مسؤولون أميركيون: 6 من أهم 15 قياديا في «القاعدة» باليمن قتلوا

مستشارون أميركيون يقدمون المساعدة للقوات اليمنية.. ومركز عمليات مشترك

رجال امن يمنيون خلال تفتيش امرأة في صالة الوصول بمطار صنعاء(رويترز)
TT

قال مسؤولون بارزون في الإدارة إن هيئات استخباراتية وفرقا عسكرية أميركية تشارك بقوة في عمليات مشتركة سرية مع القوات اليمنية تمكنت خلال الأسابيع الستة الأخيرة من قتل عشرات الأشخاص، من بينهم ستة من القادة الخمسة عشر البارزين داخل تنظيم إقليمي يتبع «القاعدة».

وتتضمن العمليات، التي وافق عليها الرئيس الأميركي باراك أوباما وبدأت قبل ستة أسابيع، العشرات من الجنود التابعين لقيادة العمليات الخاصة المشتركة السرية بالجيش الأميركي، وتسعى بالأساس إلى تعقب وقتل المشتبه ضلوعهم في أعمال إرهابية. ولا يشارك المستشارون الأميركيون في غارات داخل اليمن، لكنهم يساعدون في التخطيط للمهام وابتكار تكتيكات والإمداد بالسلاح والمؤن. ويجري تبادل معلومات استخباراتية حساسة مع القوات اليمنية، ومن بينها عمليات استطلاع مصورة وإلكترونية، بالإضافة إلى خرائط ثلاثية الأبعاد وتحليلات مفصلة عن شبكة تنظيم القاعدة.

وفي إطار العمليات، التي صدق عليها الرئيس أوباما، نُفذت ضربة في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) ضد مجمع يعتقد أن مواطنا أميركيا يدعى أنور العولقي كان يجتمع داخله مع قيادات إقليمية أخرى تتبع تنظيم القاعدة. وعلى الرغم من أنه لم يكن هدف الضربة وأنه لم يقتل، فقد أضيف إلى قائمة مختصرة لمواطنين أميركيين يستهدف قتلهم أو أسرهم من خلال قيادة العمليات الخاصة المشتركة، حسب ما قاله مسؤولون عسكريون. وتحدث المسؤولون، كما هو الحال مع آخرين أجريت معهم مقابلات لهذا المقال، شريطة عدم ذكر أسمائهم بسبب حساسية هذه العمليات.

ويقدم التعاون مع اليمن المثال الأكثر وضوحا حتى اليوم على جهود إدارة أوباما من أجل تعزيز عمليات مكافحة الإرهاب، ومن بينها أماكن خارج مناطق الحرب داخل العراق وأفغانستان. وقال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية عن التعاون مع اليمن «نحن سعداء جدا بالاتجاه الذي تسير إليه الأمور».

وكان أوباما قد أمر بزيادة وتيرة الضربات الصاروخية باستخدام طائرات تعمل من دون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية داخل باكستان، في سعي يهدف إلى قتل عناصر تنظيم القاعدة وحركة طالبان داخل المناطق القبلية التي يغيب عنها حكم القانون على امتداد الحدود مع أفغانستان. وقد كانت الضربات خلال العام الأول من إدارة أوباما مكثفة بدرجة أكبر من الضربات التي نفذت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، حسب ما قاله ضابط عسكري يقوم بتعقب هذه الهجمات.

كما أرسل أوباما قوات عسكرية أميركية إلى الصومال في إطار عملية بهدف قتل صالح علي نبهان، وهو مواطن كيني كان مستهدفا بسبب ضلوعه في تفجير وقع عام 2002 على فندق داخل كينيا يملكه إسرائيلي.

ويحاول مشرعون جمهوريون ونائب الرئيس السابق ريتشارد تشيني تصوير الرئيس الجديد على أنه متساهل فيما يتعلق بالإرهاب، بعد أن حظر استخدام وسائل الاستجواب القاسية التي سمح باستخدامها تحت إدارة بوش، وأعلن عن نيته إغلاق المعتقل الأميركي في خليج غوانتانامو، كوبا.

