأها بنيامين نتنياهو لإدارة حكومته، لخصوا فيه أحداث الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين إسرائيل وتركيا في أعقاب تصرف أيلون المهين مع السفير التركي في تل أبيب.

وجاء في التقرير أن الرسالة التي أرادها من تصرفه المهين قد وصلت وحققت أهدافها. وأضاف «ربما تكون الإهانة قد جرحت تركيا وسيبقى أثرها لفترة طويلة، ولكن الهدف منها قد تغلغل في نفوس كبار المسؤولين الأتراك، بمن فيهم رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان. فقد أدركوا أنهم تجاوزوا الخطوط الحمراء مع إسرائيل، وأن مواقف تركيا المعادية لإسرائيل ستؤدي بهذه الدولة إلى خسارة إسرائيل، من جهة، وفقدان الشرعية في الساحة الدولية، من جهة ثانية».

ويصف التقرير تصريحات أردوغان ضد إسرائيل واتهامها بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، بأنها «لا سامية»، وتشجع على انتشار واتساع اللاسامية في تركيا. وهذا يهدد حياة اليهود في تركيا.

ويسلسل التقرير تصرفات أردوغان التي تدخل في باب اللاسامية، فيقول إنه يحرص باستمرار على دعوة رئيس تحرير صحيفة «فاكيت» التركية المعادية لليهود إلى رحلاته الخارجية بطائرته. وإنه يسمح للتلفزيون ببث مسلسلات معادية لإسرائيل واليهود. وإنه لا يفعل ذلك عبثا أو بشكل عاطفي بسبب أحداث الحرب الأخيرة على غزة، بل «إنه يتعمد هذا الهجوم النابع من قناعاته الآيديولوجية، ولأنه يستخدمه رافعة في سياسته لكسب العالم العربي والإسلامي بشكل عام، ويلهي شعبه في تركيا عن إخفاقات سياسته الاقتصادية الاجتماعية».

واعتبرت مصادر سياسية هذا التقرير دليلا آخر على نهج وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان ونائبه داني أيلون، الذي يدمر السياسة الخارجية الإسرائيلية. وقال النائب حايم أورون، رئيس حزب «ميرتس»، إن هذين السياسيين (ليبرمان وأيلون)، لا يستحقان المنصبين اللذين يتبوآنهما. فهما بدل أن ينهجا سياسة ودية تجمع دول العالم حول إسرائيل يتسببان في عزل إسرائيل، وتطفيش دول كثيرة عنها، وتجنيد المزيد من الأعداء لها. وطالب أورون رئيس الوزراء، نتنياهو، بإقالة ليبرمان وأيلون من الحكومة، أو على الأقل نقلهما إلى مراكز أخرى لا تسبب أضرارا للسياسة الخارجية والمصالح الوطنية الإسرائيلية.

ولكن الانتقادات على التقرير لم تقتصر على السياسيين، بل وصلت من السفارة الإسرائيلية في تركيا. فبعثت برسالة حادة اللهجة إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والوزير ليبرمان وكبار موظفيه، تقول فيها إن ما ورد في التقرير ليس صحيحا، ويصبغ تركيا وقيادتها بما هو ليس فيها. فلا توجد لا سامية بشكل منظم في تركيا، والسياسية التركية تجاه إسرائيل لا تتسم باللاسامية، وأردوغان ليس معاديا لإسرائيل، كما يقول التقرير، بل بالعكس، ففي زمنه تعززت العلاقات العسكرية والأمنية، باستثناء فترة الحرب على غزة، وفي السنة الماضية وصل التعاون التجاري بين البلدين إلى 3.5 مليار دولار، وهو رقم قياسي في تاريخ العلاقات بين البلدين، وهو ينتقد سياسة إسرائيل لكن من منطلق رغبته في رؤية إسرائيل بأفضل حال. وتركيا لم تغير موقفها التاريخي من اليهود، الذي يتسم بالحميمية.