وزير الدولة للإعلام الأردني لـ«الشرق الأوسط»: حديث سحب الجنسية يتزامن مع مخططات شطب حق العودة للفلسطينيين

هيومان رايتس ووتش تدعو الأردن لوقف سحب الجنسية من ذوي الأصول الفلسطينية

أردنيان من أصل فلسطيني يغادران أمس شعبة التدقيق والمتابعة المسؤولة عن تجديد رخص الإقامة للفلسطينيين من مواطني الضفة الغربية (أ.ب)
TT

دعت منظمة هيومان رايتس ووتش الأميركية السلطات الأردنية أن تكف عن سحب الجنسية تعسفا من الأردنيين من أصول فلسطينية، إلا أن الحكومة الأردنية تقول: إن هذا الإجراء وسيلة لدحض أي خطط إسرائيلية في المستقبل لنقل السكان الفلسطينيين من الأراضي المحتلة في الضفة الغربية إلى الأردن.

نفت الحكومة أن «تكون هناك عمليات سحب ممنهجة للجنسية من مواطنين»، مؤكدة أن ما يجري هو «تصويب أوضاع بموجب قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية الصادر عام 1988». وشدد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأردني، نبيل الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» في رد على ما ورد في تقرير المنظمة، أن مجلس الوزراء هو الجهة الوحيدة بموجب القانون المخولة بسحب الجنسية وليس وزير الداخلية، مشيرا إلى أن قرار «التصويب» يأتي استجابة لمطالب الفلسطينيين والدول العربية.

وحض الشريف كل من يحمل تصريحا بما يعرف بـ«لم الشمل» بالإسراع لتجديده والمحافظة عليه للوقوف في وجه المخططات الإسرائيلية، متسائلا في ذات الأمر عن سر تزامن استعار الهجمة الشرسة على الأردن في الحديث عن سحب الجنسية، بالتزامن مع المخططات الرامية لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وتابع الشريف «نؤكد على ضرورة تمسك الفلسطيني بأرضه، وعدم إهدار فرصته بالمحافظة على هويته إذا كان يحمل بطاقة إحصاء، أو كان يقيم في الضفة الغربية عند صدور القرار».

وشدد الشريف أن الأردن مستمرة بتقديم كل أشكال الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطينيين للتمسك بهويتهم الفلسطينية، وذلك من خلال استمرار تطبيق «فك الارتباط».

وأبلغ أن الأردن سيظل يقاوم الطروحات التي تهدف إلى فرض حل قضية اللاجئين على حسابه قائلا: «نحن نقاوم ذلك خدمة لمصالح الأردن وفلسطين معا». وقال الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كريستوف ويلكي في هيومان رايتس ووتش: إن السلطات الأردنية جردت أكثر من 2700 مواطن أردني من جنسيتهم في الفترة بين 2004 و2008، واستمرت هذه الممارسة في عام 2009.

وأضاف ويلكي، في مؤتمر صحافي عقده أمس في عمان للإعلان عن تقرير المنظمة بعنوان «بلا جنسية من جديد»: الأردنيون من أصل فلسطيني المحرومون من الجنسية، الذي يعرض الأسلوب التعسفي بلا أي سند واضح من القانون، الذي تستخدمه السلطات الأردنية لحرمان مواطنيها من أصول تعود للضفة الغربية من جنسيتهم، مما يحرمهم من حقوق المواطنة الأساسية وكذلك من التعليم والرعاية الصحية.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش: «الحكومة الأردنية تُقحم السياسة في الحقوق الأساسية لآلاف المواطنين». وأشار التقرير أنه قد سحب المسؤولون الأردنيون الجنسية ظاهريا لإخفاق الأفراد في استصدار تصاريح إقامة سارية - إسرائيلية - بالضفة الغربية. لكن هذا الشرط من أجل المواطنة ليس له سند واضح في القانون الأردني. مثل هذه التصاريح معروف عنها أنها صعبة للغاية - إن لم تكن مستحيلة - نظرا لسياسات إسرائيل التقييدية على منح حق الإقامة بالضفة الغربية للفلسطينيين.