واعترض أوباما على هذين العنصرين ضمن برنامج مكافحة الإرهاب الذي تبناه بوش، لكنه تبنى فكرة أن الوسيلة الأكثر فعالية لقتل أو أسر عناصر «القاعدة» والتنظيمات التابعة لها تعتمد على التعاون مع شركاء آخرين، ومن بينها الدول التي لديها نظم ديمقراطية ضعيفة وسجلات سيئة لحقوق الإنسان ومساءلة ضعيفة حول الأموال التي تعطيها إليهم واشنطن للحصول على مشاركة مستمرة في هذه الجهود.

وبالنسبة للأوضاع داخل اليمن، قام مسؤولون بارزون بزيارة الرئيس اليمني، وكان من بينهم ويليام ماك رافن، قائد قيادة العمليات الخاصة المشتركة، ومستشار مكافحة الإرهاب بالبيت الأبيض جون برنان، وقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس.

وقال مسؤول يمني على اطلاع بالقضايا الأمنية إن البلدين يحافظان على «تعاون راسخ من أجل محاربة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، ولكن هناك قيودا واضحة على الدور الذي تلعبه أميركا في الميدان. ويعد تبادل المعلومات عنصرا مهما في تنفيذ عمليات ناجحة ضد الإرهاب خلال الفترة الأخيرة».

وداخل مركز عمليات مشترك تم بناؤه أخيرا، يعمل مستشارون أميركيون كوسطاء بين القوات اليمنية والمئات من ضباط الاستخبارات والجيش الأميركي الذين يعملون داخل واشنطن وفيرجينيا وتامبا وفورت ميدا بولاية ميريلاند، من أجل جمع وتحليل وتوجيه المعلومات الاستخباراتية.

وقد أدت الجهود المشتركة إلى أكثر من 24 غارة أرضية وضربات جوية، ويشك مسؤولون عسكريون واستخباراتيون في أن هناك عدة مئات من عناصر تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، وهو التنظيم الذي لديه صلات تاريخية مع تنظيم القاعدة الأم ولكن يعتقد أنه يعمل بصورة منفصلة.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مولن، أمام طلبة بكلية الحرب البحرية في مطلع يناير (كانون الثاني)، إن الولايات لم تكن لديها خطط لإرسال قوات مشاة إلى اليمن، وإنه شعر بقلق بسبب تزايد وجود «القاعدة» هناك «لمدة طويلة».

وأضاف مولن «لقد عملنا بجد من أجل تحسين علاقاتنا ودعمنا التدريبي والتعليمي وفي مجال الحرب القتالية. ومع ذلك ما زال أمامنا طريق طويل».

ويواجه الرئيس صالح ضغوطا من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى دول أخرى تدعم بلاده ماليا مثل السعودية والإمارات، من أجل الوصول إلى سيطرة أفضل على الحدود الشمالية التي يغيب عنها حكم القانون. وفي أغسطس (آب) طلب صالح من مسؤولين أميركيين البدء في محادثات مفصلة بدرجة أكبر بخصوص التعاون بين البلدين، وذلك حسب ما قاله مسؤولون في الإدارة. وكانت العملية الحالية نتيجة لهذه المحادثات. وقال المسؤول البارز «كان الرئيس صالح جادا بخصوص تعقب تنظيم (القاعدة) ولم يكن يعارض تشجيعنا».

ويعتمد تعزيز إدارة أوباما للعلاقات الاستخباراتية الثنائية على علاقات تم بناؤها عندما كان جورج تينيت يتولى منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، أقنع تينيت الرئيس صالح بشراكة تعطي وكالة الاستخبارات المركزية ووحدات عسكرية أميركية الوسائل التي تساعدها على الهجوم على معسكرات التدريب الخاصة بالإرهابيين وأهداف تابعة لتنظيم القاعدة. ووافق صالح على ذلك، ويعود هذا بصورة جزئية إلى أنه حسب أن بلاده سوف تكون الثانية على قائمة الغزو الأميركي، إذ إنها موطن أسلاف أسامة بن لادن، وذلك حسب ما أفاد به مستشار للرئيس اليمني.

