تصاعد حدة التوترات بين تنظيمي المالكي والحكيم.. وقادة الحزبين يتبادلون الاتهامات

المجلس الأعلى يؤكد أن انتقاداته تستهدف أداء الحكومة.. وقيادي في «الدعوة» لـ«الشرق الأوسط»: تسقيط سياسي يسبق الانتخابات

TT

شهدت العلاقة بين أبرز حزبين شيعيين في العراق، الدعوة الإسلامية، بزعامة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، والمجلس الأعلى الإسلامي، بزعامة عمار الحكيم، مؤخرا توترات تصاعدت حدتها في الآونة الأخيرة مع اقتراب الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في الس ابع من مارس (آذار) المقبل.

وتجلى ذلك في حدة التصريحات والانتقادات التي أخذ الطرفان يتبادلانها. ووجه قياديون في المجلس الأعلى انتقادات حادة مؤخرا إلى المالكي متهمين إياه بـ«الانفراد» بالقرار الحكومي، فيما يتهم حزب الدعوة الطرف الآخر بمحاولة «التسقيط السياسي» لشخصية المالكي للتأثير على شعبيته في الانتخابات.

وقد يبدو هذا الأمر عاديا بين أي حزبين متنافسين في الانتخابات، لكن الأمر ليس كذلك مع حزبين شيعيين كانا يعتبران الأبرز من بين الأحزاب التي عارضت النظام العراقي السابق، ويمتازان بعلاقات استراتيجية تمتد لعقود من الزمن، وكانا حتى الأمس القريب أقوى شريكين في العملية السياسية، التي خاضاها ضمن «الائتلاف العراقي الموحد» الحاكم، الذي حصد أغلبية مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2005.

وظهرت أول مؤشرات الخلاف بين الطرفين بعد تسلم عمار الحكيم رئاسة المجلس الأعلى خلفا لوالده، الراحل، عبد العزيز الحكيم، الذي توفي العام الماضي، وقرار المالكي خوض الانتخابات بمعزل عن شريكه المجلس الأعلى، وتشكيل ائتلاف دولة القانون الذي ضم كتلا وشخصيات بعضها سنية وعلمانية.

وربما يعود تصدع العلاقة بين الطرفين إلى زمن أبعد من ذلك بقليل، عندما خاض حزب الدعوة الانتخابات المحلية التي جرت بداية العام الماضي ضمن ائتلاف دولة القانون بعيدا عن قائمة شهيد المحراب التي شكلها المجلس الأعلى. وحقق المالكي فوزا ساحقا في محافظات العراق الجنوبية، بينما تراجعت مقاعد المجلس الأعلى إلى حد كبير.

وعلى الرغم من أن أغلب قيادات حزب الدعوة والمجلس الأعلى يؤكدون أن «العلاقة بينهما وطيدة وقوية، ويمكن أن يشكلا جبهة بعد الانتخابات» فإن المراقب للأحداث يجد أن هناك صراعا على تقاسم السلطات القادمة.

واتهم نائب الرئيس العراقي والقيادي في المجلس الأعلى، عادل عبد المهدي، في تصريحات صحافية، المالكي، بـ«الانفراد في حكم البلاد وعزل بقية الأحزاب التي أوصلته إلى الحكم»، كما كشف عن أنه دعا «أكثر من مرة» إلى سحب الثقة من الحكومة الحالية. لكن مكتب عبد المهدي عاد وأصدر توضيحا حول الموضوع، وقال في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن عبد المهدي قال حول نية سحب الثقة عن حكومة المالكي «أحيانا نعم وأحيانا لا، أحيانا كنت أقول إن هذه الحكومة يجب أن تحاسب برلمانيا. في أحيان أخرى كنت أقول الظروف غير مناسبة رغم أن الحكومة تقوم بأخطاء. فبالتالي هذه مسألة كما يحصل في كل دول العالم، في كل عالم السياسة هناك بحث مستمر في الموقف من الحكومة، وأعتقد يجب أن يكون هناك بحث مستمر من قبل الحكومة»، وأضاف «منذ البداية، أنا كنت من المناصرين دائما لأن تكون هناك استجوابات لرئيس الجمهورية ولنواب رئيس الجمهورية ولرئيس مجلس الوزراء وللوزراء كافة من قبل مجلس النواب. للأسف الشديد الصفقات الداخلية منعت من هذه الاستجوابات والمساءلات مما عطل الى حد كبير دور مجلس النواب في المراقبة».

ومن جانبه، أكد الشيخ جلال الدين الصغير، القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي، أن تصريحاته الأخيرة ليست موجهة لحزب الدعوة، بل للأداء الحكومي «غير المرضي» على حد تعبيره.

وكان الصغير قد قال في وقت سابق إن المالكي لا يمثل الائتلاف العراقي الموحد.

وأوضح الصغير لـ«الشرق الأوسط» أن «أداء الحكومة كان ضعيفا خلال الفترة الماضية، ونحن لسنا راضين عن هذا الأداء».

وقال الصغير «ما يهمنا في المجلس الأعلى هو الأداء وخدمة المواطنين، وعدم استشارة الآخرين في اتخاذ القرارات هي وراء الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة».

غير أن قياديين في حزب الدعوة يرون أن تلك الانتقادات تستهدف المالكي وليس الحزب أو الحكومة، وقال سامي العسكري، القيادي في حزب المالكي، لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون ليس لديهما مرشح لرئاسة الوزراء غير المالكي، وهذا ما يجعل الآخرين يعتبرونه منافسا قويا عليهم تسقيطه في هذه الفترة».

وقال العسكري إن «حكومة المالكي لم تتشكل من حزب الدعوة لوحده، حتى يقال إنه يتفرد بالسلطة، وإن المالكي لا يمكنه أن يصدر قرارا واحدا من دون أن يتم التصويت عليه من قبل الوزراء في حكومته، ومنهم أربعة وزراء من مرشحي المجلس الأعلى الإسلامي، وعلى رأسهم وزير المالية الذي تعتبر وزارته عصب الحياة للحكومة»، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى الإسلامي رشح عددا من الشخصيات بينها عبد المهدي لشغل منصب رئاسة الحكومة القادمة، وأن كل ما يجري الآن يأتي في سياق الحملات الانتخابية.