مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: ميتشل طلب من الأوروبيين الضغط على أبو مازن لقبول العودة إلى طاولة المفاوضات

المبعوث الأميركي: حان الوقت ليتوقف الفلسطينيون عن اختلاق الأعذار

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر فرنسية رسمية واسعة الاطلاع أن جورج ميتشل، المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط، طلب من المسؤولين الفرنسيين والأوروبيين مؤخرا الضغط على رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، للاستجابة للمطلب الأميركي والعودة إلى طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين.

وقالت المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إن ميتشل بدا «متشددا» في موقفه من الجانب الفلسطيني، إذ اعتبر أنه «حان الوقت للتوقف عن إيجاد الأعذار» لرفض الجلوس مجددا إلى طاولة المفاوضات، بل إنه ذهب أبعد من ذلك، إذ اعتبر أن الفلسطينيين «مرتاحون» في وضعهم الحالي الذي يرونه أقل مخاطرة من الذهاب إلى مفاوضات غير مضمونة النتائج.

وعلمت «الشرق الأوسط» أيضا أن وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، «دافع» عن أبو مازن، ودعا ميتشل إلى أخذ «المخاطر» السياسية التي يعاني منها الرئيس الفلسطيني بعين الاعتبار، في حال قبوله المطلب الأميركي من غير الحصول على ضمانات مقبولة لجهة مآل المفاوضات والمهلة الزمنية التي ستجرى خلالها، وبالتالي اقترح كوشنير بأن تتم طمأنة الفلسطينيين من خلال إعلان واضح ينص على أن غرض المفاوضات هو الوصول إلى دولة فلسطينية خلال مهلة زمنية معقولة يمكن أن تصل إلى عامين، وتكون متوافقة مع الرؤية الأميركية الأساسية التي رأت أن قيام الدولة الفلسطينية يمكن أن يحصل مع نهاية ولاية الرئيس الأميركي الأولى.

واقترح كوشنير عدة «حلول» لهذا الإعلان بحيث يمكن أن يصدر في شكل قرار أو إعلان من مجلس الأمن أو من الرباعية الدولية أو من مؤتمر دولي، وهو ما تدعو إليه الرئاسة الفرنسية، غير أن ميتشل رفض هذه المخارج، كما رفض فكرة رسالة الضمانات الأميركية لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، وكانت النتيجة أنه عاد إلى موضوع المفاوضات غير المباشرة بوساطته مع تدابير ثقة على الأرض.

وبخصوص هذه النقطة بالذات، أفادت المصادر الفرنسية بأن الإسرائيليين قبلوا مقترحات ميتشل لجهة تحسين أوضاع الفلسطينيين ميدانيا عن طريق رفع الحواجز، ووقف العمليات العسكرية، وتحرير أعداد من السجناء الفلسطينيين، غير أنهم اشترطوا أن يكون «الثمن» عودة الفلسطينيين إلى التفاوض من غير تحديد «مستوى» المفاوضين، لكن فهم أن المفاوضات غير المباشرة ستكون على مستوى وزاري وليس على مستوى أبو مازن، وحتى الآن، لم يقل أبو مازن صراحة إنه «قبل» العرض الأميركي - الإسرائيلي، وقال لمن سأله عن قراره، إنه «يتشاور» فلسطينيا وعربيا ودوليا.

وسيحل أبو مازن بباريس يوم 22 فبراير (شباط) الحالي، وترى باريس أنه يتعين على أبو مازن قبول العرض الأخير، على الرغم من غياب الضمانات الدولية التي يريدها، مستندة في ذلك إلى قراءة الواقع الإسرائيلي والأميركي والدولي، والحجم الذي أخذ يحتله الملف النووي الإيراني، وهو ما «سيكشف الاهتمام الدولي بالنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي».

وترى باريس أن أمام الرئيس الأميركي باراك أوباما «عدة أشهر» للتحرك في الشرق الأوسط ولتحقيق شيء ما، إذ إن اقتراب الانتخابات النصفية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل «سيشل» قدرة أوباما على التحرك، وسيجعل همه يتركز على تفادي هزيمة سياسية داخلية كبرى، وبعد الانتخابات ستفتح معركة الرئاسة الأميركية، وسيهتم أوباما بتوفير شروط الفوز بها، ما يعني أنه سيكون غير قادر أو غير راغب في الضغط على إسرائيل، ولا على الكونغرس للحصول على التنازلات التي ترضي الفلسطينيين والعرب.

انطلاقا من ذلك، تدعو باريس الرئيس الفلسطيني إلى «الابتعاد عن الخطوة الناقصة»، وإلى قراءة الوضع الراهن بدقة، والتعاطي معه بذكاء، على الرغم من غياب «الضمانات» التي يريدها الجانب الفلسطيني.

وتعتبر أن باريس المفاوضات، مهما يكن الشكل الذي يمكن أن ترتديه، «أفضل من وضع الجمود الحالي»، فضلا عن أنها يمكن أن تفضي إلى «دينامية سلام» تدعو إليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وترى هذه المصادر أن مرجعية المفاوضات «معروفة»، وشكل الحل معروف، ولذا فإن المفاوضات لن تعود إلى نقطة الصفر، وبالتالي فإن التخوف الفلسطيني ليس مبررا بالكامل، ذلك أن الفلسطينيين «لن يكونوا وحدهم» على طاولة المفاوضات، كما أن الجانب الأميركي «وعد» بلعب دور نشط، ولن يكتفي بنقل الرسائل بين الجانبين.