تضارب حول مصير زعيم طالبان باكستان

الاستخبارات تدرس التقارير وتدعو لانتظار النتائج

TT

استمرت أمس حالة التضارب حول مصير زعيم طالبان باكستان حكيم الله محسود بعد ورود تقارير أمس أفادت بأنه ربما قتل في قصف صاروخي أميركي.

وكان التلفزيون الرسمي الباكستاني قد ذكر أمس أن محسود جرح في قصف نفذته طائرة أميركية دون طيار في 14 يناير (كانون الثاني) في منطقة وزيرستان الجنوبية القبلية المضطربة، وتوفي الأسبوع الماضي في مستشفى خاص. ونقل التقرير عن مصادر محلية لم يشِر إلى اسمها أن زعيم المسلحين دفن في منطقة أوراكزاي حيث يعيش بعض أقاربه، إلا أن وزير الداخلية الباكستاني رحمان مالك أعلن اليوم أن الحكومة لا تمتلك دليلا دامغا «في هذه اللحظة» يمكنها من تأكيد التقرير. وأضاف: «وكالاتنا الاستخباراتية تدرس التقارير، ودعونا ننتظر النتائج».

ونفى أحد قادة طالبان أمس الشائعات التي تحدثت عن وفاة محسود، واعتبرها «تأتي في إطار الحملة الدعائية الرخيصة» التي تنظمها الحكومة الباكستانية. وقال القائد الذي طلب عدم ذكر اسمه: «لا يزال حيا وبصحة جيدة، أؤكد لكم.. وسنثبت هذا قريبا، إما برسالة صوتية أو بدعوة عدد مختار من الصحافيين للقائه». واختير محسود، الذي يعتقد أنه في بداية الثلاثينات من عمره، زعيما لحركة طالبان باكستان التي تضم تحت لوائها أكثر من 12 فصيلا مسلحا بعد مقتل سلفه بيت الله محسود في قصف جوي مشابه في أغسطس (آب) الماضي. وكانت تكهنات بمقتل محسود ترددت أول مرة يوم 14 يناير عقب هجوم لطائرة أميركية دون طيار في إقليم وزيرستان الشمالية الذي يتاخم أفغانستان، ولكن كشفت طالبان عن رسالتين صوتيتين لمحسود خلال أيام لتثبت أن محسود ما زال على قيد الحياة. كما ظهر محسود أيضا في رسالة وداع فيديو للعميل الأردني المزدوج الذي فجر نفسه في قاعدة أميركية في أفغانستان يوم 30 ديسمبر (كانون الأول)، مما أدى إلى مقتل سبعة من رجال المخابرات الأميركية.

وتكثف الولايات المتحدة عمليات القصف في المنطقة القبلية منذ هذا التفجير الذي هز الثقة في الشبكة الاستخباراتية الأميركية. والتمكن من قتل محسود سيشكل نجاحا كبيرا للولايات المتحدة التي كثفت هجماتها بالطائرات دون طيار في باكستان بعدما تبنى محسود التفجير في 30 ديسمبر، الذي أدى إلى مقتل خمسة عملاء من «سي آي إيه» وموظفين اثنين في جنوب شرقي أفغانستان. وقال الناطق باسم حركة طالبان الباكستانية عزام طارق: «سنصدر قريبا شريط فيديو يظهر أنه على قيد الحياة».

وأوضح مسؤولون باكستانيون أنهم يسعون إلى تأكيد تقارير مختلفة حول احتمال مقتله، نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» وبثت على التلفزيون الرسمي الباكستاني أول من أمس. وقال مسؤول كبير في الاستخبارات إن «التقرير مثير للارتياب، ونحن لسنا متأكدين منه ونحقق في الأمر. نحاول الحصول على تأكيد». وكانت بعض التقارير أشارت إلى أن محسود أصيب بجروح حين استهدف صاروخ أطلقته طائرة دون طيار منطقة شاكتوي في وزيرستان الشمالية في 14 يناير، وبحسب بعض المعلومات فإنه قد يكون نقل مسافة أكثر من مئة كلم إلى أوراكزاي في منطقة القبائل الباكستانية لتلقي العلاج الطبي، لكن مسؤول الاستخبارات قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن الطبيب المعني بهذا الأمر نفى أن يكون عالج محسود. وأضاف: «قد تكون مناورة من محسود. يحتمل أن يكون التقرير وزع لتحويل الانتباه الأميركي لأنه تجري ملاحقته باستمرار ويتم استهدافه من قبل طائرات الاستطلاع الأميركية».

وباكستان التي تنفي اتهامات الولايات المتحدة بأنها لا تبذل جهودا كافية لضرب طالبان و«القاعدة» على أراضيها، وضعت جائزة بقيمة 50 مليون روبية (600 ألف دولار) مقابل الوصول إلى محسود. وقال الخبير في شؤون القبائل رحيم الله يوسفزاي إن قيام التلفزيون الباكستاني الرسمي ببث تقرير يقول إن محسود دفن في أوراكزاي، أعطى التقرير أهمية أكبر، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن هذه المنطقة تعتبر ثغرة في مجال الاستخبارات. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «أوراكزاي منطقة قبلية، ليس فيها حكومة ولا جيش. والعسكريون ليست لديهم إمكانات للتحقق، والسكان المحليون خائفون من طالبان ولا يتحدثون». وأضاف يوسفزاي: «من المحتمل أن يكون (محسود) أصيب، لكن لا شيء محسوم. وسيبقى الموضوع مثار جدل إلى أن تقر طالبان» بمقتله.

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» أوردت أن مسؤولين باكستانيين وأميركيين أصبحوا على قناعة أكبر بأن محسود توفي متأثرا بإصابته بالضربة الصاروخية من طائرة دون طيار، رغم أنهن ليس لديهم الدليل على ذلك. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية في واشنطن إن تقارير الاستخبارات اقتربت من نتيجة نهائية مؤكدة بنسبة 90% بأن محسود توفي متأثرا بإصابته في الضربة الصاروخية التي نفذت في 14 يناير. وأضافت الصحيفة أنه من المعتقد أن محسود دفن في منطقة القبائل الباكستانية التي تحظى بشبه حكم ذاتي، والتي يعتبرها المسؤولون الأميركيون مقرا لتنظيم القاعدة.

وتولى محسود قيادة حركة طالبان الباكستانية بعد مقتل سلفه بيت الله محسود في ضربة صاروخية نفذتها طائرة أميركية دون طيار في أغسطس الماضي. وحركة طالبان الباكستانية تبنت مسؤولية عدة هجمات أوقعت آلاف القتلى في أنحاء باكستان خلال عامين ونصف العام.