وأعطى تينيت للقوات التابعة للرئيس اليمني مروحيات وأجهزة تنصت، وخصص 100 من عناصر القوات الخاصة للجيش لتدريب وحدة لمكافحة الإرهاب. وحصل أيضا على موافقة صالح كي تطير طائرات «بريداتور» من دون طيار عليها صواريخ هيلفير فوق اليمن. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، أدى هجوم صاروخي نفذته وكالة الاستخبارات المركزية إلى مقتل ستة عناصر تابعة لتنظيم القاعدة كانوا يقودون سيارة عبر الصحراء. وكان الهدف هو أبو علي الحارثي، منظم الهجوم على المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» عام 2000. وقتل معه مواطن أميركي يدعى كمال درويش، كانت وكالة الاستخبارات المركزية تعرف أنه داخل السيارة. وجذب الكلام حول تعمد وكالة الاستخبارات المركزية قتل درويش الانتباه إلى الطبيعة غير التقليدية للنزاع الجديد، وإلى مداولات قانونية سرية بخصوص مدى مشروعية قتل مواطن أميركي ومكانته من الناحية الأخلاقية.

وقال مسؤولون استخباراتيون وعسكريون إنه بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أعطى بوش وكالة الاستخبارات المركزية وبعد ذلك الجيش، صلاحية قتل مواطنين أميركيين خارج البلاد إذا وجدت أدلة قوية على أن أميركيا كان مشاركا في إعداد أو تنفيذ أفعال إرهابية ضد الولايات المتحدة أو المصالح الأميركية. ويجب أن ترتقي الأدلة إلى مقدار محدد. وعلى سبيل المثال، يجب أن يكون الشخص يمثل «تهديدا مستمرا وآنيا لأفراد أميركيين أو مصالح أميركية»، وفق تعبير مسؤول استخباراتي سابق.

وقد تبنت إدارة أوباما الموقف نفسه، فإذا انضم مواطن أميركي إلى تنظيم القاعدة «فإنه لا تغير عن موقف أننا سنقوم بالهجوم عليهم»، حسب ما قاله مسؤول بارز في الإدارة «إنه جزء من العدو».

وتوجد لدى وكالة الاستخبارات المركزية وقيادة العمليات الخاصة المشتركة قوائم بأسماء أفراد يطلق عليهم «أهداف عالية القيمة» و«أفراد ذوو قيمة عالية»، يسعون إلى قتلهم أو إلقاء القبض عليهم. وتضم قائمة قيادة العمليات الخاصة المشتركة ثلاثة أميركيين، منهم العولقي، الذي أضيف اسمه العام الماضي. وقبل أشهر عدة كانت قائمة وكالة الاستخبارات المركزية تضم ثلاثة مواطنين أميركيين، وقال مسؤول استخباراتي إن اسم العولقي أضيف حاليا. ويقول مسؤولون استخباراتيون إن الإمام الذي ولد في نيو مكسيكو تم الربط بينه وبين الطبيب النفساني بالقوات البرية المتهم بقتل 12 جنديا ومدنيا داخل «فورت هوود» بولاية تكساس، على الرغم من أن اتصالاته مع الميجور نضال حسن كانت ذات طبيعة أكاديمية إلى حد كبير. وتقول السلطات إن العولقي هو العضو المتحدث باللغة الإنجليزية الأكثر أهمية داخل «القاعدة»، وإنه كان على اتصال مع النيجيري المتهم بمحاولة تفجير طائرة أميركية في إجازة أعياد الميلاد.

وقال وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي في واشنطن الأسبوع الماضي إن الهدف الحالي لحكومته هو إقناع العولقي بالاستسلام كي يواجه تهما جنائية سببها اتصالاته مع متهم فورت هود. وأضاف الوزير أن القوات الأمنية داخل البلاد تتعقب العولقي، وأنها تعتقد حاليا أنه في محافظة شبوة الجنوبية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»