إسرائيل تتقارب مع دول المحيط الهادي بعيدا عن الجدل السياسي وإشكالات الصراع في الشرق الأوسط

ميكرونيسيا المتحدة وجزيرة ناورو منحتا تل أبيب صوتين مستقلين في الأمم المتحدة

TT

وفقا للدبلوماسية الإسرائيلية، كانت العلاقات هادئة للغاية، لم يعكر صفوها أي من الجدالات السياسية أو الإشكالات التي تلحق بالدبلوماسيين والمسؤولين عادة إلى هنا. وكانت قيادات الدولة التي تزور البلاد تواقة للتجول في البلاد والاستماع إلى المسؤولين الإسرائيليين خلال الجلسات دون أن يطلبوا الالتقاء بالسلطة الفلسطينية في رام الله، أو كما يفعل البعض، دخول قطاع غزة.

واتخذت العلاقات بين إسرائيل وولايات ميكرونيسيا المتحدة، وجزيرة ناورو مؤخرا، رابطة خاصة، وهي العلاقات التي منحت إسرائيل صوتين مستقلين في الأمم المتحدة، ومنحت الدولتين الصغيرتين مصدرا للمساعدات الفنية والزراعية والصحية وغيرها من المساعدات. ومن جهته، يقول مايكل رونين السفير الإسرائيلي لدى عدد من دول جزر المحيط الهادي: «مبدؤنا أن نتواصل مع الدول كافة، سواء كانت صغيرة أم كبيرة، قريبة، أم بعيدة».

وبالرغم من أن هاتين الدولتين من أصغر دول العالم (يبلغ عدد سكان ميكرونيسيا 108 ألاف نسمة فيما يبلغ عدد سكان ناورو 15 ألفا)، فإن الأمم المتحدة، التي تنظر عادة في القرارات والقضايا المتعلقة بالصراع العربي - الإسرائيلي تتعامل مع صوتيهما مثل أصوات أي من الدول الأعضاء.

ويقول رونين: «لم يصوت في الأمم المتحدة سوى عدد قليل من البلدان لصالح إسرائيل. كان بعضها له ثقل كبير مثل الولايات المتحدة، وكان بعضها صغيرا للغاية».

وفي نهاية الرحلة التي استمرت خمسة أيام هنا، والتي ترعاها كل من اللجنة اليهودية - الأميركية، ووزارة الخارجية الإسرائيلية، قال مسؤولون من ميكرونيسيا وناورو إن دعمهم لإسرائيل هو دعم على المستويين السياسي والديني، مؤكدين أنه دعم ثابت على كلا المستويين. ونظرا لهيمنة الدول المسيحية عليهما قبل ذلك، تبدي كل من ميكرونيسيا وناورو تعاطفا مع عودة اليهود، وفقا لما قاله بعض أعضاء الوفد. وباعتبارهما أعضاء في الأمم المتحدة، كانت هاتان الدولتان، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، ضمن العدد القليل من الأصوات التي تستطيع إسرائيل حشدها.

ويقول إيمانويل موري، رئيس ميكرونيسيا: «تعد إسرائيل أقلية في الشرق الأوسط وهي تصارع من أجل البقاء. ونحن ليس لدينا أعداء بخلاف الطبيعة، فقد تعرضنا لإعصار التيفون وتمكنا من النجاة. ولكن فكرة أن تعيش ضمن جوار معاد لك ليس بالأمر الطيب. إننا نشفق عليهم». ومن جهته، قال موري، وهو يجلس مع باقي المجموعة في مطعم للمأكولات البحرية، فيما كانت الأمواج العاصفة تتكسر على الشاطئ، وهو مشهد مألوف، إن قرار إسرائيل المبكر بمساندة انضمام ميكرونيسيا إلى الأمم المتحدة قبل عامين ساعد على تعزيز العلاقات. ومن جهته، يقول كيرين كيكي، وزير خارجية ناورو: «إن تأييد إسرائيل أمر صائب على المستوى الأخلاقي. ولأننا بعيدون عن الشرق الأوسط، فإن مواطنينا ليسوا ذوي صلة بذلك الصراع الأمني، ونحن نتعامل مع دورنا في الأمم المتحدة بجدية. فنحن نشعر أن إسرائيل لا ينظر إليها على نحو عادل في عالم الآراء السياسية».

ومن جهة أخرى، فإن الدبلوماسيين الإسرائيليين صقلتهم المعركة؛ حيث إنهم معتادون على مواجهة الانتقادات اللاذعة لما تمارسه دولتهم من سياسات ضد الفلسطينيين، بالإضافة إلى الحرب التي شنتها خلال العام الماضي على قطاع غزة. كما أن إسرائيل تلقت تحت قيادة وزير الخارجية المولع بالقتال، أفيدور ليبرمان، مقاربة لا تحمل أي تسامح؛ فقد دخلت في نزاع مع تركيا والسويد بشأن العروض التلفزيونية، والموضوعات الصحافية التي اعتبرتها مناهضة للسامية، وتحدت المسؤولين الأوروبيين الذين اعتبرتهم منفتحين أكثر من اللازم على الحوار مع الجماعات المسلحة مثل حزب الله وحماس. وفي الوقت الذي كان فيه وفد دول المحيط الهادي يتجول في البلاد، كان وزير الخارجية الإسرائيلي يخبر تشارلز ميشال، وزير التنمية الدولية البلجيكي أنه ليس مسموحا له الذهاب إلى قطاع غزة، لأن ذلك سوف يمنح الشرعية لحركة حماس. ولكن مايكل قال إنه كان يتمنى أن يفحص المشاريع التي كانت بلاده تمولها واعتبر رفض دخوله «غير طبيعي».

ولكن توجه إسرائيل تجاه ميكرونيسيا وناورو يتعلق بالقوى الناعمة، وهو الشيء الذي كان واضحا خلال الأيام القليلة الماضية بعدما أرسلت قوات الدفاع الإسرائيلية على وجه السرعة فريقا من الأطباء الميدانيين إلى هايتي. وبالإضافة إلى زيارة المواقع الدينية، والتي قال موري إنها كانت موحية على نحو خاص، حضر الوفد اجتماعات حول الطاقة المتجددة، وسياسات إدارة المياه، وغيرها من القضايا التي تعتبرها دول المحيط الهادي فائقة الأهمية، خاصة في ظل المخاوف المتعلقة بالتغير المناخي، وارتفاع مستوى سطح البحر.

كما أرسلت إليهم إسرائيل خبراء للتشاور حول محاصيل الموالح في المنطقة وتقنيات الري، وأرسلت أيضا فنيين طبيين لتوفير التدريب على العلاج الإشعاعي، ووفرت منحا دراسية بالجامعات الدراسية الإسرائيلية. وبالطبع، ليست هناك منح مقابلة، ولكنه ليس مفاجئا إذن أن تكون كل من ميكرونيسيا وناورو، خلال قرارات الأمم المتحدة السنوية التي تنتقد إسرائيل، من الأعضاء الدائمين لما يطلق عليه الدبلوماسيون الإسرائيليون «أقليتهم الأخلاقية».

* خدمة «نيويورك تايمز»