وقال ويلكي: «المسؤولون يسحبون الجنسية بشكل متعسف بالكامل». وتابع: «اليوم أنت أردني وغدا تتجرد من حقوقك كمواطن في بلدك». ويرى مراقبون أن الأردن أعلن فك الارتباط مع الضفة الغربية عام 1988 بعد إصرار منظمة التحرير الفلسطينية ومؤتمر القمة العربي في الرباط عام 1974، على حصر مسؤولية تمثيل الشعب الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية، حيث أعلن الملك الراحل الملك حسين بن طلال قرار الأردن بفك العلاقة القانونية والإدارية بين الضفتين.

وقال الملك الراحل الحسين بن طلال في 17 أغسطس (آب) 1988 في لقاء له مع الصحافيين: «إن جوازات السفر الأردنية ستبقى مع الأردنيين من أصل فلسطيني حتى يأتي اليوم الذي تقوم فيه الدولة الفلسطينية المستقلة».

ويحمل الفلسطينيون جوازات السفر الأردنية، فمن هذه الجوازات: ذات الرقم الوطني الذي يعتبر أردنيا من أصل فلسطيني، وهناك أبناء قطاع غزة فهم فلسطينيون لديهم جوازات سفر أردنية بدون أرقام وطنية، وأبناء الضفة الغربية الذين يحصلون على جوازات السفر الأردنية بدون أرقام وطنية ولديهم بطاقة الجسور الخضراء على أساس أنه فلسطيني مقيم في أراضي الضفة الغربية، وهناك فلسطينيون يحملون البطاقة الصفراء ولديهم جوازات سفر وفيها الأرقام الوطنية، وهؤلاء مقيمون في الأراضي الفلسطينية ويتنقلون بين الأردن والأراضي الفلسطينية. من جانبها قالت كوثر قواسمة: إن الجنسية سُحبت من أولادي وأحفادي ومجموعهم 30 شخصا، أصبحنا بلا جنسية قبل أكثر من عامين وهناك 12 طفلا بحاجة إلى تعليم، وكذلك منهم بحاجة إلى العمل أو الصحة أو شراء العقار أو غير ذلك والآن أصبحنا مهددين بمستقبلنا وتوجهنا إلى المسؤولين ولا أحد يسمعنا ليحل مشكلتنا. أما محمد رمضان 28 عاما من سكان ماركا الشمالية في عمان قال: سحبت مني الجنسية وأصبحت تائها فلا تستطيع تسيير شؤونك الحياتية بدون ذلك، وأنا الآن معي جواز سفر مؤقت، لا أستطيع العمل أو إصدار رخصة قيادة أو التعليم أو الدراسة في الجامعات الحكومية إلا في الجامعات الخاصة ذات الأقساط المرتفعة .

ويضيف: لا أستطيع تصويب وضعي من خلال إخراج تصريح لم الشمل لأن إسرائيل ترفض ذلك والآن لا أعرف ماذا يخبئ لي القدر .

ووفق ويلكه واستنادا إلى الإحصائيات التي زودته بها وزارة الداخلية فقد نحو 2750 شخصا جنسيتهم الأردنية خلال الفترة من العام 2004 وحتى نهاية 2008، في حين ثبتت الجنسية لأكثر من 91 ألف مواطن بعد أن استبدلت بطاقة الجسور خاصتهم من خضراء إلى صفراء خلال نفس الفترة. ووفق تعبير مديرية المتابعة والتفتيش فإن هؤلاء حافظوا على حقوق مواطنتهم في الأراضي الفلسطينية، واستمروا في تجديد وثائقهم الفلسطينية، وذلك بسبب تعليمات قرار فك الارتباط عليهم.

وتؤكد وزارة الداخلية أن سحب جنسية هؤلاء - وجمعيهم فلسطينيون - من أجل المحافظة على حقوقهم في فلسطين، مشيرة إلى أن اللجنة القانونية في المتابعة والتفتيش تدرس كل حالة على حدة، وتنظر بعين الاعتبار إلى الحالات الإنسانية استنادا إلى تعليمات وزير الداخلية. وأشار إلى أن الدائرة تمنح حملة البطاقات الصفراء ستة أشهر قابلة للتجديد لغايات تمكينهم من إعادة فتح تصاريح الاحتلال المنتهية، والمقصود بها لم الشمل وتصويب أوضاعهم، وأكثر الحالات التي ينطبق عليها قرار فك الارتباط هي انتهاء تصريح الاحتلال لم الشمل، أي فقدان حق المواطنة في الضفة الغربية بحسب قرار فك الارتباط.